دول الشنغن: تعريف وفوائد

دول الشنغن: الاتحاد الأوروبي في تنقّل سلس ومبسط

تعدّ منطقة الشنغن واحدة من أهم المبادرات الدولية التي تهدف إلى تسهيل حركة الأفراد عبر حدود الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. تأسست هذه المنطقة من خلال اتفاقية الشنغن التي تم توقيعها في 14 يونيو 1985 في بلدة شنغن اللوكسمبورغية. هذه الاتفاقية التي تطورت بشكل تدريجي على مر السنين، شكلت نقطة محورية في السياسة الأوروبية المعاصرة، إذ ساهمت في تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في عدة مجالات منها الأمن، الهجرة، والتنقل الحر للأفراد. في هذا المقال، سنتناول في تفصيل شامل مفهوم دول الشنغن، آلية عملها، فوائدها، وآثارها على الحياة اليومية للمواطنين والزوار.

تعريف دول الشنغن

دول الشنغن هي مجموعة من الدول التي اتفقت على إلغاء الرقابة الحدودية الداخلية بينها، مما يعني أن المواطنين والمقيمين في هذه الدول يمكنهم التنقل بحرية عبر حدودها دون الحاجة إلى جوازات سفر أو تأشيرات خاصة، طالما كانت فترة إقامتهم في الدول الأخرى ضمن الحدود المحددة من قبل القوانين الوطنية. يتيح اتفاق الشنغن للأفراد التنقل من دولة إلى أخرى بسهولة، وهو يعد خطوة كبيرة نحو التكامل الأوروبي على صعيد حركة الأفراد.

دول الشنغن: قائمة الدول الأعضاء

حتى عام 2023، تضم منطقة الشنغن 27 دولة أوروبية، بما في ذلك معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وتجدر الإشارة إلى أن بعض الدول الأوروبية غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تشارك أيضاً في منطقة الشنغن، بينما توجد دول أخرى تنتمي للاتحاد الأوروبي لكنها لا تشارك في هذا الاتفاق.

الدول الأعضاء في الشنغن:

1. ألمانيا

2. النمسا

3. بلجيكا

4. الدنمارك

5. إستونيا

6. فنلندا

7. فرنسا

8. اليونان

9. هنغاريا

10. آيسلندا

11. إيطاليا

12. لاتفيا

13. ليتوانيا

14. لوكسمبورغ

15. مالطا

16. هولندا

17. بولندا

18. البرتغال

19. سلوفاكيا

20. سلوفينيا

21. إسبانيا

22. السويد

23. ليختنشتاين

24. سويسرا

25. النرويج

26. أيسلندا

27. جمهورية التشيك

الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ولكنها أعضاء في الشنغن:

• النرويج

• آيسلندا

• سويسرا

• ليختنشتاين

آلية عمل منطقة الشنغن

منطقة الشنغن لا تعني أن جميع البلدان الأعضاء فيها تُبقي على سياسة حدودية مفتوحة مع العالم بأسره. ففيما يتعلق بالدول غير الأعضاء في الشنغن أو دول خارج الاتحاد الأوروبي، تتواجد نقاط دخول منفصلة حيث يتم التفتيش عند الحدود. وهذا يعني أن التنقل بين دول الشنغن لا يتطلب التحقق من الهوية أو جواز السفر، ولكن إذا كنت ترغب في دخول هذه الدول من خارجها، فعادة ما تحتاج إلى تأشيرة شنغن واحدة تتيح لك التنقل بين الدول الأعضاء.

لا يعني ذلك أن دول الشنغن قد ألغت كافة الرقابة الأمنية. ففي بعض الأحيان، قد تقرر دولة معينة في منطقة الشنغن فرض رقابة مؤقتة على الحدود لأسباب أمنية أو صحية، مثلما حدث في فترات جائحة كوفيد-19. لكن هذه الرقابة تكون استثنائية وعادة ما تُفرض لفترات محدودة.

شروط الدخول إلى منطقة الشنغن

يُسمح للمواطنين من الدول الأعضاء في منطقة الشنغن بالانتقال بحرية عبر الحدود دون الحاجة إلى التأشيرات أو التصاريح. أما بالنسبة للأشخاص الذين ينتمون إلى دول خارج الشنغن، فيحتاجون إلى تأشيرة شنغن لكي يدخلوا إلى منطقة الشنغن. هذه التأشيرة عادة ما تكون صالحة لمدة 90 يومًا في فترة 180 يومًا.

أنواع التأشيرات في منطقة الشنغن

تقدم منطقة الشنغن نوعين رئيسيين من التأشيرات:

1. تأشيرة شنغن قصيرة الأمد (نوع C):
   هذه التأشيرة تتيح لحاملها البقاء في أي من دول الشنغن لمدة تصل إلى 90 يومًا ضمن فترة 180 يومًا. يمكن إصدار هذه التأشيرة لغرض السياحة أو الأعمال أو زيارة الأصدقاء أو العائلة.

2. تأشيرة شنغن طويلة الأمد (نوع D):
   تسمح هذه التأشيرة لحاملها بالإقامة في دولة واحدة من دول الشنغن لمدة تزيد عن 90 يومًا، مثل الدراسة أو العمل في إحدى الدول الأعضاء.

فوائد منطقة الشنغن

منطقة الشنغن تمثل واحدة من أعظم إنجازات التعاون الأوروبي، وتعود بالنفع على الأفراد والشركات على حد سواء. فيما يلي بعض من أبرز الفوائد:

1. سهولة التنقل بين الدول:

من أبرز مزايا الشنغن هو التنقل الحر بين الدول الأعضاء، مما يسهل السفر للأفراد من أجل السياحة، الأعمال، أو التعليم دون الحاجة إلى التقديم لتأشيرات مختلفة لكل دولة. هذا يعزز التواصل بين الثقافات ويتيح فرصًا اقتصادية كبيرة.

2. تعزيز الاقتصاد:

يسهل الشنغن حركة السياح والزوار إلى الدول الأعضاء، مما يعزز الاقتصاد المحلي من خلال زيادة الإيرادات السياحية. كما يسهل التنقل بين العاملين في مختلف الدول، مما يساعد على سوق العمل المشترك.

3. تعاون أمني:

يسمح الشنغن بتعاون أمني أقوى بين الدول الأعضاء. إذ يتعاون أفراد الشرطة والجمارك بشكل أكبر لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، ما يساهم في تعزيز الأمن الداخلي.

4. التكامل الأوروبي:

يعد الشنغن خطوة مهمة نحو تعزيز التكامل بين الدول الأوروبية. فإلغاء الحدود بين الدول يشجع على التعاون الاقتصادي، السياسي، والاجتماعي.

5. إجراءات موحدة للهجرة:

تتيح الشنغن سياسة موحدة للهجرة واللجوء، مما يساعد في تنظيم الدخول إلى الاتحاد الأوروبي بطريقة أكثر سلاسة وفعالية.

التأثيرات على السياحة والسفر الدولي

تعد منطقة الشنغن من العوامل التي جعلت السفر بين دول أوروبا أكثر سهولة وراحة. فعلى سبيل المثال، إذا كان لديك تأشيرة شنغن صالحة، يمكنك زيارة عدة دول أوروبية ضمن نفس الرحلة، وهذا يسهل خطط السفر ويقلل من تكاليف الحصول على تأشيرات متعددة. كما أن منطقة الشنغن قد أسهمت بشكل كبير في زيادة أعداد السياح القادمين إلى أوروبا، إذ يعتبر التنقل بين الدول الأعضاء بمثابة ميزة كبيرة للسياح، الذين يمكنهم زيارة أماكن ثقافية وتاريخية متنوعة دون الحاجة إلى تخطي العديد من الحدود.

التحديات المرتبطة بمنطقة الشنغن

رغم الفوائد العديدة لمنطقة الشنغن، إلا أن هناك بعض التحديات التي تواجه الدول الأعضاء في هذه المنطقة. أهم هذه التحديات:

1. الأزمات الإنسانية والهجرة غير النظامية:
   يشهد الاتحاد الأوروبي تدفقات كبيرة من اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين. لذا، من الضروري أن تواكب الدول الأعضاء في الشنغن اتفاقيات مشتركة لإدارة هذه التحديات بأكبر قدر من الكفاءة.

2. التأثيرات الأمنية:
   في بعض الأحيان، يمكن أن يؤدي التنقل الحر للأفراد إلى صعوبة في متابعة المشتبه فيهم الذين قد يعبرون بين الحدود المختلفة بسهولة.

3. أزمات صحية أو أمنية:
   كما رأينا في جائحة كوفيد-19، قد تتطلب الأزمات الصحية أو الأمنية تقييد التنقل بين الدول الأعضاء، وهو ما يشكل تحديًا كبيرًا لإجراءات التنقل الحرة.

الدول غير الأعضاء في الشنغن

من الجدير بالذكر أن هناك دولًا أوروبية لا تشارك في منطقة الشنغن، مثل المملكة المتحدة، أيرلندا، كرواتيا، بلغاريا، ورومانيا. هذه الدول تتمتع بسياسات حدودية خاصة بها، بينما في الوقت نفسه تشارك في بعض الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية مع الدول الأعضاء في الشنغن.

خاتمة

تعتبر منطقة الشنغن من أبرز الإنجازات التي سعت إلى تعزيز التعاون بين الدول الأوروبية، مما أتاح سهولة في التنقل وحركة الأفراد بين الدول الأعضاء. بفضل هذا الاتفاق، أصبح السفر داخل أوروبا أكثر سلاسة وفعالية، سواء للسياح أو للمقيمين. ورغم التحديات التي قد تواجهها هذه المنطقة، إلا أن الفوائد التي توفرها في مجال التنقل الحر والاقتصاد والأمن تجعل من منطقة الشنغن نموذجًا مهمًا في التكامل الإقليمي الدولي.