دقات قلب طفلي سريعة: الأسباب، التشخيص، والعلاج

مقدمة

تعتبر دقات القلب مؤشرًا مهمًا على صحة الطفل العامة، حيث يعكس معدل ضربات القلب طبيعة عمل القلب وكفاءته في ضخ الدم إلى مختلف أنحاء الجسم. في بعض الأحيان، قد يلاحظ الأهل أن دقات قلب طفلهم أسرع من المعدل الطبيعي، وهو ما يثير القلق لديهم ويجعلهم يبحثون عن الأسباب المحتملة، وسبل التشخيص، والعلاج المناسب. يتطلب الأمر فهمًا دقيقًا لمعدل دقات القلب الطبيعي لدى الأطفال، والعوامل المؤثرة عليه، والتمييز بين الحالات الطارئة وغير الطارئة، لضمان سلامة الطفل والحفاظ على صحته.

معدل دقات القلب الطبيعي للأطفال

يختلف معدل ضربات القلب الطبيعي بناءً على عمر الطفل، حيث تكون معدلات دقات القلب أسرع عند الأطفال حديثي الولادة مقارنة بالأطفال الأكبر سنًا أو البالغين. فيما يلي توضيح لمعدل ضربات القلب الطبيعي حسب الفئة العمرية:

إذا تجاوز معدل ضربات قلب الطفل هذه القيم بشكل ملحوظ ومستمر، فإن ذلك يُعتبر تسارعًا في ضربات القلب (Tachycardia)، وقد يشير إلى وجود مشكلة صحية تحتاج إلى تقييم دقيق.

أسباب تسارع دقات قلب الطفل

هناك مجموعة واسعة من الأسباب التي قد تؤدي إلى تسارع ضربات قلب الطفل، بعضها طبيعي أو مؤقت، وبعضها قد يكون نتيجة حالة مرضية تستدعي التدخل الطبي.

أسباب طبيعية ومؤقتة

• النشاط البدني والجهد: زيادة دقات القلب هي استجابة طبيعية للنشاط البدني، اللعب، أو الحركة الشديدة.

• الحالة العاطفية: الخوف، القلق، التوتر، أو الإثارة تؤدي إلى زيادة معدل ضربات القلب عبر تحفيز الجهاز العصبي الودي.

• الحمى والالتهابات: ارتفاع درجة حرارة الجسم يتسبب في زيادة معدل ضربات القلب لتعويض ارتفاع استهلاك الأكسجين.

• التغيرات البيئية: مثل ارتفاع درجة الحرارة المحيطة أو نقص الأكسجين في الأماكن المرتفعة.

• تناول بعض الأدوية أو المواد المنبهة: كالكافيين أو بعض أدوية الزكام قد تزيد من معدل ضربات القلب مؤقتًا.

أسباب مرضية

• مشاكل القلب الخلقية أو المكتسبة: قد تؤدي إلى اضطرابات في نظم القلب أو ضعف في وظيفة القلب يسبب تسارعًا في نبضاته.

• الاضطرابات الكهربائية في القلب: مثل الرجفان الأذيني أو التسرع فوق البطيني.

• فقر الدم: نقص خلايا الدم الحمراء يقلل من قدرة الدم على حمل الأكسجين، ما يدفع القلب للعمل بشكل أسرع لتعويض النقص.

• مشاكل الغدة الدرقية: زيادة نشاط الغدة الدرقية ترفع معدل الأيض، مما يؤدي إلى تسارع ضربات القلب.

• الجفاف: انخفاض حجم الدم يجعل القلب يضخ بشكل أسرع لتعويض النقص.

• الالتهابات الجهازية الشديدة: مثل التهاب القلب (Myocarditis) أو التهاب التامور.

• اضطرابات الكهارل: كارتفاع أو انخفاض مستوى البوتاسيوم أو الكالسيوم.

الأعراض المصاحبة لتسارع دقات القلب عند الطفل

لا يقتصر القلق على مجرد زيادة ضربات القلب، بل تترافق في كثير من الحالات أعراض إضافية قد تدل على مدى خطورة الحالة، وتشمل:

• التعب أو الإرهاق الشديد

• ضيق التنفس أو صعوبة التنفس

• دوار أو إغماء

• ألم في الصدر

• تورم في الأطراف أو البطن

• شحوب الجلد أو زرقة الأطراف

• تهيج الطفل أو بكاء مستمر دون سبب واضح

وجود أي من هذه الأعراض مع تسارع دقات القلب يستدعي تقييمًا طبيًا عاجلًا.

طرق تشخيص تسارع دقات القلب عند الأطفال

تقييم حالة الطفل يتم عبر خطوات متعددة تشمل:

الفحص السريري

يقوم الطبيب بقياس معدل ضربات القلب، ضغط الدم، ومراقبة التنفس وفحص العلامات الحيوية الأخرى. كما يتم تقييم الحالة العامة للطفل لمعرفة وجود علامات الجفاف أو الفشل القلبي.

تخطيط القلب الكهربائي (ECG)

يعتبر الفحص الأهم لتحديد نوع الاضطراب القلبي الموجود، سواء كان تسارعًا فوق البطيني أو اضطرابًا آخر. يمكن لهذا الاختبار تحديد مصدر المشكلة الكهربائية بدقة.

رصد القلب لفترات طويلة (Holter Monitor)

في حالات الشكوك أو تكرار الأعراض، قد يُطلب من الطفل ارتداء جهاز مراقبة دقات القلب لمدة 24 إلى 48 ساعة لتسجيل معدل ضربات القلب في أوقات مختلفة.

فحوصات الدم

تستخدم لتقييم وجود فقر الدم، اضطرابات الكهارل، وظائف الغدة الدرقية، وأي علامات التهاب أو عدوى.

الأشعة على الصدر

لمعرفة حجم القلب، وجود أي احتقان أو مشاكل في الرئة قد تؤثر على وظيفة القلب.

تخطيط صدى القلب (Echocardiogram)

يساعد هذا الفحص في تقييم بنية القلب ووظيفته، والكشف عن العيوب الخلقية أو مشاكل الصمامات.

علاج تسارع دقات القلب عند الأطفال

يعتمد العلاج بشكل رئيسي على السبب الكامن وراء تسارع دقات القلب، ومدى تأثر صحة الطفل.

العلاج غير الدوائي

• تهدئة الطفل: في الحالات المرتبطة بالتوتر أو النشاط الزائد، قد يكون تهدئة الطفل وتقليل التوتر كافياً.

• معالجة الحمى أو العدوى: استخدام خافضات الحرارة وعلاج العدوى إن وجدت.

• ترطيب الطفل: في حالات الجفاف، تعويض السوائل أمر ضروري.

• تعديل الأدوية: إذا كان السبب تناول أدوية معينة، يمكن تعديل الجرعة أو إيقاف الدواء تحت إشراف الطبيب.

العلاج الدوائي

• الأدوية المضادة لاضطراب النظم: مثل الأدوية التي تتحكم في معدل ضربات القلب أو تنظم نظم القلب.

• الأدوية المعالجة للحالات المسببة: مثل علاج فقر الدم، اضطرابات الغدة الدرقية، أو أي حالات طبية أخرى.

العلاج التدخلي والجراحي

• القسطرة الكهربائية: في حالات اضطراب نظم القلب المعقدة، يتم استخدام القسطرة الكهربائية لعلاج مصدر المشكلة.

• الجراحة: في حالات العيوب الخلقية أو تشوهات القلب التي تسبب تسارع ضربات القلب، قد يكون التدخل الجراحي ضروريًا.

متابعة الحالة والوقاية

مراقبة حالة الطفل بعد التشخيص والعلاج تعد أمرًا ضروريًا لمنع تكرار الأعراض أو تفاقمها. يجب أن يخضع الطفل لفحوصات دورية لتقييم وظيفة القلب ومعدل ضرباته. كما ينصح بتجنب مسببات التوتر والقلق، والحفاظ على نمط حياة صحي من تغذية مناسبة ونشاط بدني متوازن.

خلاصة

تسارع دقات قلب الطفل هو عرض يمكن أن يكون نتيجة عوامل طبيعية مؤقتة أو علامات على وجود مشكلة صحية خطيرة. يتطلب الأمر تقييمًا دقيقًا وسريعًا لضمان التشخيص الصحيح والعلاج المناسب. يجب على الأهل الانتباه لأي أعراض مصاحبة والاستعانة بالطبيب المختص لتحديد السبب ووضع خطة علاجية فعالة. الالتزام بالتعليمات الطبية والمتابعة المستمرة تساهم في تحقيق أفضل النتائج الصحية للأطفال المصابين بتسارع ضربات القلب.

المصادر والمراجع

• American Heart Association. (2020). Pediatric Heart Rate. Retrieved from heart.org

• Mayo Clinic. (2021). Fast Heart Rate (Tachycardia) in Children. Retrieved from mayoclinic.org