فيلم Shazam! Fury of the Gods: مواجهة الآلهة في قلب الكون السينمائي لـ DC

يشكّل فيلم “Shazam! Fury of the Gods” إنتاج عام 2023 محطة محورية في تطور عالم الأبطال الخارقين التابع لشركة DC، حيث يقدم مزيجًا نادرًا من المغامرة، الفانتازيا، الكوميديا والدراما العائلية في آن واحد. يستكمل الفيلم قصة المراهق بيلي باتسون وأشقائه بالتبني الذين يمتلكون قدرة استثنائية على التحول إلى أبطال خارقين بمجرد نطق كلمة “شازام!”، لينطلقوا هذه المرة في مواجهة تهديد غير مسبوق من بنات أطلس، واللاتي يسعين إلى استعادة قواهن الإلهية من خلال استخدام سلاح قادر على تدمير العالم.

السياق العام للفيلم وتطور القصة

يبدأ الفيلم بعد فترة من أحداث الجزء الأول “Shazam!” (2019)، حيث يتأقلم بيلي وأخوته مع قواهم الخارقة. إلا أن الحياة اليومية والاختلافات الشخصية والتحديات العاطفية بينهم كأبناء بالتبني تضعهم أمام اختبارات حقيقية تتجاوز حدود القوة الخارقة.

تتغير مجريات الأمور بشكل جذري مع ظهور بنات أطلس: هيسبيرا (هيلين ميرين)، كاليبسو (لوسي ليو)، وأنتيا (راشيل زيجلر)، وهن كائنات نصف إلهية يسعين لاستعادة ما يعتبرنه حقًا مسلوبًا من عالمهم الإلهي، تحديدًا القوة التي ورثها بيلي وإخوته من المعالج القديم “شازام”. تسعى الأخوات الثلاث إلى استعادة “بذرة الحياة”، وهي سلاح أسطوري يمكن أن يعيد توازن العوالم أو يدمرها تمامًا.

يتصاعد الصراع تدريجيًا ليكشف الفيلم عن مجموعة من المعاني حول المسؤولية، النضج، التضحية، ومفهوم العائلة الحقيقية، حيث يجد بيلي نفسه مجبرًا على اتخاذ قرارات صعبة بين الحفاظ على تماسك أسرته وبين إنقاذ العالم.

العمق الدرامي والتطور النفسي للشخصيات

رغم انتمائه إلى فئة أفلام الأبطال الخارقين، إلا أن “Shazam! Fury of the Gods” يبرع في تقديم معالجة درامية واقعية لشخصياته. يظهر ذلك جليًا في شخصية بيلي باتسون، الذي يُعاني من مخاوف النضج وفقدان العائلة مجددًا، وهو ما يعكسه أداء آشر أنجل في شخصية بيلي وزاكاري ليفاي في صورة “شازام” البالغ.

أما بقية الأشقاء، مثل فريدي فريمان (جاك ديلان غريزر)، فيُظهر تطورًا ملموسًا، حيث يتحول من الشخصية الهزلية إلى شاب مسؤول، يقع في حب أنتيا دون أن يعلم أنها إحدى بنات أطلس، ما يضيف بُعدًا عاطفيًا وإنسانيًا معقدًا في خضم الفوضى.

من ناحية أخرى، تميزت شخصية هيسبيرا بأداء عميق من هيلين ميرين، التي منحت دورها بعدًا تراجيديًا غير معتاد في هذا النوع من الأفلام، حيث لم تكن مدفوعة فقط بالرغبة في الانتقام، بل بالإيمان بعدالة قضيتها. وبالمثل، فإن لوسي ليو بدور كاليبسو قدّمت صورة شريرة أكثر تقليدية، لكنها فاعلة ضمن التصاعد السردي للأحداث.

الجانب البصري والتقني

تولى الإخراج ديفيد ف. ساندبرغ، الذي أظهر مرة أخرى براعته في الجمع بين التأثيرات البصرية المتقنة والسرد الروائي المتماسك. تم تصوير الفيلم بإنتاج ضخم قُدّر بحوالي 125 مليون دولار، وظهر ذلك جليًا في جودة المشاهد القتالية، المؤثرات الرقمية، واستخدام عناصر الأساطير الإغريقية بشكل مرئي مبهر.

استخدم الفيلم رموزًا أسطورية معروفة كالدرع، التنين، وعصا المعالج، وقد أعاد توظيفها ضمن سياق معاصر دون الإخلال برمزيتها التاريخية. مشاهد المعارك النهائية التي تدور وسط مدينة مدمّرة بينما يتقاتل شازام مع تنين عملاق، شكلت ذروة بصرية تستحق الثناء.

كما أن اختيار الألوان، الإضاءة، والمؤثرات الخاصة ساهم في خلق توازن بين الطابع الطفولي للكوميديا والطابع الجاد للمخاطر المحيطة، وهو تحدٍّ لم يكن بسيطًا بالنظر إلى تعدد النغمات التي يتعامل معها الفيلم.

السرد والحبكة: من الفكاهة إلى الأسطورة

نجح الفيلم في الحفاظ على روحه الفكاهية كما في الجزء الأول، لكنه أضاف طبقة أعمق من الرمزية من خلال استحضار الأساطير الإغريقية، ما جعل الصراع يبدو وكأنه يتمحور بين عالمين: عالم البشر وعالم الآلهة.

ومع ذلك، لم يتخلَ الفيلم عن لمسته الكوميدية، سواء من خلال مواقف “شازام” الطريفة وسخريته الدائمة من الواقع، أو من خلال التفاعل العفوي بين الأشقاء، الذي يذكر المشاهد دومًا بأنهم في الأصل مراهقون يتعلمون كيف يكونون أبطالًا.

وقد وُظّفت هذه المفارقة لصالح الحبكة، حيث يُظهر الفيلم أن القوة الخارقة لا تعني النضج، بل العكس، فالحكمة تأتي من التجربة، ومن خوض المعارك الداخلية قبل الخارجية.

جدول مقارنة بين الشخصيات الأساسية

الأداء التجاري وردود الفعل

بلغت إيرادات الفيلم العالمية حوالي 133 مليون دولار، وهو رقم متواضع نسبيًا مقارنة بتكلفة الإنتاج، ما يعكس تحديات واجهها الفيلم من حيث التسويق أو توقيت الطرح. عانى الفيلم من كونه جزءًا من عالم سينمائي بدأ يتفكك في تلك الفترة، خاصة مع تغييرات جذرية في إدارة DC Studios.

رغم ذلك، تلقى الفيلم آراء متباينة من النقاد، حيث أُشيد بالجانب الترفيهي، التوازن بين الكوميديا والدراما، وبأداء الممثلين الكبار، إلا أن البعض انتقد الحبكة لتكرارها بعض عناصر أفلام سابقة واعتمادها على النمط التقليدي في البناء السردي.

الإضافات والربط بالعالم الموسع لـ DC

تضمّن الفيلم عدة إشارات إلى الكون الموسع لـ DC، أبرزها ظهور غال غادوت بشخصية “المرأة المعجزة”، مما أضفى طابعًا ملحميًا في نهاية الفيلم وأكد على ربط شازام بالعالم الأكبر. كما ظهر كل من جنيفر هولاند وستيف إيجي في أدوار ثانوية ضمن إطار وكالة الأبطال، في ربط مباشر بمسلسل “Peacemaker”.

تضمنت مشاهد ما بعد النهاية (post-credit scenes) تلميحات لاحتمالات ضم شازام إلى فريق “Justice Society”، وهو ما ترك الباب مفتوحًا أمام احتمالات مستقبلية، رغم أن مصير هذه السلسلة لا يزال غامضًا ضمن خطة DC الجديدة بقيادة جيمس غان.

خاتمة تحليلية

يمثّل “Shazam! Fury of the Gods” تجربة سينمائية غنية، تجمع بين روح الدعابة والدراما العائلية والخيال الأسطوري، في محاولة للبحث عن هوية ذاتية داخل كون DC المتغير. لم يكن الهدف فقط تقديم مغامرة خارقة، بل أيضًا إعادة تعريف مفاهيم البطولة والنضج والعائلة.

يعكس الفيلم رؤية أكثر إنسانية للأبطال الخارقين، حيث لا يأتي النضج من القوة فقط، بل من القدرة على الاعتراف بالضعف، التضحية من أجل الآخرين، والتمسك بالحب وسط فوضى العالم. وبينما قد لا يكون الفيلم الأعلى إيرادًا أو الأبرز تقنيًا في تاريخ أفلام الأبطال الخارقين، إلا أنه يظل أحد أكثرها دفئًا وإنسانية.

المراجع:

• Box Office Mojo. “Shazam! Fury of the Gods – Financial Summary.”

• The Hollywood Reporter. “’Shazam! Fury of the Gods’ Review: A Sequel Full of Heart and Humor.”