“مكسيكو” هي رواية تأليف جيمس أ. ميشنر، والتي تعد واحدة من أعماله الأدبية التي نالت شهرة واسعة، وقد نُشرت على يد دار نشر راندوم هاوس في أكتوبر من عام 1992. يشتهر ميشنر بكونه أحد الكتّاب الذين لهم باع طويل في الكتابة الروائية التي تغطي أوسع الفترات التاريخية والجغرافية، مقدمًا للقارئ تجربة غامرة في التاريخ والثقافة.
تدور أحداث رواية “مكسيكو” في تنقل ماهر بين الماضي والحاضر، حيث يتابع القارئ حياة الشخصيات عبر مراحل مختلفة من التاريخ المكسيكي، بدءًا من العصور القديمة التي تعود إلى الحضارات الأصلية المليئة بالألوان والأحداث المثيرة، مروراً بالفترة الاستعمارية الإسبانية في القرن السادس عشر، وصولاً إلى الحرب المكسيكية الأمريكية ونشأة الأمة المكسيكية الحديثة في ظل الثورات والدماء.
الشخصية المحورية في الرواية هي نورمان كلاي، وهو صحفي أمريكي يأتي إلى المكسيك ليس فقط لتغطية نزال مصيري بين مصارعين بارزين في ميدان الثيران، بل لاستكشاف تاريخ عائلته الخاص والذي يعود جذوره إلى المكسيك. خلال رحلته، يكتشف نورمان حكايات عن أجداده المكسيكيين الذين تضمنوا شخصيات بارزة ومثيرة للاهتمام مثل ملكة هندية لا تقهر، وكاهن مستكشف، ومنفي من الجنوب الأمريكي خلال الحرب الأهلية.
بدأ ميشنر في كتابة هذه الرواية في العام 1961، وبعد عدة أشهر من البحث والكتابة، اضطر لتعليق العمل على المخطوطة للتفرغ لمشاريع أخرى، ليفقد بعدها أثر النص. ثلاثون عامًا مرت قبل أن يعثر على المخطوطة الضائعة ويعكف على إكمالها، وكانت النتيجة تحفة أدبية تواصل مسيرة نجاحاته التي بدأت بروايات مثل “سينتينيال”، و”تكساس”، و”ألاسكا”.
الرواية لا تسرد فقط تاريخ المكسيك بل تعكس أيضاً النزاعات الثقافية والسياسية التي ميزت هذا البلد على مر العصور. ميشنر، من خلال نصه الغني وأسلوبه السردي المميز، يقدم للقارئ لوحة معقدة من الشخصيات والأحداث التي تبرز التفاعل الديناميكي بين الثقافات والأديان والطموحات السياسية، مما يجعل الرواية مرجعًا ليس فقط لمحبي الأدب بل للمهتمين بالتاريخ المكسيكي وتطوره.
في الختام، يمكن القول إن “مكسيكو” هي رواية تاريخية تنبض بالحياة، تعكس جهود ميشنر الجبارة في التوثيق والبحث، وتقدم تأملات عميقة في الهوية والتاريخ والثقافة، كل ذلك من خلال قصة تسلط الضوء على التحديات والتغيرات التي شكلت المكسيك عبر الزمان.