رحلة جيل كونواي إلى كورين

تحكي جيل كير كونواي في كتابها “الطريق من كوراين” قصة رحلتها المذهلة نحو النضج والبلوغ، رحلة تمتد عبر مسافات هائلة وتضم عوالمًا وأفكارًا وأساليب حياة تبدو كأنها تفصل بينها قرون. كانت في سن السابعة عندما رأت طفلة أخرى للمرة الأولى. وفي الثامنة، ولا تزال صغيرة بما فيه الكفاية لتركب حصانها بمفردها، كانت تجتاح مسافات طويلة، بمفردها، عبر كوراين، الثلاثين ألف فدان من الأراضي القاحلة والمجازرة بالجفاف في الخلفية الأسترالية، تؤدي “عملاً رجاليًا” في مساعدة في رعاية الأغنام لأن الحرب العالمية الثانية قد أخذت الرجال القادرين بالقوة. كانت تعشق (وتجعلنا نرى ونشعر) بالمناظر الطبيعية الشاسعة وغير المأهولة بالسكان، جميلة ومعادية، التي كانت أحوالها الجوية غير المؤكدة تعذب مربي الأغنام بوعود متضاربة بين الثروات والكوارث اللا مفر منها. كانت تعشق (وتجعلنا نعرف) والدها ذي الرؤية الواسعة ووالدتها القوية والمشرقة، التي ذهبت معه بإرادتها في حياة ريفية من العزلة والتعب الشاق، والتي بدت كأنها نجحت بشكل معجزي في إنشاء منزل دافئ يوفر الحماية في الصحراء القاسية، والتي، بعد وفاة زوجها المفاجئ عندما كانت جيل في العاشرة من عمرها، بدأت في الانزلاق – مفقودة للشراكة في العمل والحب اللذين أكملاها بشكل تام – في الاكتئاب والتبعية. نرى جيل، منهارة من فقدان والدها، تُلقى إلى ما يبدو ككوكب آخر – ضواحي سيدني في الخمسينيات وحياتها المدرسية المزدحمة والصاخبة والمنظمة. ثم الإثارة العارمة للجامعة، ولكن معها دورة دراسية أكثر تطلبًا – جيل تحتضن أفكارًا جديدة واحتمالات جديدة، في الوقت نفسه تحاول أن تكون أمًا لأمها وتشعر بالمقاومة، تهرب إلى الشراب، تعيد نفسها، تحقق توازنًا. نراها تكتسب ببطء القوة، وتصبح ذاتها عاطفيًا وفكريًا، وتبدأ في علاقة حب سعيدة أعطت أجنحة لذاتها الجديدة التي اكتشفتها. على بعد عوالم من كوراين، في أمريكا، أصبحت جيل كونواي مؤرخة وأول امرأة تصبح رئيسة لكلية سميث. تصدمنا قصة كوراين والطريق من كوراين بشغفها وقوتها الدالة، بفهمها للطرق التي يمكن لالتزام كلي وعميق بمكان – أو بحلم – في نفس الوقت أن يحرر ويسجن. إنها قصة طفولة كالجنة والعذاب، وقصة نمو كرحلة نحو الحياة الصعبة للحرية.