سرطان الثدي عند الرجال: الأسباب والعلاج

سرطان الثدي عند الرجال: الأسباب، التشخيص، العلاج والتوقعات

سرطان الثدي هو نوع من السرطان الذي عادة ما يرتبط بالنساء، حيث تتلقى النساء غالبية الحالات المسجلة سنويًا في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، لا يقتصر سرطان الثدي على النساء فقط، بل يمكن أن يصيب الرجال أيضًا. على الرغم من أن نسبة حدوث سرطان الثدي عند الرجال أقل بكثير مقارنة بالنساء، فإن هذا النوع من السرطان لا يزال يمثل مصدرًا مهمًا للقلق الطبي والاجتماعي في المجتمعات المختلفة.

1. الأسباب والعوامل المؤدية إلى سرطان الثدي عند الرجال

يمثل سرطان الثدي عند الرجال حالة نادرة، ولكن يمكن أن يحدث نتيجة لتفاعل معقد بين العوامل الوراثية والبيئية. الثدي عند الرجال يحتوي على نسيج غدي، وإن كان أقل تطورًا من ذلك الموجود لدى النساء. ورغم ذلك، فإن وجود هذا النسيج الغدي يجعل الرجال عرضة للإصابة بالسرطان في حالة حدوث تغييرات غير طبيعية في خلايا هذا النسيج.

1.1 العوامل الوراثية

تعتبر العوامل الوراثية من العوامل الأساسية التي قد تؤدي إلى تطور سرطان الثدي عند الرجال. يعتبر وجود تاريخ عائلي للإصابة بسرطان الثدي من أبرز العوامل التي تزيد من خطر الإصابة. الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من إصابة أحد أفراد الأسرة، خاصةً الأم أو الأخت أو الأبن، بسرطان الثدي هم أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض.

تتضمن العوامل الجينية المهمة أيضًا الطفرات في جينات معينة، مثل جين BRCA1 و BRCA2. تعد هذه الطفرات مسؤولة عن زيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي. يمكن أن تكون هذه الطفرات موروثة من أحد الوالدين، ما يزيد من قابلية الإصابة بالمرض عند الرجل.

1.2 العوامل الهرمونية

التغيرات في مستويات الهرمونات تلعب دورًا مهمًا في الإصابة بسرطان الثدي عند الرجال. عادةً ما تساهم الهرمونات الأنثوية مثل الاستروجين في نمو الخلايا السرطانية في الثدي. الرجال الذين لديهم مستويات عالية من الاستروجين أو الذين يعانون من نقص في هرمون التستوستيرون هم أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي.

من الحالات الصحية التي قد تؤدي إلى زيادة مستويات الاستروجين عند الرجال: السمنة، حيث تؤدي الدهون الزائدة في الجسم إلى زيادة تحويل التستوستيرون إلى استروجين. كما يمكن أن تحدث هذه الزيادة في الاستروجين بسبب حالات طبية أخرى مثل الأمراض الكبدية أو تناول بعض الأدوية التي تؤثر في التوازن الهرموني.

1.3 التعرض للعوامل البيئية

يمكن أن يؤدي التعرض المستمر لبعض المواد الكيميائية السامة أو الإشعاع إلى زيادة احتمالية الإصابة بسرطان الثدي. الرجال الذين تعرضوا لعلاج إشعاعي في منطقة الصدر لأسباب طبية أخرى، مثل علاج سرطان سابق، قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي.

2. أعراض سرطان الثدي عند الرجال

تشمل أعراض سرطان الثدي عند الرجال العديد من العلامات التي قد لا تختلف كثيرًا عن تلك التي تحدث عند النساء. لكن بما أن الرجال لا يفكرون عادة في الإصابة بسرطان الثدي، فإن التشخيص قد يتأخر في كثير من الأحيان.

2.1 ظهور كتلة في الثدي

من أبرز الأعراض التي قد تشير إلى سرطان الثدي عند الرجال هي ظهور كتلة غير مؤلمة في منطقة الصدر. هذه الكتلة غالبًا ما تكون صلبة وغير متحركة. قد تكون الكتلة في بعض الأحيان صغيرة جدًا ولا يمكن ملاحظتها بسهولة إلا في مراحل متقدمة من المرض.

2.2 تغيرات في الحلمة

قد يلاحظ الرجل تغيرًا في شكل أو حجم الحلمة. قد تكون الحلمة منغمسة إلى الداخل أو قد يحدث تسرب سائل من الحلمة، وهو أمر نادر جدًا ويشير إلى وجود خلايا سرطانية.

2.3 تورم في الثدي أو منطقة الإبط

إذا كان السرطان قد انتشر إلى الغدد الليمفاوية في منطقة الإبط، فقد يحدث تورم ملحوظ في تلك المنطقة. قد يكون هذا التورم مؤلمًا أو غير مؤلم، لكن وجوده يتطلب التشخيص الطبي الفوري.

2.4 ألم في الصدر

بينما يعتبر الألم في الثدي نادرًا في مراحل مبكرة من السرطان، فإنه قد يظهر في بعض الحالات المتقدمة. عادة ما يكون الألم ناتجًا عن التفاعل مع الأنسجة المحيطة أو انتشار المرض إلى الأنسجة المجاورة.

3. التشخيص المبكر لسرطان الثدي عند الرجال

نظرًا لأن سرطان الثدي عند الرجال نادر جدًا، فإن الوعي العام حول هذه المشكلة غالبًا ما يكون منخفضًا. لهذا السبب، فإن التشخيص المبكر قد يتأخر. عادةً ما يبدأ الطبيب بتقييم الأعراض من خلال فحص بدني للمريض، بما في ذلك فحص الثديين والغدد الليمفاوية في الإبط.

3.1 التصوير الشعاعي للثدي (الماموجرام)

على الرغم من أن الماموجرام هو الفحص الروتيني المستخدم للكشف عن سرطان الثدي في النساء، إلا أنه قد يُستخدم أيضًا للكشف عن السرطان عند الرجال، خصوصًا عندما تكون الكتلة في الثدي ظاهرة.

3.2 الأشعة فوق الصوتية (السونار)

قد يُطلب من الرجل الخضوع لفحص بالأشعة فوق الصوتية، خاصةً إذا كانت الكتلة في الثدي غير واضحة عند الفحص بالأشعة السينية. يساعد السونار في تحديد ما إذا كانت الكتلة صلبة أو مليئة بالسوائل.

3.3 الخزعة

لتأكيد التشخيص، قد يوصي الطبيب بأخذ خزعة من الكتلة الموجودة في الثدي لفحصها تحت المجهر. يمكن أن تكون الخزعة إبرة رفيعة أو خزعة جراحية، حيث يتم إزالة جزء من الأنسجة لاختباره.

4. علاج سرطان الثدي عند الرجال

تعتمد خيارات العلاج لسرطان الثدي عند الرجال على مرحلة السرطان، نوعه، وحجم الورم. كما أن الصحة العامة للمريض تلعب دورًا مهمًا في تحديد الخطة العلاجية الأنسب.

4.1 الجراحة

الجراحة هي الخيار الأكثر شيوعًا في علاج سرطان الثدي عند الرجال. في معظم الحالات، يتم إجراء عملية لاستئصال الورم، وإذا كان السرطان قد انتشر، فقد تتطلب الحالة استئصال الثدي بأكمله (استئصال الثدي الجزئي أو الكلي).

4.2 العلاج الإشعاعي

قد يُستخدم العلاج الإشعاعي لتدمير الخلايا السرطانية المتبقية بعد الجراحة، أو عندما لا يكون من الممكن إجراء جراحة. يُستخدم هذا العلاج أيضًا إذا كان السرطان قد انتشر إلى الغدد الليمفاوية أو مناطق أخرى في الجسم.

4.3 العلاج الكيميائي

في بعض الحالات، وخاصةً عندما يكون السرطان قد انتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، قد يُستخدم العلاج الكيميائي. يهدف العلاج الكيميائي إلى تدمير الخلايا السرطانية في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك تلك الموجودة في مناطق بعيدة عن الثدي.

4.4 العلاج الهرموني

إذا كان سرطان الثدي لدى الرجل يعتمد على الهرمونات (مثل الاستروجين)، يمكن أن يتضمن العلاج الهرموني لإيقاف إنتاج هذه الهرمونات أو منع تأثيراتها على الخلايا السرطانية. يمكن أن يشمل ذلك استخدام أدوية مثل التاموكسيفين.

4.5 العلاج المناعي

في بعض الحالات، قد يُستخدم العلاج المناعي لمحاربة السرطان. العلاج المناعي يعزز قدرة الجهاز المناعي على التعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها.

5. التوقعات والنجاح في العلاج

تعتبر التوقعات بالنسبة لسرطان الثدي عند الرجال أفضل مما كان يُعتقد سابقًا. بما أن هذا النوع من السرطان عادة ما يُكتشف في مراحل مبكرة نظرًا لندرة حدوثه، فإن فرصة الشفاء تزيد بشكل ملحوظ عندما يتم تشخيص المرض في وقت مبكر. تشير الدراسات إلى أن معدل البقاء على قيد الحياة لمرضى سرطان الثدي من الرجال يبلغ حوالي 80% بعد خمس سنوات من التشخيص، ويعتمد هذا المعدل بشكل كبير على حجم الورم ومدى انتشاره.

6. الوقاية والتوعية

على الرغم من أن سرطان الثدي عند الرجال ليس شائعًا، إلا أن التوعية حول هذا المرض ورفع مستوى المعرفة حول أعراضه يمكن أن يساعد في اكتشافه مبكرًا. من الضروري أن يكون الرجال على دراية بعوامل الخطر وعليهم الاستشارة الطبية عند ظهور أي من الأعراض المقلقة.

قد يكون الفحص الدوري للثدي أمرًا مفيدًا، خاصةً لأولئك الذين لديهم تاريخ عائلي من سرطان الثدي أو عوامل خطر وراثية أخرى.