سنن الرسول للأطفال: أفعال عظيمة تزرع في نفوس الصغار القيم والمبادئ
لقد كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم، نموذجاً عظيماً في حياته، ليس فقط للكبار بل وللأطفال أيضاً. سنن الرسول للأطفال تعتبر نبراساً يهتدي به الآباء والمربون لتوجيه صغارهم إلى الطريق المستقيم. فعندما نغوص في سيرته العطرة، نكتشف أن النبي الكريم قدوة في كل جوانب الحياة: من العبادات إلى المعاملات، ومن السلوكيات اليومية إلى كيفية التعامل مع المواقف المختلفة. في هذا المقال، نستعرض بعض من سنن النبي التي يمكن للأطفال أن يتعلموا منها ويتبعوها في حياتهم اليومية.
1. الوضوء والصلاة
الوضوء والصلاة هما من أهم السنن التي يمكن للأطفال تعلمها منذ صغرهم، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث على تعليم الأطفال الصلاة والوضوء في سن مبكرة. فقد ورد في الحديث الصحيح: “مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر” (رواه أبو داود).
إن تعويد الأطفال على الوضوء والصلاة ليس فقط تعليماً عبادياً بل هو أيضاً تدريب على النظام والانضباط، حيث يعلمهم النظافة الشخصية والاهتمام بالوقت. والطفل الذي ينشأ على الوضوء خمس مرات في اليوم، ويشعر بقدسية الصلاة، يكون قد زرع في نفسه بذور العبادة والانضباط التي تثمر مع مرور الوقت.
2. إلقاء السلام
من السلوكيات التي يحبها الرسول صلى الله عليه وسلم وكان يُحرص على تعليمها للأطفال إلقاء السلام على من حولهم. فقد ورد في الحديث النبوي الشريف: “لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم” (رواه مسلم).
تعليم الأطفال إلقاء السلام على الآخرين يغرس فيهم قيمة الاحترام والود تجاه الناس. فإلقاء السلام هو بمثابة هدية معنوية تجعل الشخص يشعر بالراحة والأمان، وهذه سنة عظيمة يمكن غرسها في نفوس الأطفال.
3. الصدق
الصدق من أهم الصفات التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على تعليمها للأطفال. فقد ورد في الحديث: “عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة” (رواه مسلم).
إن تعليم الطفل الصدق يعني أن يكون مرآة للأخلاق النبيلة التي يعكسها في جميع تصرفاته. هذا الأمر يتطلب من الآباء أن يكونوا قدوة لأطفالهم في قول الحق والعمل به، حتى يعتاد الطفل على أن يكون صادقاً في كل أقواله وأفعاله.
4. بر الوالدين
من أعظم السنن النبوية التي يمكن للأطفال تعلمها من النبي صلى الله عليه وسلم هو بر الوالدين. فقد أكد النبي على أهمية هذا الفعل في العديد من الأحاديث. ومن أشهرها قوله صلى الله عليه وسلم: “رغم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه” قيل: “من يا رسول الله؟” قال: “من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة” (رواه مسلم).
تعليم الطفل احترام والديه وطاعتهما منذ الصغر يساهم في بناء علاقة قوية بين الطفل ووالديه، ويغرس فيه قيمة العرفان بالجميل والشكر للأشخاص الذين يقدمون له الحب والعناية.
5. الرحمة بالحيوانات
كان النبي صلى الله عليه وسلم مثالاً في التعامل الرحيم مع الحيوانات، وأوصى بذلك. فقد ورد في الحديث: “دخلت امرأة النار في هرة حبستها حتى ماتت، لا هي أطعمَتها ولا هي سقتها” (رواه البخاري). هذا الحديث يوضح كيف أن الرحمة بالحيوانات أمر مهم، وأن الله سبحانه وتعالى يحاسب على طريقة تعاملنا مع مخلوقاته كافة.
لذلك، يجب تعليم الأطفال كيفية التعامل بلطف ورحمة مع الحيوانات، سواء كانت حيوانات أليفة أو حتى الحيوانات البرية. هذا يزرع فيهم قيمة الرحمة والتعاطف مع جميع المخلوقات.
6. الكرم والعطاء
كان النبي صلى الله عليه وسلم من أكثر الناس كرماً وعطاءً، وقد علم الأطفال أهمية الكرم والتصدق على الآخرين. فقد قال صلى الله عليه وسلم: “من لا يشكر الناس لا يشكر الله” (رواه الترمذي).
إضافة إلى ذلك، كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحفز الأطفال على العطاء منذ سن مبكرة. تعليم الأطفال أهمية العطاء يساعدهم على تنمية حس المسؤولية تجاه الآخرين، ويعزز لديهم مشاعر التضامن مع المجتمع.
7. التواضع
من السنن النبوية التي يمكن للأطفال تعلمها هي التواضع. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في غاية التواضع رغم عظمته. كان يأكل مع الناس، ويجلس معهم، ويتواضع حتى في أحاديثه وأفعاله.
إن تعليم الأطفال التواضع من أهم وسائل بناء شخصياتهم بشكل صحيح. التواضع لا يعني الخضوع بل هو الاعتراف بحقوق الآخرين واحترامهم، وهو من القيم التي تزرع في الطفل حب الناس واحترامهم.
8. أهمية الوقت
من السنن التي يمكن أن يتعلمها الأطفال من النبي صلى الله عليه وسلم هي استثمار الوقت بشكل فعال. فقد كان صلى الله عليه وسلم يُنظم وقته بشكل رائع بين العبادة والعمل والراحة.
يمكن للأطفال أن يتعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم أهمية تخصيص أوقات للعب وأوقات للدراسة وأوقات للراحة، وكيفية تنظيم وقتهم بشكل يعينهم على النجاح والراحة في حياتهم.
9. الاعتناء بالجسم والصحة
كان النبي صلى الله عليه وسلم يهتم بصحته البدنية بشكل كبير، حيث كان يحرص على الرياضة المعتدلة مثل ركوب الخيل والرمي. كان يُشجع أصحابه على تناول الطعام الصحي، وكان يحرص على نظافة الجسم.
تعليم الأطفال أهمية العناية بالصحة والجسم منذ سن مبكرة يساعدهم في بناء عادة صحية تدوم معهم طوال حياتهم. كما يمكن تعليمهم العناية بالأسنان، وتناول الطعام المتوازن، والحفاظ على النشاط البدني.
10. الاحترام والتقدير للكبار
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل كبار السن والمشايخ بالاحترام والتقدير، وكان يعبر عن ذلك في العديد من المواقف. فقد كان يخصص وقتاً للاستماع إلى آراء كبار السن، ويُظهر لهم الاحترام في حديثه وتصرفاته.
يجب تعليم الأطفال احترام الكبار سواء كانوا من الأسرة أو من المجتمع، وهذا ينمي لديهم حس المسؤولية ويدفعهم لاحترام القيم الاجتماعية.
11. التعاون والمساعدة
من السنن التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث عليها هي التعاون ومساعدة الآخرين. فقد كان يساعد أصحابه في الأعمال اليومية، مثل حمل الطعام والماء، وكان يُشجع الأطفال على مساعدة أقرانهم وأسرهم في الأعمال المنزلية.
هذا يعزز في الأطفال قيمة التعاون والعمل الجماعي، مما يجعلهم أكثر استعداداً للمساهمة في المجتمع بشكل إيجابي.
12. الحلم والصبر
كانت إحدى خصال النبي صلى الله عليه وسلم البارزة هي حلمه وصبره في مواجهة التحديات. كان يعلم أصحابه والأطفال حوله كيف يمكن التحكم في الغضب والتمسك بالصبر في المواقف الصعبة.
تعليم الأطفال الحلم والصبر يساعدهم في التعامل مع المواقف الصعبة والتحديات الحياتية بطريقة إيجابية، ويعلمهم كيفية التحكم في مشاعرهم.
13. التعليم والتعلم
كان النبي صلى الله عليه وسلم يُشجع على العلم، وكان يتعامل مع الأطفال بشكل تربوي في تعليمهم القرآن الكريم والسنة النبوية. كان يعلم الأطفال أن العلم هو السبيل للنمو الشخصي والتطور في الحياة.
تعليم الأطفال أن طلب العلم أمر عظيم في الإسلام يساعدهم على تكوين عقلية متفتحة وقادرة على التعلم والاستفادة من الحياة.
خاتمة
إن سنن الرسول صلى الله عليه وسلم للأطفال لا تقتصر على مجرد أفعال وعادات يومية، بل هي قيم عظيمة تزرع في الأطفال المبادئ النبيلة التي تساهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك. فبتعليم هذه السنن، نساعد الأطفال على أن يصبحوا أفراداً صالحين في المجتمع، قادرين على مواجهة تحديات الحياة بمبادئ الأخلاق والإنسانية التي حث عليها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
