في روايته “جبل البرد”، يقدم الكاتب تشارلز فرازيه تحفة أدبية تجمع بين مغامرة مثيرة، وقصة حب مؤثرة، وصورة ساحرة لأرض فقدت في عبور الزمن، مكان حيث تتقاطع الوحشية مع البهاء، وحيث يتصارع البشر مع وحدة البرية القاسية. يقرر إنمان، الجندي الكونفدرالي، الذي أصيب بجروح بالغة وأصيب بخيبة أمل قاتلة في معركة بيترسبرغ، أن يعود سيرًا على الأقدام إلى منزله في جبال بلو ريدج وإلى آدا، المرأة التي أحبها هناك قبل سنوات. رحلته عبر جنوب يتفكك تجلبه إلى محادثات حميمة وأحيانًا مميتة مع العبيد والنهبة وصائدي الجوائز والسحرة، سواء كانوا مساعدين أو شرذمة. في الوقت نفسه، تحاول آدا الشجاعة إحياء مزرعة والدها المهملة وتعلم البقاء في عالم تم تطهيره من اليقينات القديمة. وبينما يتشابك قصصهم، تتجسد “جبل البرد” كأوديسا أصيلة، قوية بشكل هائل، وجميلة بفخامة، ومؤثرة بشكل حاد.
في هذه الرواية، يجمع فرازيه ببراعة بين الرواية التاريخية والدرامية والرومانسية، وينسج قصة تحمل في طياتها الكثير من الإنسانية والتعقيدات الاجتماعية التي كانت تحدث في جنوب أمريكا خلال فترة الحرب الأهلية. يقدم لنا لحظات مثيرة ومؤلمة، تتخللها لمسات من الجمال والأمل، مما يجعلها تجربة أدبية لا تُنسى.
“جبل البرد”، بفصاحته وعمقه، يعتبر لوحة فنية تاريخية معاصرة، تسرد قصة حب ومغامرة وبحث عن الذات في زمن تحولت فيه كل القيم والمبادئ السائدة. يستحق هذا العمل الأدبي العظيم التقدير والاعتراف، كما يبقى من الصعب نسيانه بعد الانتهاء من قراءته.