في ساحة الحياة، يمرّ الإنسان كشخص غريب عن نفسه، حيث يعايش واقعًا مظلمًا يتسلل إلى أعماقه كظلام يحيط به. يبدو الوقت كثقل لا يتوقف، حيث تتمدد اللحظات وكأنها ساعات، وتدور عقارب الساعة بلا هدف وسط أنفاس ضائعة.
يعيش الفرد ككائن خارج الزمان والمكان، حيث يتحول إلى ورقة خريف تمزقها رياح الحياة، ويشعر بأنه في لامكان، متشتت في أفق العدم. يتوارى خلف الظلام والأوهام، يكتب كلماته في لحظات من اليأس والفقدان.
يسير في طريق الحزن دون رجوع، يعاشر الأحزان التي تلتهم قلبه، ويتمنى أحيانًا أن يتوقف نبض قلبه عن الدقّ. يبحث عن الإجابات في غمرة الأسئلة التي تلتف حوله، ويرفض الاستسلام لساعات اليأس التي تمر كثقل على روحه.
في تلك اللحظة التي أراد فيها البكاء وجد نفسه بلا دموع، يصرخ وينادي دون جدوى، يدق أبوابًا لا تنفتح، أو إن فتحت فإن الجواب يكون محبطًا وخيبًا. يلجأ إلى مستنقع النوم كملجأ من حقائق الحياة وككتفٍ يستند عليه في عزلته.
عقله يتجول في فضاءات الضياع، ابتسامته كظلال باهتة تلون وجهه الشاحب، وقلبه يتجمد بردٍ لا ينفد. كل يوم يمضي يتبخر كالبخار، حتى يصبح عدمًا، ويموت ندمًا على هموم تكوّنت كجبل ثقيل على كاهله.
يتباعد عن الوجود، يختفي بلا أثر، يصير مجرد رماد يعلوه ذكريات نيرة. حياته كرواية مأساوية تتسارع لتجاهل الصفحات الأخيرة. يرى حياته تنطفئ مثل شمعة تمسح عيونها دموع، ويدرك أنه لا يمثل سوى رماد خلفته نارٌ أحرقت أحلامه وأفكاره.
أزهار حياته تذبل وهو يبقى جثة هامدة، بلا طموح، وقلبه يتجمد في برودة اليأس. يسير بقلم مكسور، كما انكسرت أحلامه وتناثرت تحت أنقاض اليأس. يبتعد عن الواقع والآخرين، ولا أحد يشعر بغيابه. حياته تتحول إلى مشهد مأساوي يعيشه كرواية مظلمة يتمنى فيها نهاية قريبة.
وكلما حاول كتابة تلك النهاية، يجد قلمه ينكسر كما انكسرت أحلامه، وتندثر أمامه كلماته كرماد أمام نيران الحياة. إنه يواجه ذئابًا ماكرة تقفز من زمان هرج مرج، وقدره يبدو وكأنه يعود عليه بالنكران. في هذا الزمان المضطرب، تكاد تكون الأنفس الشاكرة أمرًا نادرًا.
إن حياته كرواية حزينة تستعجل نهايتها، ويصبح قلمه كيفما حاول كتابة النهاية ينكسر مثل أحلامه المحطمة ويتناثر رماد الأمل المنتهي.
المزيد من المعلومات
في هذا المشهد المحزن للفرد، يبدو وكأنه يعيش في عالم منفصل عن الواقع، حيث يغلفه اليأس ويحيط به جدران اليأس والفقدان. تتراكم اللحظات كأحمال ثقيلة على كاهله، وعلى الرغم من محاولاته اليائسة للبحث عن النور في ظلماته، إلا أنه يجد نفسه محاصرًا في لحظات لا نهاية لها.
الشخص يتراجع إلى الوراء في محاولة للهروب من تداحض الزمن والمكان، ولكنه يجد نفسه فقط يتنازل عن أطياف من حياة كان يأمل أن تكون مشرقة. يصبح القلم الذي كان يرغب في كتابة نهاية جديدة لروايته يمثل رمزًا للكسر والفشل، حيث يعكس واقعه المؤلم وينعكس فيه صورة الأحلام المحطمة.
الوجود الذي كان يشعر فيه بالغربة والفقدان يعكس مدى تلاشي هويته الحقيقية. يحاول الابتعاد عن الأنظار، يختفي خلف أقنعة العزلة ويعيش في عالم من الركام الذي كوّنته أحلامه المحطمة. في غمرة الحزن واليأس، يتسارع الزمان كلما تقدم في سنواته، وكأنه يفتقد إلى الشباب الذي ذهب مع زوال الأمل.
الأحداث تتلاشى كظلال باهتة، والأمل يتبخر كالبخار. يبقى الفرد يبحث عن معنى في هذه الرواية الحزينة، ولكن يجدها تتحول إلى مجرد كلمات فارغة في سفح اليأس. يحاول التعامل مع الحياة كرواية يكتبها بنفسه، لكنه يجد نفسه في مأزق لا ينتهي حيث لا يستطيع إيجاد الكلمات الصحيحة للتعبير عن معاناته.
هكذا، يظل هذا الفرد في مواجهة مستمرة مع ذاته ومع العالم المحيط به، محاولًا فهم غموض الحياة ولكنه يجد نفسه في دوامة لا نهاية لها من اليأس والإحباط.