سلوكيات خاطئة تؤثر على تغذية الطفل

السلوكيات الخاطئة للأمهات أثناء تناول الطفل للطعام

إن تناول الأطفال للطعام ليس مجرد عملية تزويدهم بالوقود الحيوي اللازم للنمو، بل هو أيضاً فرصة لتعلم عادات غذائية صحية واكتساب علاقة صحية مع الطعام. ولكن، قد تقع بعض الأمهات في سلوكيات خاطئة أثناء تقديم الطعام لأطفالهن، مما قد يؤثر سلباً على نمو الطفل، سواء من الناحية الجسدية أو النفسية. في هذا المقال، سنستعرض أهم السلوكيات الخاطئة التي قد تقوم بها الأمهات أثناء تناول الأطفال للطعام، وتأثيراتها المحتملة، بالإضافة إلى كيفية تجنبها.

1. الضغط على الطفل لإنهاء الطعام

واحدة من أكثر السلوكيات شيوعًا هي الضغط على الطفل لإنهاء طعامه، حتى وإن لم يكن جائعًا أو راضيًا عن طعمه. هذا السلوك قد يظهر على شكل عبارات مثل: “أنت لم تأكل كفاية، انتهي من طعامك!” أو “إذا لم تأكل الآن، فلن يكون لديك وقت لاحق”.

التأثيرات السلبية:

• يمكن أن يؤدي ذلك إلى مشاكل في العلاقة مع الطعام، حيث يبدأ الطفل في الشعور بالإجبار على تناول الطعام بدلاً من الاستماع إلى إشارات جسمه الداخلية. قد يتسبب هذا في تجاوز مشاعر الشبع، مما يزيد من خطر الإصابة بالسمنة في المستقبل.

• كما قد يؤدي هذا السلوك إلى تجنب الطعام أو الطعام الصحي بشكل خاص، مما يعزز من اختيار الأطعمة غير الصحية التي يشعر الطفل بالراحة في تناولها.

2. استخدام الطعام كمكافأة أو عقاب

من أسوأ السلوكيات التي قد تمارسها الأمهات هي استخدام الطعام كأداة للمكافأة أو العقاب. قد تشجع بعض الأمهات أطفالهن على تناول الطعام أو إنهاءه عن طريق وعدهم بمكافأة معينة (مثل الحلوى أو اللعب). بالمقابل، قد يُستخدم الطعام كعقاب عن طريق منعه إذا تصرف الطفل بطريقة غير مرغوب فيها.

التأثيرات السلبية:

• قد يتسبب هذا في تشكيل علاقة غير صحية مع الطعام. فيصبح الطفل يعتمد على الطعام للحصول على مكافآت عاطفية أو لتجنب العقوبات.

• يمكن أن يؤدي إلى تفضيل الأطفال للأطعمة الغنية بالسكريات والدهون، مما يزيد من خطر الإصابة بالعديد من المشكلات الصحية مثل السمنة وأمراض القلب.

3. الانشغال خلال وقت الطعام

تشمل هذه السلوكيات انشغال الأم بأمور أخرى أثناء تناول الطعام مثل التحدث عبر الهاتف، أو القيام بأعمال منزلية، أو مشاهدة التلفزيون، مما يقلل من انتباهها للطفل أثناء الوجبة. وعندما لا تحصل الأم على التفاعل المباشر مع طفلها أثناء تناول الطعام، فإنها تفوت فرص تعزيز عادات غذائية صحية.

التأثيرات السلبية:

• يفقد الطفل جزءاً من التجربة الاجتماعية والتربوية المرتبطة بتناول الطعام. فالتفاعل مع الأمهات أثناء الطعام يساهم في تعليمه كيفية تناول الطعام ببطء، وكيفية الاستماع إلى إشارات الجوع والشبع.

• قد يصبح الطعام مجرد روتين ممل وغير ممتع بالنسبة للطفل.

4. التحكم الزائد في نوعية الطعام

بعض الأمهات قد يبالغن في اختيار نوعية الطعام الذي يقدمونه لأطفالهن، بحيث يعارضن بشكل قاطع تناول أي نوع من الطعام لا يتناسب مع معاييرهن الخاصة. فمثلًا، قد ترفض الأم تقديم الحلوى أو الأطعمة التي تحتوي على السكر بشكل نهائي، معتقدةً أنها بذلك تحمي صحة الطفل.

التأثيرات السلبية:

• قد يؤدي هذا إلى زيادة تمسك الطفل بالأطعمة التي تم منعها، مما يشجع على تناولها بشكل مفرط عندما يُسمح بها.

• يشكل هذا السلوك عائقًا أمام الطفل لتعلم التوازن الغذائي، ويجعله يربط الطعام بمنظومة العقاب والمكافأة، ما قد يسبب اضطرابات في علاقته مع الطعام.

5. إجبار الطفل على تناول طعام لا يحبونه

أحيانًا ما يُجبر الأطفال على تناول الأطعمة التي لا يحبونها، تحت ضغط جملة “يجب أن تأكل هذا لأنك بحاجة إليه”. هذا السلوك يمكن أن يتسبب في مقاومة الطفل للطعام المقدم له.

التأثيرات السلبية:

• قد يؤدي إلى نفور الطفل من أنواع معينة من الطعام إذا تم تقديمها بشكل مستمر وبإجبار.

• يؤدي ذلك إلى تراجع شهيته بشكل عام، مما يجعله يرفض تناول الطعام بشكل عام.

• يُقلل من قدرة الطفل على اتخاذ قراراته الغذائية بأنفسه.

6. التقليل من أهمية الوجبات العائلية

قد تعتقد بعض الأمهات أن تناول الطعام مع الأسرة ليس بالضرورة أمرًا مهمًا، فتُقدم الطعام بسرعة وتترك الطفل يتناول الطعام بمفرده أو مع أشخاص آخرين.

التأثيرات السلبية:

• الوجبات العائلية هي فرصة رائعة للتواصل بين أفراد الأسرة. عدم توفير هذه الفرصة للطفل يمكن أن ينعكس سلبًا على تطوره الاجتماعي والعاطفي.

• قد تؤدي هذه العادة إلى أن يتناول الطفل طعامه بشكل عشوائي أو سريع دون الاستمتاع أو التركيز على طعامه، مما يؤثر على قدرة الطفل على تناول كميات مناسبة من الطعام.

7. الاعتماد المفرط على الوجبات الجاهزة

قد تلجأ بعض الأمهات إلى تقديم الوجبات الجاهزة أو السريعة لطفلها بسبب الوقت المحدود أو الراحة التي توفرها. بينما يمكن أن يكون هذا الخيار مناسبًا بين الحين والآخر، إلا أن الاعتماد المستمر عليه قد يكون له تأثيرات سلبية.

التأثيرات السلبية:

• قد يؤدي ذلك إلى نقص في الفيتامينات والمعادن الضرورية التي يحتاجها الطفل، حيث غالبًا ما تكون الوجبات الجاهزة منخفضة القيمة الغذائية.

• قد يصبح الطفل معتادًا على تناول الأطعمة السريعة والجاهزة، مما يزيد من خطر السمنة وأمراض القلب.

8. عدم إعطاء الطفل حرية الاختيار في الطعام

من السلوكيات التي قد تكون خاطئة أيضًا هو عدم إعطاء الطفل فرصة لاختيار نوع الطعام الذي يرغب في تناوله. إذا كانت الأمهات تقدم طعامًا واحدًا فقط دون أخذ رأي الطفل أو السماح له بالمشاركة في اختيار ما يأكله، قد يعاني الطفل من قلة الاهتمام بما يتناوله.

التأثيرات السلبية:

• يؤثر ذلك في قدرة الطفل على اتخاذ قرارات غذائية صحية، ويمنعه من تعلم مهارات اختيار الأطعمة بناءً على احتياجاته الغذائية.

• يمكن أن يؤدي إلى نفور الطفل من الطعام بشكل عام، ويجعله يتجاهل إشارات الجوع والشبع.

الخاتمة

إن سلوك الأمهات أثناء تقديم الطعام للأطفال له تأثيرات بعيدة المدى على نمو الطفل وتطوره النفسي والجسدي. لذا، من الضروري أن تكون الأمهات على دراية بالسلوكيات الصحيحة التي تعزز علاقة الطفل بالطعام وتؤسس له عادات غذائية صحية. يمكن تجنب العديد من السلوكيات الخاطئة عن طريق توفير بيئة غذائية مرنة، تركز على التفاعل الإيجابي مع الطعام والطفل، وعدم إجباره على تناول الطعام أو استخدامه كأداة للمكافأة والعقاب.