في العام 1989، أصدر الكاتب والمحرر الراحل نورمان كازنز كتابه “Head First: The Biology of Hope” تحت راية دار نشر داتون، موسعًا بذلك آفاق البحث والنقاش حول تأثير الأمل والإيمان والضحك وإرادة البقاء على قيد الحياة في العملية العلاجية. يُعد هذا العمل استمرارًا لرحلته الشخصية التي بدأها في كتابه السابق “Anatomy of an Illness” الذي نشره عام 1979 عبر دار نشر W.W. Norton، حيث شارك قصته الشخصية حول تعافيه من مرض كان يُعتقد أنه قاتل، وهو تعافٍ يعزوه بشكل كبير إلى موقفه الإيجابي وتعاونه النشط مع طبيبه.
“Head First: The Biology of Hope” ليس مجرد سرد لتجربة شخصية بقدر ما هو استكشاف عميق للأدلة القصصية والتجريبية التي تدعم الاعتقاد بفعالية الأمل والإيمان وغيرها من العوامل النفسية في العلاج الطبي. يتجاوز الكتاب النظريات التقليدية للطب ليقترح أن الحالة العقلية والنفسية للمريض لها تأثير مباشر وملموس على عملية الشفاء.
في ظل تصنيفه ضمن فئة الصحة واللياقة البدنية، يقدم الكتاب لقرائه نظرة شاملة على كيفية تأثير الأمل والإيمان والضحك والإرادة على الجسم والعقل. يبحث كازنز في الآليات البيولوجية التي من خلالها يمكن لهذه العوامل غير الملموسة أن تترجم إلى تحسن ملموس في الحالة الصحية، معززًا بذلك فكرة أن العقل والجسم مرتبطان بشكل وثيق وأن الصحة لا تقتصر فقط على الجوانب الفيزيائية بل تشمل أيضًا الجوانب العاطفية والروحية.
تجدر الإشارة إلى أن كازنز لم يقتصر على تقديم قصته الشخصية كدليل على صحة نظرياته، بل اعتمد كذلك على أدلة تجريبية، مما يمنح الكتاب مصداقية علمية ويجعل منه مصدرًا قيمًا للباحثين والمهتمين بدراسة تأثير الحالة النفسية على الصحة البدنية. إن التفاعل بين الأدلة القصصية والتجريبية يعزز من قيمة الكتاب ويجعل منه مرجعًا هامًا في مجال الصحة النفسية والبدنية.
من خلال هذا العمل، يدعو كازنز القراء والمجتمع الطبي إلى إعادة النظر في كيفية تفاعلنا مع الأمراض وعلاجها، مؤكدًا على أهمية تبني نهج شامل يأخذ بعين الاعتبار الجوانب النفسية والعاطفية والروحية إلى جانب العلاجات الطبية التقليدية. يحث الكتاب على تبني منظور أكثر إنسانية وتفاؤلاً تجاه الشفاء، مؤكدًا على أن الأمل والإيمان والضحك والإرادة يمكن أن تكون لها قوة شفائية بقدر ما للأدوية والعلاجات الطبية.