4 أمور عليك عدم فعلها في المطارات وعلى الطائرة

تُعد تجربة السفر الجوي من التجارب المتكررة والمألوفة للكثيرين، ومع ازدياد حركة الطيران وتوسع شبكات المطارات حول العالم، بات من الضروري أن يتحلى المسافرون بقدر عالٍ من الوعي والمسؤولية، سواء في المطارات أو على متن الطائرة. فبعض السلوكيات، وإن بدت بسيطة أو عفوية، قد تؤدي إلى تعطيل الرحلة، إزعاج الآخرين، أو حتى التسبب في مشكلات أمنية خطيرة. في هذا المقال، نغوص بعمق في أربعة سلوكيات جوهرية يجب تجنبها تمامًا أثناء وجودك في المطارات أو على متن الطائرة، مستعرضين أسبابها، أضرارها، والأطر التنظيمية المرتبطة بها، إلى جانب الأبعاد النفسية والاجتماعية التي قد لا تكون مرئية للعين المجردة.

1. تجاوز قواعد الأمن والسلامة

الخلفية التنظيمية والقانونية

تُعد سلطات أمن المطار من الجهات السيادية التي تخضع لقوانين صارمة تتعلق بحفظ الأمن القومي ومكافحة التهديدات الجوية. أي سلوك ينطوي على عدم احترام لهذه القواعد قد يُفسر على أنه تهديد أمني، حتى وإن لم يكن كذلك في نية المسافر. من بين أبرز مظاهر تجاوز قواعد الأمن:

• إدخال مواد ممنوعة داخل الأمتعة اليدوية (سوائل بكميات زائدة، أدوات حادة، بطاريات غير مسموح بها… إلخ).

• محاولة تجاوز نقاط التفتيش بدون إذن أو استجابة لأوامر عناصر الأمن.

• التعليق بعبارات “مازحة” تتعلق بالقنابل أو الأسلحة.

هذه السلوكيات يمكن أن تؤدي إلى منعك من السفر، فرض غرامات مالية، أو حتى احتجازك لدى الجهات المختصة. وتشير بيانات “إدارة أمن النقل الأمريكية (TSA)” إلى أن آلاف المسافرين يتم توقيفهم سنويًا بسبب تجاوزات مماثلة.

البعد النفسي والاجتماعي

في كثير من الحالات، يرتكب المسافرون هذه الأخطاء بدافع الاستعجال أو التوتر، ما يؤدي إلى تفاعل سلبي مع طاقم الأمن. إلا أن البيئة الأمنية في المطارات تتطلب الانضباط الكامل، حيث أن الأطر الزمانية والمكانية تضيق على فرص التفاهم والتسامح. كذلك، فإن مخالفة القواعد في مطار ما قد تترتب عليها عواقب على مستوى عالمي، كون معلومات المخالفات تُشارك بين الأنظمة الأمنية للدول.

2. التصرف بوقاحة مع الطاقم أو المسافرين

السلوكيات التي تندرج تحت هذا البند

يواجه طاقم الطائرة يوميًا تحديات متعددة، بدءًا من التعامل مع الركاب، مرورًا بإدارة الخدمة، وصولًا إلى التدخل في حالات الطوارئ. إلا أن بعض الركاب يتصرفون بطريقة غير لائقة تعرقل أداء الطاقم، مثل:

• التحدث بصوت مرتفع أو الجدال المستمر مع الطاقم.

• تجاهل التعليمات مثل ربط الحزام أو إغلاق الهاتف المحمول.

• التعامل بفوقية أو عنصرية مع الركاب الآخرين أو أفراد الطاقم.

التأثيرات القانونية والتجارية

وفقًا لاتفاقية شيكاغو للطيران المدني الدولي، فإن قائد الطائرة يمتلك صلاحيات شبه قضائية في الجو، وله الحق في اتخاذ إجراءات قانونية تجاه الركاب غير المنضبطين، بما في ذلك التقييد أو تسليمهم للسلطات عند الهبوط. وقد ينتج عن هذه التصرفات:

• الإدراج في القائمة السوداء لشركات الطيران.

• مواجهة دعاوى مدنية أو جنائية.

• إلغاء تذاكر السفر دون تعويض.

التداعيات الاجتماعية

الرحلة الجوية تُعد بيئة مغلقة يصعب فيها الفرار من التأثيرات النفسية السلبية للسلوكيات المزعجة. يتسبب الراكب الفوضوي في رفع مستوى التوتر على متن الطائرة، ما يؤدي إلى إزعاج العائلات، كبار السن، أو حتى الأطفال، وينعكس ذلك على تجربة السفر بشكل عام.

3. استخدام الهاتف المحمول في الأوقات غير المسموح بها

الجانب الفني والتقني

رغم أن معظم الطائرات الحديثة أصبحت مزودة بأنظمة حماية متقدمة تمنع التداخلات الترددية، فإن استخدام الأجهزة الإلكترونية في توقيتات غير مناسبة، خاصة أثناء الإقلاع والهبوط، لا يزال يمثل خطرًا على توازن النظام الإلكتروني للطائرة. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى:

• تداخل الإشارات مع أنظمة الملاحة الجوية.

• إرباك عمليات التواصل بين الطيارين وبرج المراقبة.

• تعطيل الإجراءات الأمنية.

الالتزام بالتعليمات

غالبًا ما يتجاهل الركاب الإعلانات المتكررة حول إيقاف الأجهزة الإلكترونية أو تحويلها إلى “وضع الطيران”، ظنًا منهم أن الأمر غير مهم. غير أن هذا التجاهل يُعد انتهاكًا مباشرًا للتعليمات، وقد يؤدي إلى:

• توجيه إنذارات للركاب المخالفين.

• تحرير تقارير ضد الراكب المخالف.

• احتجاز الأجهزة في بعض الحالات.

التأثير الثقافي والاجتماعي

أصبح الهاتف المحمول امتدادًا شخصيًا للإنسان المعاصر، ومع ذلك، فإن احترام المساحات الزمنية والمكانية التي يُمنع فيها استخدام هذه الأجهزة هو تعبير عن احترام البيئة الجمعية. وفي بيئة الطائرة، حيث يعتمد النظام على الانضباط الجمعي، يصبح أي انحراف فردي تهديدًا عامًا.

4. التقاط الصور أو تسجيل الفيديوهات في المناطق المحظورة

الاعتبارات الأمنية والقانونية

التقاط الصور أو تسجيل الفيديوهات داخل مناطق التفتيش أو على مدرجات الطائرات أو أثناء صعود الركاب يُعد خرقًا مباشرًا للقوانين المنظمة لأمن الطيران. في عدد من الدول، يُصنّف هذا السلوك ضمن “جرائم أمن الدولة”، خاصة في الحالات التالية:

• تصوير رجال الأمن أو الأجهزة الأمنية.

• تصوير إجراءات التفتيش أو مداخل غرف العمليات.

• تصوير الركاب الآخرين دون إذن.

العواقب القانونية

تتراوح العقوبات من التنبيه اللفظي إلى:

• مصادرة الأجهزة الذكية.

• فرض غرامات تصل إلى آلاف الدولارات.

• الإدراج في قواعد بيانات أمنية.

وفي بعض الحالات، قد تُمنع من دخول البلد الذي حدثت فيه المخالفة، وتُضاف ملاحظات على ملفك الأمني العالمي، ما يعيق سفرك مستقبلاً.

التبعات الأخلاقية والاجتماعية

من غير المقبول أخلاقيًا تصوير أشخاص دون إذنهم، حتى إن لم يكن هناك قانون صريح يمنع ذلك. في بيئة المطار أو الطائرة، يتوقع الجميع قدرًا من الخصوصية والاحترام. والأخطر من ذلك هو نشر مثل هذه الفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما قد يعرض الآخرين للسخرية أو التشهير دون وجه حق، ويضع المصوِّر تحت طائلة قوانين حماية الخصوصية.

جدول مقارنة بين السلوكيات الأربع وعواقبها

خاتمة تحليلية

تمثل تجربة السفر الجوي انعكاسًا لانضباط الفرد داخل جماعة منظمة، ضمن نظام عالمي قائم على التنسيق والضبط الدقيق لكل التفاصيل. وبينما تُعتبر المطارات والطائرات فضاءات للتنقل، فإنها في الواقع بيئات عالية الحساسية تتطلب من المسافر سلوكًا مسؤولًا لا يقل في أهميته عن حمل جواز السفر أو حجز التذكرة. إن إدراكك لأهمية احترام القواعد، والتزامك بالأخلاق العامة، وامتناعك عن التصرفات المذكورة في هذا المقال، لا يضمن فقط سلامتك، بل يساهم في خلق تجربة سفر إنسانية وآمنة لجميع من يشاركونك الرحلة.

المراجع

• International Civil Aviation Organization (ICAO): Annexes on Aviation Security

• Transportation Security Administration (TSA): Annual Behavior Detection Reports