ست خصال للشهيد عند الله

للشهيد عند الله ست خصال

إن الشهيد في الإسلام مكانته عظيمة، وهو الذي ارتقى إلى ربّه مضحياً بنفسه في سبيل الله عز وجل. يتسابق المؤمنون في ميادين الحق، وفي كل لحظة يتطلعون إلى مرضاة الله والجنة، فإذا كتب للإنسان أن ينال الشهادة في سبيل الله، فقد كتب له أجرٌ عظيم لا يعادله أي أجر آخر. ولقد ورد في الحديث النبوي الشريف عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن للشهيد عند الله عز وجل ست خصال، هي خصال عظيمة ترفع من شأنه وتمنحه مكافآت لا تُعد ولا تُحصى. وهذه الخصال تبرز مكانة الشهيد وتؤكد على عظمه في الدنيا والآخرة، وتُحفز المؤمنين على الالتزام في سبيل الله والجهاد في سبيل الحق.

1. يغفر له أول قطرة من دمه

الخصلة الأولى التي يتمتع بها الشهيد هي أن أول قطرة من دمه تسقط عند استشهاده تُغفر له بها جميع ذنوبه. وهذا ما ورد في الحديث النبوي الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إنَّ الشهيدَ يغفرُ له في أولِ قطرةٍ من دمِه”. وهذه العطية الكبيرة تشير إلى عظمة التكفير الذي يحصل عليه الشهيد بمجرد خروجه من الدنيا بدمه الطاهر الذي قدمه في سبيل الله. إنّ هذه المغفرة تشمل كافة الذنوب التي ارتكبها الشهيد في حياته، وهذا من فضل الله العظيم على عباده الذين ضحوا بأرواحهم من أجل نشر الحق والعدالة.

2. يرى مقعده من الجنة

الخصلة الثانية للشهيد هي أنه يرى مقعده في الجنة بمجرد أن يسقط شهيداً. فعن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “إنَّ أولَ قطرةٍ من دمِه يُغفرُ له ما تقدَّمَ من ذنبه، ويُرى مقعده من الجنةِ”. وهذه ميزة تميز الشهيد عن غيره من المؤمنين، حيث يُعطى له رؤية الجنة التي هي أسمى وأعلى منازل المؤمنين. إن هذا المشهد يمثل فرحة عظيمة وراحة بال للشهيد، حيث يشعر بالفوز والنجاح في معركته مع الدنيا التي كانت مليئة بالتحديات والصعاب.

3. يُحلى بتاج الكرامة

إحدى الخصال العظيمة التي يمنحها الله للشهيد هي أنه يُحلى بتاج الكرامة. ففي حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: “يُحلى الشهيدُ بتاجٍ من كرامةٍ”. هذا التاج هو من أعظم الهدايا التي يمنحها الله لعباده الذين ضحوا بأنفسهم في سبيله. ويعني ذلك أن الشهيد يتم تكريمه من الله سبحانه وتعالى، وأنه يزداد شرفاً في الجنة يوم القيامة. إن هذا التاج ليس من مال أو مجوهرات مادية، بل هو شرف معنوي يليق بالمكانة العالية التي وصل إليها الشهيد.

4. يُشفع في سبعين من أهله

الخصلة الرابعة التي يتمتع بها الشهيد هي شفاعته في سبعين من أهله. فقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “يُشفعُ في سبعينَ من أهلِه”. وهذا يشير إلى أن الشهيد لا يقتصر أجره على نفسه فقط، بل يشمل أيضاً أفراد أسرته الذين قد يُشفع لهم يوم القيامة بفضل شفاعته. وهذا يدل على الرحمة الواسعة التي يوسعها الله على المؤمنين، وعلى الدور الكبير الذي يلعبه الشهيد في رفع مكانة أهله في الآخرة.

5. يأمن من فتنة القبر

إن من الخصال المميزة للشهيد هي أنه يأمن من فتنة القبر. فتنة القبر هي تلك اللحظات العصيبة التي يمر بها الإنسان عند موته عندما يُسأل عن ربه ودينه ونبيه. ولكن الشهيد، بما أنه بذل حياته في سبيل الله، فإن الله يرحمه ويقيه شر تلك الفتنة. فقد ورد في الحديث الصحيح: “إنَّ الشهيدَ لا يُفتنُ في قبره”. وهذا يعني أن الشهيد يُحفظ من تلك الأسئلة التي قد تعكر صفو راحته في الآخرة، ويمنحها الله الأمان الكامل من كل ما قد يصيبه.

6. يُحيا حياةً لا يشقى بعدها أبداً

أما الخصلة الأخيرة التي يمتاز بها الشهيد فهي أنه يُحيا حياةً لا يشقى بعدها أبداً. عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ الشهيدَ يُحيا في قبرِه، وأما حياةُ الشهيدِ فهي حياةٌ طيبةٌ في الجنة”. فالشهادة لا تقتصر فقط على مكافأة الشهيد في الدنيا، بل تترتب عليها حياة أبدية في الجنة، خالية من كل شقاء أو تعب. وإن هذه الحياة هي خيرٌ من حياة الدنيا بكل ما فيها من متاعب وهموم، حيث يتمتع الشهيد بنعيم الجنة الذي لا ينقطع.

تأثير هذه الخصال على المؤمنين

إن هذه الخصال الست تجعل من الشهيد في الإسلام رمزاً عظيماً للحق والعدل. من خلال هذه الفضائل، يقترب المؤمن من فهم عظمة الشهادة في سبيل الله ويشعر أن الحياة الدنيا وما فيها من تعب وتحديات ليست سوى محطات مؤقتة، وأن الثواب الأبدي في الجنة هو الهدف النهائي. الشهادة هي الطريق التي يُثبت فيها المؤمن عزمه وإيمانه، ويُقدم فيها أغلى ما يملك من أجل رفعة كلمة الله.

لقد فتح الله للمؤمنين من خلال هذه الفضائل أبواباً واسعة من الأمل، وحفزهم على البذل والتضحية في سبيل الله. إن الشهادة في سبيل الله هي من أعظم الأعمال التي يمكن أن يتقرب بها المسلم إلى ربه، وأي شخص يتطلع إلى مغفرة الله ورحمته يجب أن يدرك أن الشهادة ليست فقط في الميدان الحربي، بل أيضاً في جهاد النفس والتزام الحق، وفي مساندة المظلومين، وفي السعي لنشر الخير.

وفي الختام، إن لكل مؤمن يعاني من مصاعب الحياة ويتطلع إلى رضا الله في الدنيا والآخرة، هذه الفضائل الست التي تنطبق على الشهيد، والتي تشكل زاداً روحياً يعين المؤمن على المثابرة في طريق الإيمان. وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه هذه الفضائل كي يُذكر المسلمون بأهمية التضحية في سبيل الله، وأن من يجتهد ويتفانى في خدمة الحق، فإن الله يعوّضه بأجرٍ عظيم لا يُعد ولا يُحصى.