في رحاب رواية “في مرايا حانة” للكاتب حسن ناصر، نجد أنفسنا أمام قصة مشوقة تتناول أحداثاً مثيرة ومعاناة شخصية للبطلة الرئيسية، والتي تُدعى “ولي دار”. تعيش ولي حياة مجهولة وغامضة، إذ يجهل أخوتها طريقها ويتساءلون عنها دون جدوى، إذ يكتنف وجودها غموضًا يحيط بها كالظل.
تأتي الصدمة عندما يفارق والدها الحياة دون أن يكون على علم بوجودها، ولو حتى بصورة ضئيلة. يظهر جليًا أن ولي دار كانت ربما والدتها، وعلى الرغم من جهلها بتفاصيل الدار وطبيعتها، إلا أنها تدافع بإصرار عن حقيقة وجودها، مبررة استلقائها الطويل في باحة الدار بأسباب مجهولة تُكشف تدريجياً خلال تطور الرواية.
تتلاشى حدود الزمان والمكان في هذه الرواية، حيث يتناوب السرد بين الماضي والحاضر، مما يضفي على القصة طابعًا فريدًا ويزيد من تشويق القارئ. اللاوعي الذي يخترق رحم الدار يظهر من خلال انسحاب ولي دار بحزنها إلى داخل الدار، مشكِّلًا لوحة تعبر عن اندماج الفرد مع بيئته وعن عالم داخلي معقد.
تستمد القصة جاذبيتها من تفاصيلها الدقيقة وعمق شخصياتها. يُلاحظ أنه لا يوجد من بين توائم ولي دار أحد يلتفت إلى انسحابها الحزين إلى رحم الدار، مما يبرز الشعور بالوحدة والانعزال الذي تعيشه.
صدرت هذه الرواية الرائعة في عام 2011 عن دار الفارابي للنشر والتوزيع، واستطاعت أن تحقق نجاحاً لافتًا في عالم الأدب والخيال. الغلاف العادي يعكس بساطة الشكل مقارنةً بعمق المحتوى الذي يعكسه، مما يضفي جاذبية إضافية على هذا الإصدار.
في ختام النظرة الفاحصة لرواية “في مرايا حانة”، نجد أنفسنا أمام عمل أدبي فريد يحمل في طياته الكثير من الغموض والجمال، مشكلاً لوحة فنية تجسد ببراعة تجارب الفرد في مواجهة الغموض والتحديات.