جميع دول العالم التي تفرض الخدمة العسكرية

تعد الخدمة العسكرية الإجبارية أو ما يُعرف بالتجنيد الإلزامي من الظواهر التي تختلف طبيعتها وتطبيقها بين الدول حول العالم. تستند الدول التي تفرض الخدمة العسكرية على مجموعة من الاعتبارات السياسية، الأمنية، الاجتماعية، والتاريخية التي تدفعها إلى تبني نظام التجنيد الإجباري للحفاظ على جاهزية قواتها المسلحة وتأمين سيادتها الوطنية. في هذا المقال، سيتم تناول موضوع الدول التي تفرض الخدمة العسكرية، مع استعراض شامل لأنظمة التجنيد في هذه الدول، أسباب تبنيها، الفترات الزمنية للخدمة، والاستثناءات التي قد تمنح في بعضها، إضافة إلى التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية لهذا النظام.

تعريف الخدمة العسكرية الإلزامية

الخدمة العسكرية الإلزامية هي نظام قانوني تلزم من خلاله الحكومات مواطنيها الذكور، وأحيانًا الإناث في بعض البلدان، بالخدمة في القوات المسلحة لفترة زمنية محددة عند بلوغهم سن معينة، عادةً ما تكون في مرحلة الشباب. الهدف الأساسي من هذا النظام هو تكوين قوة عسكرية احتياطية قادرة على الدفاع عن الوطن في حالات الطوارئ أو الحروب، بالإضافة إلى تقوية الروح الوطنية وتعزيز الانضباط بين المواطنين.

دوافع تبني الدول للخدمة العسكرية الإلزامية

تختلف الأسباب التي تدفع الدول إلى فرض التجنيد الإجباري من بلد إلى آخر، ويمكن إجمالها في النقاط التالية:

1. الأمن القومي: في الدول التي تواجه تهديدات خارجية مستمرة أو تتواجد في مناطق نزاع، ترى أن التجنيد الإجباري ضروري لضمان وجود قوة عسكرية كافية.

2. الحفاظ على السيادة الوطنية: بعض الدول تستخدم التجنيد كوسيلة لتوحيد الهوية الوطنية وتعزيز الولاء للدولة.

3. الاحتياط العسكري: توفر الخدمة العسكرية قوة احتياطية واسعة يمكن استدعاؤها عند الحاجة.

4. التنمية الاجتماعية: تستخدم بعض الدول الخدمة العسكرية كمرحلة لبناء شخصية الشباب، وغرس قيم الانضباط والعمل الجماعي.

5. الأسباب الاقتصادية: أحيانًا توفر الخدمة العسكرية التدريب المهني أو فرص عمل مؤقتة للشباب.

تصنيف دول العالم التي تفرض الخدمة العسكرية

1. الدول ذات التجنيد الإلزامي الكامل

تشمل هذه الدول فرض الخدمة العسكرية على معظم الشباب من الذكور، وفي بعض الحالات تشمل الإناث أيضًا، لفترة محددة تتراوح عادة بين 9 أشهر إلى سنتين. من أبرز هذه الدول:

• كوريا الجنوبية: تفرض خدمة عسكرية إلزامية على الذكور لمدة حوالي 18 إلى 21 شهرًا بسبب التوترات المستمرة مع كوريا الشمالية.

• روسيا: الخدمة العسكرية إلزامية للذكور لمدة عام، مع بعض الاستثناءات.

• إسرائيل: تفرض الخدمة على الذكور والإناث، مع مدة تتراوح بين سنتين إلى ثلاث سنوات، وذلك بسبب الحالة الأمنية الخاصة في المنطقة.

• تركيا: تخدم الذكور بشكل إلزامي لمدة تتراوح بين 6 إلى 12 شهرًا.

• اليونان: تجنيد إلزامي للذكور لمدة تسعة أشهر.

• سويسرا: تفرض الخدمة العسكرية على الرجال، مع نظام احتياطي شامل.

• النرويج: تُعد من الدول التي تفرض الخدمة العسكرية على الذكور والإناث على حد سواء.

• فنلندا: تجنيد إلزامي للذكور مع بعض البرامج التطوعية للإناث.

2. الدول التي تعتمد على التجنيد الجزئي أو المختلط

بعض الدول تعتمد على نظام التجنيد الإجباري في أوقات الطوارئ أو في جزء محدود من فئات الشباب، مع وجود قوات دائمة مهنية. من هذه الدول:

• البرازيل: التجنيد الإجباري للذكور، لكن في الواقع يتم قبول عدد محدود منهم بسبب الاكتفاء بالكادر المهني.

• تايلاند: الخدمة إلزامية لمدة عام، ولكنها تعتمد على قرعة تحدد من سيخدم.

• إيران: فرض التجنيد الإجباري على الذكور لمدة تصل إلى 24 شهرًا.

• مصر: تخدم الذكور من 12 إلى 36 شهرًا حسب المؤهلات التعليمية والحالة الاجتماعية.

• إندونيسيا: خدمة عسكرية إلزامية على الذكور في بعض الفترات أو أثناء ظروف معينة.

3. الدول التي أنهت الخدمة العسكرية الإلزامية واعتمدت النظام التطوعي

رغم أن هذه الدول قد تكون فرضت التجنيد في السابق، فقد ألغت الخدمة العسكرية الإلزامية وتحولت إلى قوات مهنية مدفوعة الأجر، مثل:

• الولايات المتحدة الأمريكية: ليس لديها تجنيد إجباري منذ عام 1973، ولكن لديها نظام تسجيل طوعي.

• المملكة المتحدة: تعتمد نظامًا تطوعيًا للجيش.

• كندا، أستراليا، اليابان، وغيرها من الدول التي تعتمد جيوشًا احترافية.

الجدول التالي يوضح أبرز الدول التي تفرض الخدمة العسكرية، مدة الخدمة، والشرائح التي تطبق عليها:

التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للخدمة العسكرية الإلزامية

تترك الخدمة العسكرية آثارًا واضحة على مختلف أوجه الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الدول التي تفرضها، منها:

• تعزيز الهوية الوطنية: تشكل الخدمة العسكرية تجربة موحدة تعزز الشعور بالانتماء والولاء للوطن.

• تطوير المهارات: يحصل المجندون على تدريبات عسكرية وتقنية تساعدهم على اكتساب مهارات مفيدة قد تفيدهم في الحياة المدنية.

• التكلفة الاقتصادية: تمثل الخدمة العسكرية تكلفة مالية كبيرة على الدولة بسبب تجهيز وتدريب المجندين، لكن في المقابل توفر موارد بشرية عسكرية.

• التأثير على سوق العمل: غياب الشباب لفترات طويلة عن سوق العمل قد يؤثر على الإنتاجية أو التحصيل المهني، لكنه قد يوفر فرصًا تدريبية مؤقتة.

• الديناميات الاجتماعية: قد تؤدي الخدمة إلى تقليل الفوارق الاجتماعية عند اختلاط مختلف الفئات والأطياف ضمن وحدات عسكرية واحدة.

أنواع الاستثناءات في الخدمة العسكرية

تمنح بعض الدول استثناءات أو تأجيلات من الخدمة العسكرية لأسباب متعددة، منها:

• التحصيل الدراسي: تأجيل الخدمة لأصحاب المستويات الدراسية العليا أو الطلبة.

• الأسباب الصحية: الإعفاء من الخدمة بسبب عجز صحي.

• العمل في وظائف محددة: تأجيل لمن يعملون في وظائف حيوية للدولة.

• الأسباب العائلية: إعفاءات في حالات معينة مثل وجود معيل واحد للعائلة.

• الديانة أو المعتقد: في بعض الدول تعفى طوائف دينية معينة.

خلاصة

تبقى الخدمة العسكرية الإلزامية نموذجًا متبعًا لدى العديد من الدول لأسباب تتعلق بالأمن القومي والسيادة الوطنية والتنمية الاجتماعية، مع اختلاف كبير في الفترات الزمنية والالتزامات بين دولة وأخرى. رغم وجود توجه عالمي نحو الاحتراف العسكري في كثير من الدول المتقدمة، إلا أن النظام الإجباري لا يزال قائمًا في مناطق متعددة من العالم لما يوفره من قوة بشرية منظمة وتأمين فعال في الظروف الحرجة. كما أن له تأثيرات اجتماعية عميقة تسهم في تشكيل نسيج المجتمع وإعداد الشباب لمواجهة تحديات الحياة بشكل متكامل.

المصادر والمراجع

1. تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) حول أنظمة الخدمة العسكرية، 2023.

2. موقع وزارة الدفاع في الدول المعنية، تقارير رسمية، 2024.