شعر الشيخ زايد الحكيم

أشعار الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان

الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، هو أحد أبرز الشخصيات التي ساهمت في نهضة بلاده ووضعها على خريطة العالم كدولة ذات تأثير إقليمي ودولي. ورغم انشغاله بالسياسة والتنمية، كان للشيخ زايد جانب آخر لا يقل أهمية، وهو الجانب الأدبي والشعري. فقد كان شاعرًا حساسًا ومؤثرًا، وامتازت أشعاره بالحكمة والصدق، إضافة إلى عمق الفكر وروح النبل التي شكلت جزءًا من شخصيته الفذة.

1. نشأة الشيخ زايد وارتباطه بالشعر

نشأ الشيخ زايد في قلب الصحراء، حيث تأثر بالأجواء القاسية والطبيعة القوية التي أفرزت شخصية صلبة وعميقة التفكير. لم يكن الشعر في تلك البيئة مجرد هواية، بل كان وسيلة للتعبير عن الأحاسيس والمشاعر، وأداة لحفظ تاريخ القبائل واحتياجاتهم. ومن هنا كان للشيخ زايد اتصال وثيق بهذه التقليد العربي العريق.

كانت علاقته بالشعر فطرية، إذ كان منذ صغره يستمع إلى قصائد كبار الشعراء في قبيلته والقبائل المجاورة. فالشعر في ثقافة الإمارات كان له دور كبير في التواصل الاجتماعي والاحتفاظ بالذاكرة الجماعية للقبائل. وقد تلقى الشيخ زايد ثقافته الشعرية بشكل غير مباشر من خلال الموروث الشعبي الذي كان يحيط به، وهو ما أثر في تشكيل ذائقته الأدبية والشعرية.

2. خصائص شعر الشيخ زايد

يشتهر شعر الشيخ زايد بعدة خصائص تميزه عن شعراء آخرين في المنطقة، أبرزها:

• الحكمة والعمق: كانت أشعار الشيخ زايد تعكس فكرًا حكيمًا ورؤية واضحة حول الحياة والمستقبل. كان شعره يغلب عليه الطابع الحكمي، فالكلمات التي استخدمها كانت تعبر عن تجارب حياة غنية بالعبر والمواقف.

• التركيز على القيم العربية الأصيلة: كانت أشعار الشيخ زايد تعكس القيم العربية الأصيلة مثل الكرم والشجاعة والوفاء، فضلاً عن الحرص على الأخلاق العالية والتعاون بين أفراد المجتمع. لم يكن شعره مجرد كلمات، بل كان دعوة للعمل بالمبادئ الأخلاقية التي آمن بها.

• الاهتمام بالوطن: كثيرًا ما كانت أشعار الشيخ زايد تتناول موضوعات الوطن والتضحية من أجل الأرض والشعب. كان يعبر عن حبه العميق للإمارات، وكان يركز على أهمية الوحدة بين الإمارات السبع، ويعتبرها ركيزة من ركائز التنمية الوطنية.

• البساطة في الأسلوب: رغم أن شعره عميق وذو معانٍ كبيرة، إلا أن أسلوبه كان بسيطًا وواضحًا، ما جعله قريبًا إلى قلب القارئ والمستمع. كانت كلماته سهلة الفهم، لكنها تحمل في طياتها معانٍ كثيرة وعميقة.

3. مضمون أشعار الشيخ زايد

تدور أغلب أشعار الشيخ زايد حول مواضيع متنوعة مثل الوطنية، الأسرة، الحكم الرشيد، والإنسانية. كما كان يولي أهمية خاصة للتاريخ والتراث العربي. ومن أبرز الموضوعات التي تناولها في أشعاره:

أ. الوطن والانتماء

كان للشيخ زايد حب عميق لوطنه الإمارات، ولقد تجلى ذلك بوضوح في العديد من قصائده. لم يكن يكتفي بذكر حب الوطن فقط، بل كان يعبر عن رؤيته في تطويره ورفعة شأنه على الساحة الدولية. ففي قصيدته الشهيرة “وطننا” يعبر عن هذا الحب بقوة قائلاً:

“وطننا عزه فوق الأيادي

يا سليل المجد، يا نور البلاد”

كانت هذه الأبيات بمثابة دعوة لجميع أبناء الإمارات للعمل من أجل رفعة وطنهم، كما أظهرت ارتباطه الوثيق بالأرض والشعب.

ب. القيم والمبادئ

الشيخ زايد كان يؤمن بأن المبادئ السامية هي التي تقود الأمم إلى الازدهار. في قصائده، كان كثيرًا ما يردد القيم الأخلاقية مثل الصدق والشجاعة والوفاء، ويحث أبناء شعبه على تمسكهم بهذه القيم التي تشكل النسيج الاجتماعي للدولة. ففي إحدى قصائده يقول:

“الشجاعة في القلب لا في السلاح

والصدق نور، ما يمشي معاه”

ج. الإنسانية والعدل

كان للشيخ زايد موقف إنساني بحت في معظم أشعاره. فقد كان يشدد على العدالة والمساواة بين الناس، ويحث على التضامن بين الشعوب. في قصيدته التي تتناول موضوع العدالة، يقول:

“العدل في الدنيا ميزان الحياة

والحق له مكان بين الناس”

كان الشيخ زايد دائمًا يدعو إلى العدل في معاملة الجميع، بغض النظر عن الدين أو العرق أو المكانة الاجتماعية، وهو ما جعل أشعاره مصدر إلهام للكثيرين.

د. الأسرة

الشيخ زايد كان يحب عائلته كثيرًا، وكان يولي أهمية كبيرة للعلاقات الأسرية. في شعره، كان يذكر الأسرة كركيزة أساسية في بناء المجتمع الإماراتي. كان يؤمن بأن الوحدة الأسرية هي حجر الزاوية لأي نهضة أو تطور، وأن الأسرة هي النواة التي ينطلق منها المجتمع نحو الاستقرار والازدهار.

4. أثر شعر الشيخ زايد على المجتمع

كان لشعر الشيخ زايد تأثير كبير على المجتمع الإماراتي والعربي بشكل عام. فقد كانت أشعاره بمثابة مرشد أخلاقي ودعوة للعمل الجاد من أجل مصلحة الوطن والشعب. وارتبطت أشعار الشيخ زايد بجوانب عدة من الحياة الإماراتية، مثل الثقافة والسياسة والتعليم. كما كانت تحفز الشباب على التفوق في مجالاتهم المختلفة.

علاوة على ذلك، كان الشيخ زايد يلقي بعض قصائده في المناسبات الوطنية والاجتماعية، مما جعلها جزءًا لا يتجزأ من الفلكلور الشعبي في الإمارات. كان المواطنون يستمعون إلى قصائده في الاحتفالات والمهرجانات، ويتناقلونها فيما بينهم، فتصبح هذه الأشعار جزءًا من الذاكرة الوطنية.

5. الخاتمة

بالتأكيد، يمكن القول إن شعر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كان أحد الأعمدة التي ساعدت في بناء الهوية الثقافية للإمارات. فقد جمع بين الحكمة والتاريخ والفكر الإنساني، وقدمها بطريقة محببة للجميع، سواء من خلال الأبيات التي ألقاها في المناسبات الرسمية أو من خلال تلك التي رددها المواطنون في حياتهم اليومية. إن أشعار الشيخ زايد كانت ولا تزال رمزًا للأصالة والعطاء والتفاني في سبيل الوطن، وستظل مصدر إلهام للأجيال القادمة في كل مكان.