شرح سورة البروج للأطفال

شرح سورة البروج للأطفال

سورة البروج من السور المكية التي أنزلها الله تعالى على نبيه محمد ﷺ في مكة المكرمة، وهي السورة الخامسة والثمانون في ترتيب المصحف الشريف، وتحتوي على 22 آية قصيرة، لكنها شديدة التأثير في النفس، وتعلم الطفل الكثير من المعاني الإيمانية العظيمة كالثبات على الدين، والصبر على الأذى، وأن الله يرى كل شيء، ولا يغيب عنه شيء مهما صغر. كما تُبرز السورة معاني العدل الإلهي، وأن كل إنسان سيحاسب على أعماله يوم القيامة.

في هذا المقال سنقوم بشرح سورة البروج للأطفال بأسلوب مبسط وميسر، مع توضيح أهم المفردات والمعاني، وربطها بالقيم الحياتية والسلوكية التي ينبغي غرسها في الطفل.

مقدمة تعريفية بسورة البروج

اسم السورة مأخوذ من أول آية فيها: “وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ”. وكلمة “البروج” تعني الأماكن المرتفعة أو النجوم العظيمة التي تظهر في السماء. وذكر الله تعالى هذه النجوم ليُقسم بها، وهو أمر يدل على عظمتها، لأن الله لا يُقسم إلا بشيء عظيم. والمقصود من القسم أن يُلفت أنظارنا إلى أمر هام.

السورة تتحدث عن قصص من الماضي، وتسلّط الضوء على جماعة من المؤمنين الذين تعرضوا لتعذيب شديد لأنهم آمنوا بالله، لكنها تُعلّمنا أنهم ربحوا في النهاية، لأنهم ثبتوا على الإيمان، بينما خسر الظالمون رغم قوتهم، لأنهم كانوا يعصون الله.

شرح الآيات آية آية للأطفال

الآيات (1-3):

وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ۝ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ ۝ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ

الله يبدأ السورة بالقسم بثلاثة أمور عظيمة:

• السماء ذات البروج: أي السماء التي فيها نجوم عظيمة تشبه القلاع الضخمة في شكلها وعلوها.

• اليوم الموعود: هو يوم القيامة، اليوم الذي وعدنا الله أنه سيأتي، ليحاسب الناس.

• شاهد ومشهود: أي أن هناك من يشهد، وهناك من يُشهد عليه. مثلاً: الإنسان يشهد، والملائكة تشهد، والأرض تشهد، وأعمالنا تشهد علينا.

هذه الآيات تجعل الطفل يدرك أن كل شيء محفوظ، وأن الله يعلم كل ما يحدث في الدنيا.

الآيات (4-7):

قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ۝ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ ۝ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ ۝ وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ

هذه الآيات تحكي قصة حقيقية مؤلمة:

• الأخدود هو حفرة عظيمة في الأرض، أشعل فيها الكفار ناراً كبيرة.

• هؤلاء الكفار عذبوا المؤمنين بأن ألقوهم في النار، فقط لأنهم آمنوا بالله.

• كانوا يجلسون ليراقبوا هذا التعذيب، بلا رحمة، وكانوا يفرحون بأذية المؤمنين.

هذه الآيات تعلم الطفل أن هناك أشخاصاً في التاريخ ظلموا غيرهم، ولكن الله لا يترك الظالم دون عقاب.

الآية (8):

وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ

الظالمون لم يكرهوا المؤمنين لشيء سيء، بل فقط لأنهم قالوا “نحن نؤمن بالله”. وهذا يعلم الطفل أن الثبات على الدين مهم، حتى لو تعرض الإنسان للأذى، لأن الإيمان بالله هو الحق.

الآيات (9-10):

الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ۝ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ

هذه الآيات تذكر بأن الله يملك كل شيء في الكون، ويرى كل شيء يحدث، ويعلم من يظلم ومن يُظلم.

الذين عذبوا المؤمنين ولم يندموا أو يتوبوا، سيكون مصيرهم النار، وهذا عدل من الله.

الآيات (11-12):

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ۝ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ

هنا وعد الله للمؤمنين: أن من يؤمن ويعمل الخير، سيدخل الجنة، وهذه هي أعظم جائزة.

ثم يُحذر الله الظالمين بأن عقابه شديد، وأن الله يستطيع أن ينتقم ممن يؤذي الناس.

الآيات (13-14):

إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ ۝ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ

الله هو الذي بدأ خلق الإنسان أول مرة، وهو الذي يعيده بعد الموت للحساب.

لكن الله أيضاً رحيم ومحب لعباده، يغفر لمن يتوب ويعود إليه، وهذه رسالة أمل للأطفال، بأن الله ليس فقط شديد العقاب، بل أيضًا كثير الرحمة لمن يرجع إليه.

الآيات (15-18):

ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ ۝ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ۝ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ ۝ فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ

الله هو صاحب العرش العظيم، ويفعل ما يشاء بحكمة وعدل.

ثم يذكّرنا الله بقصص قديمة مثل فرعون الذي ظلم بني إسرائيل، وقوم ثمود الذين كذبوا نبيهم، وكانت نهايتهم الهلاك.

هذه القصص تؤكد أن مصير كل ظالم هو الهلاك، مهما طال به الزمن.

الآيتان (19-22):

بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ ۝ وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ ۝ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ۝ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ

الله يبين أن الكفار لا يزالون يكذبون الحق، لكن الله يعلم ما يفعلون، ولا يمكنهم الهروب من عدله.

ثم يخبرنا الله أن هذا القرآن عظيم، محفوظ في لوح محفوظ، لا يضيع، ولا يمكن تغييره، وهذا دليل على أن القرآن كتاب الحق الذي يجب أن نتمسك به.

جدول توضيحي للمفردات المهمة للأطفال

الدروس المستفادة للأطفال من سورة البروج

1. الثبات على الإيمان: حتى في وقت الشدة والأذى، المؤمن لا يتخلى عن إيمانه.

2. الله يرى كل شيء: لا يضيع عند الله شيء، فهو يعلم الظالم والمظلوم.

3. جزاء المؤمنين الجنة: من يعمل الصالحات ويصبر، سيدخل الجنة التي فيها نعيم لا يوصف.

4. الظالم مصيره العذاب: مهما كان قوياً في الدنيا، فإن مصيره إلى جهنم إذا لم يتب.

5. القرآن محفوظ: كتاب الله لا يتغير، وهو هداية لكل من يطلب الحق.

خاتمة

سورة البروج تُعد من السور القوية في معانيها التربوية، وتُغرس في نفس الطفل قيم الشجاعة والثبات على الدين، كما تُشعره بعظمة الله وعدله ورحمته. يجب تعليم الطفل أن الإيمان الحقيقي يظهر في أوقات الشدة، وأن الله لا يترك من يتمسك به، بل يجازيه خير الجزاء. هذه السورة تربي النفوس الصغيرة على الحق، والصدق، والصبر، وتبني شخصية قوية مؤمنة بالله وثقة بعدله.

المراجع:

• تفسير السعدي، عبد الرحمن بن ناصر السعدي.

• تفسير ابن كثير، إسماعيل بن عمر بن كثير.