سلاطين دولة المماليك وتاريخهم

قائمة سلاطين دولة المماليك: تاريخ طويل من القوة والتأثير

تُعدُّ دولة المماليك واحدة من أبرز الفترات التاريخية في تاريخ العالم الإسلامي، حيث امتدت هذه الدولة من بداية القرن الثالث عشر حتى منتصف القرن السادس عشر. كانت دولة المماليك تتميز بنظام حكم استثنائي، سيطر فيه المماليك على مقاليد الحكم في مصر والشام وغيرها من الأراضي الإسلامية. ومن خلال هذا المقال، سنغوص في تاريخ هذه الدولة المهيبة، ونستعرض قائمة سلاطينها وأهم المحطات التي مرت بها خلال فترتها الطويلة.

نشأة دولة المماليك

تبدأ قصة دولة المماليك في العصور الوسطى مع وصول المماليك إلى السلطة بعد سقوط الدولة الأيوبية في مصر. كان المماليك في البداية عبيدًا من أصل تركي أو قوقازي، جلبهم الحكام الأيوبيون ليكونوا جنودًا في جيوشهم. ولكن مع مرور الوقت، تمكن المماليك من بناء قوة مستقلة سيطروا من خلالها على مقاليد الحكم. في عام 1250م، بدأ عصر المماليك بشكل رسمي بعد أن اغتال جنود المماليك آخر حكام الدولة الأيوبية في مصر، ثم أسسوا دولتهم المستقلة.

تُقسم دولة المماليك إلى فترتين رئيسيتين:

1. المماليك البحرية (1250-1382م).

2. المماليك البرجية (1382-1517م).

المماليك البحرية

كان المماليك البحرية هم أول من تولوا حكم مصر بعد نهاية الدولة الأيوبية، وقد سميّوا بهذا الاسم بسبب تواجدهم في البحرية المملوكية التي كانت تتمركز في جزيرة الروضة، حيث كانت تُعتبر مركزًا للقوة العسكرية لهم. تميزت هذه الفترة بقوة الجيش المملوكي، الذي أثبت تفوقه في العديد من الحروب والمعارك الهامة. ومن أبرز سلاطين هذه الفترة:

1. السلطان توران شاه (1250-1250م): كان أول سلاطين المماليك بعد استقلالهم عن الأيوبيين. لكنه لم يدم طويلاً في السلطة، حيث اغتيل بعد فترة قصيرة من توليه.

2. السلطان عز الدين أيبك (1250-1257م): يعتبر أول سلطان من المماليك البحرية. وهو من أبرز السلاطين الذين أسسوا دولة المماليك على أسس ثابتة، حيث لعب دورًا مهمًا في استقرار الحكم وصد العدوان المغولي.

3. السلطان المنصور نور الدين علي (1257-1260م): كان من السلاطين الذين خاضوا معركة عين جالوت الشهيرة ضد المغول في 1260م، وهي واحدة من أهم المعارك في تاريخ العالم الإسلامي.

4. السلطان قطز (1260-1263م): يعتبر من أبرز القادة العسكريين في تاريخ المماليك. كان له دور كبير في معركة عين جالوت، التي كانت بداية النهاية للغزو المغولي. وهو الذي قاد الجيش المملوكي إلى النصر، مما أنقذ مصر من التهديد المغولي.

5. السلطان بيبرس (1263-1277م): يعد بيبرس من أبرز السلاطين المماليك الذين نجحوا في تعزيز حكم الدولة المملوكية وتوسيع نطاقها. قام بالكثير من الإصلاحات الداخلية وحافظ على الاستقرار السياسي والعسكري.

المماليك البرجية

بعد نهاية حكم المماليك البحرية في أواخر القرن الرابع عشر، انتقل الحكم إلى المماليك البرجية الذين كانوا قد تجمعوا في أبراج القلعة بالقاهرة. تميزت هذه الفترة بتنافس داخلي وصراعات على السلطة بين المماليك، بالإضافة إلى الصراعات مع الدول المجاورة مثل التتار والعثمانيين.

من أبرز سلاطين المماليك البرجية:

1. السلطان المؤيد شيخ (1412-1421م): يعتبر من أقوى السلاطين في فترة المماليك البرجية. عُرف بحكمته واهتمامه بالتوسع العسكري، حيث استطاع تعزيز الدولة المملوكية وتوسيع حدودها في الشام والحجاز.

2. السلطان الناصر محمد بن قلاوون (1310-1341م): على الرغم من أن الناصر محمد ينتمي إلى عصر المماليك البحرية، إلا أن حكمه يستحق الذكر في هذا السياق لما له من تأثير كبير على تاريخ الدولة المملوكية بشكل عام.

3. السلطان قلاوون (1279-1290م): يعتبر من أبرز سلاطين المماليك البرجية، حيث استطاع إعادة تنظيم الدولة المملوكية بعد فترة من الاضطرابات. وقد نجح في ترسيخ النظام المملوكي في مصر والشام.

4. السلطان برقوق (1382-1399م): يعتبر أول سلطان من المماليك البرجية. تمكن من استعادة الاستقرار في البلاد بعد فترة من الصراعات الداخلية والخارجية. كما كان له دور بارز في التصدي للغزوات التيمورية.

5. السلطان فرج بن برقوق (1399-1412م): اشتهر فرج بمواجهته لأزمات داخلية وخارجية كبيرة، منها النزاعات مع العثمانيين، فضلًا عن محاولات توسيع نفوذ الدولة المملوكية في مناطق أخرى.

تأثير الدولة المملوكية في التاريخ الإسلامي

كانت دولة المماليك تلعب دورًا محوريًا في الحفاظ على استقرار العالم الإسلامي في وقت كانت فيه العديد من القوى الأجنبية تهدد المنطقة. فقد كانت المماليك في مواجهة مع المغول الذين غزوا العالم الإسلامي في القرن الثالث عشر، وكذلك مع الفرنجة الذين كانت حملاتهم الصليبية تشكل تهديدًا دائمًا للأراضي الإسلامية.

إضافة إلى المعارك العسكرية، فقد نجحت دولة المماليك في تعزيز الثقافة الإسلامية. على الرغم من أنهم كانوا في البداية عبيدًا، إلا أن المماليك أصبحوا حماة للعلماء والمفكرين. كما تميزت هذه الفترة بتطوير الفنون المعمارية، حيث أنشأت الدولة العديد من المساجد والمدارس والمستشفيات في مختلف أنحاء مصر والشام.

سقوط دولة المماليك

على الرغم من قوتها العسكرية، فإن دولة المماليك بدأت تتدهور تدريجيًا في أواخر القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر. تعرضت الدولة لضغوط سياسية وعسكرية، خصوصًا مع ظهور العثمانيين في المنطقة. في 1517م، سقطت دولة المماليك بشكل نهائي بعد أن هزمها السلطان العثماني سليم الأول في معركة مرج دابق. وبهذا، انتهت حقبة من التاريخ المملوكي، وأصبح المماليك تحت سيطرة الدولة العثمانية.

الخاتمة

لقد كانت دولة المماليك واحدة من أقوى وأطول دول العالم الإسلامي في تاريخها، حيث امتدت لمدة تزيد عن 250 عامًا من الحكم والسيطرة. ورغم انتهاء دولتهم في القرن السادس عشر، فإن المماليك تركوا بصمة كبيرة في التاريخ الإسلامي من خلال الإنجازات العسكرية والمعمارية والثقافية التي ساهموا في تحقيقها. تعتبر سلاطين المماليك مثالًا على قوة الإرادة والتنظيم السياسي، وكيف يمكن لمجموعة من الجنود العبيد أن تتحول إلى قوة عظمى تهز أركان الإمبراطوريات الكبرى في تلك الحقبة.