طرق زراعة البرسيم: دليل شامل وموسع لزراعة العلف الأخضر

يُعد البرسيم (Medicago sativa) من المحاصيل العلفية الأكثر أهمية على مستوى العالم، لما له من قيمة غذائية عالية وكفاءة إنتاجية كبيرة، خاصة في تربية الماشية. فالبرسيم يعتبر مصدرًا ممتازًا للبروتين الخام، والمعادن، والفيتامينات الضرورية لنمو الحيوانات. كما يتميز بسرعة نموه وإنتاجه العالي، وتكرار حشه خلال الموسم، مما يجعله خيارًا مثاليًا للمزارعين الباحثين عن علف اقتصادي ومغذٍ. وفي هذا المقال، سيتم التوسع في الحديث عن طرق زراعة البرسيم بمختلف أنواعه، بدءًا من اختيار الأرض المناسبة إلى عمليات الحصاد والتخزين، مرورًا بكافة المراحل الأساسية والممارسات الزراعية اللازمة.

أنواع البرسيم الشائعة في الزراعة

يُزرع البرسيم بعدة أنواع رئيسية تختلف من حيث الطول، عدد مرات الحش، والقدرة على التحمل البيئي:

• البرسيم الحجازي (الفصّة): نبات معمر يدوم لعدة سنوات، ويتحمل الجفاف والملوحة نسبيًا.

• البرسيم المصري (المتوسطي): يُزرع سنويًا في الغالب، ويتميز بسرعة النمو وغزارة الإنتاج في فصل الشتاء.

• البرسيم الفارسي: نبات موسمي أكثر استخدامًا في البيئات المعتدلة والرطبة.

أهمية اختيار الأرض المناسبة لزراعة البرسيم

يُفضل زراعة البرسيم في أراضٍ خصبة جيدة التهوية والتصريف، وتتميز بالتالي:

• قوام تربة طميي أو طميي رملي: يسمح بجذور عميقة ويقلل من خطر ركود المياه.

• درجة حموضة معتدلة (pH بين 6 و7.5): لأن الحموضة العالية أو القلوية المفرطة تؤثر سلبًا على امتصاص المغذيات.

• خلو التربة من الأملاح الضارة: فالبرسيم لا يتحمل الملوحة العالية، خصوصًا في المراحل المبكرة من النمو.

تُعد عملية تحليل التربة أساسية قبل الزراعة لتحديد محتوى التربة من المغذيات وتقدير احتياجات التسميد.

التحضير للزراعة

حرث الأرض وتجهيزها

• الحرث العميق (30-40 سم): لتفكيك التربة وتحسين نفاذية المياه.

• التنعيم والتسوية: باستخدام الأمشاط الزراعية والسطاحات لتسهيل توزيع البذور بشكل منتظم.

• إزالة الحشائش: من خلال الحرث المتكرر أو استخدام مبيدات الأعشاب المعتمدة في حال توفرها.

التسميد الأساسي

يُنصح بإضافة السماد العضوي المتحلل قبل الزراعة بما يقارب 20-30 طنًا/هكتار، مع خلطه جيدًا بالتربة، ويُضاف بعدها:

اختيار البذور وطريقة الزراعة

اختيار البذور

يجب أن تكون البذور نقية وخالية من بذور الحشائش والأمراض، وذات نسبة إنبات لا تقل عن 85%. ويفضل استخدام أصناف معتمدة من مراكز البحث الزراعي أو المعاهد المتخصصة.

كمية البذور

• الزراعة بالبذر اليدوي: 25-30 كجم/هكتار.

• الزراعة الآلية باستخدام باذرات دقيقة: 20-25 كجم/هكتار.

طرق الزراعة

1. الزراعة النثرية

يتم نثر البذور يدويًا أو بآلات نثر، ثم يتم تغطيتها بطبقة خفيفة من التربة باستخدام الأمشاط الخفيفة، يليها عملية الري.

2. الزراعة على خطوط

يتم فتح خطوط بمسافة 20-30 سم بين الخطوط، ثم زراعة البذور داخلها، وهي طريقة أفضل للتهوية والمكافحة.

3. الزراعة بالتسطير

تُستخدم فيها آلات تسطير تقوم بوضع البذور على أعماق منتظمة (1-2 سم)، وتضمن توزيعًا متجانسًا.

الري: توقيته وكمياته

البرسيم من المحاصيل الحساسة لتوفر المياه، خصوصًا خلال مراحل الإنبات والنمو الأولى.

• الري الأول: بعد الزراعة مباشرة (ريه الزراعة)، ويُفضل أن تكون خفيفة لتثبيت البذور.

• الري الثاني: بعد 5-7 أيام من الأول، لتأمين الرطوبة الضرورية للإنبات.

• الري المنتظم: كل 7-10 أيام حسب نوع التربة ودرجة الحرارة، مع الحرص على عدم تغريق التربة.

في المناطق ذات الأمطار الغزيرة، يمكن تقليل عدد الريات، بينما في المناطق الجافة يجب اعتماد نظم ري بالتنقيط أو الرش للحفاظ على الماء.

مكافحة الحشائش والآفات

الحشائش

الحشائش تُعد من أكبر التحديات، خصوصًا في بداية نمو البرسيم. يمكن السيطرة عليها من خلال:

• الحرث الجيد قبل الزراعة.

• القص المبكر للبرسيم عند وصوله 25-30 سم.

• استخدام مبيدات أعشاب انتقائية في الحالات الشديدة بعد استشارة مختصين.

الآفات الشائعة

• دودة ورق القطن: تُقاوم باستخدام مبيدات حشرية بيولوجية أو كيميائية.

• النطاطات والمنّ: تؤدي إلى ضعف النبات وتناقص الإنتاج.

• الحشرات القارضة: كالدودة القارضة، وتنتشر في بداية النمو الليلي.

تُفضل المكافحة المتكاملة عبر الرش الوقائي الدوري، واستخدام الفيرمونات، وتدوير المحاصيل.

التسميد خلال مراحل النمو

المرحلة الأولى (ما بعد الإنبات)

• يُضاف محلول نيتروجيني خفيف لتعزيز النمو (مثل اليوريا بتركيز منخفض 1%).

ما بعد الحش الأول

• نترات الأمونيوم: 50 كجم/هكتار.

• سوبر فوسفات: 100 كجم/هكتار.

• يُفضل التسميد بعد كل حشة لدعم إعادة النمو.

الحش والتخزين

مواعيد الحش

• الحشة الأولى: بعد 60-70 يومًا من الزراعة، عندما يصل طول البرسيم إلى 30-40 سم.

• الحشات التالية: كل 30-40 يومًا، ويمكن أن تصل إلى 7-9 حشات في السنة في المناطق الدافئة.

يُفضل الحش قبل الإزهار الكامل للحصول على أفضل محتوى غذائي.

طرق الحصاد

• القص اليدوي أو الآلي: باستخدام المناجل أو الحصادات الميكانيكية.

• الترك للجفاف الجزئي بالحقل (التجفيف الشمسي): لمدة 1-2 يوم في الشمس المعتدلة.

• التخزين في صورة دريس أو سيلاج حسب الهدف من الاستخدام:

الجدوى الاقتصادية لزراعة البرسيم

البرسيم يُعتبر من المحاصيل ذات العائد الاقتصادي الجيد، خصوصًا للمزارع المختلطة (نباتي/حيواني)، إذ يُغني عن شراء الأعلاف الجاهزة مرتفعة التكلفة. كما أن البرسيم يحسن من خصوبة التربة لاحتوائه على بكتيريا العقد الجذرية التي تثبت النيتروجين الجوي.

الخاتمة

زراعة البرسيم ليست فقط خطوة ذكية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من العلف، بل أيضًا أسلوب فعال في تحسين التربة، وتدوير المحاصيل، ورفع كفاءة نظم الزراعة المتكاملة. والنجاح في زراعته يعتمد على تطبيق الممارسات الصحيحة في كل مرحلة، من اختيار الأرض إلى الري والتسميد والحصاد. كما أن المواظبة على الرعاية والمتابعة تضمن الحصول على إنتاج وفير ومستدام، ما يجعل البرسيم أحد الدعائم الأساسية في تنمية القطاع الزراعي والحيواني على حد سواء.

المراجع:

1. المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (ICARDA) – نشرات فنية حول زراعة البرسيم.

2. دليل وزارة الزراعة المصرية – إرشادات زراعة البرسيم الحجازي والمصري.