دعاء العمرة: أدعية مميزة

دعاء العمرة: المفهوم، الصيغ، والأدعية المستحبة في كل مرحلة من مراحلها

مقدمة

العمرة من أعظم القربات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، وقد ورد في فضلها العديد من الأحاديث النبوية التي تبين مكانتها العظيمة في الإسلام، ومن ذلك قوله ﷺ: “العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما”، فهي تطهر النفس وتمحو الذنوب وتعيد القلب إلى صفائه. وتعد الأدعية جزءًا لا يتجزأ من شعائر العمرة، إذ يصحب المعتمر الذكر والدعاء في كل مراحل أدائه للمناسك، بدءًا من الإحرام، ومرورًا بالطواف والسعي، وانتهاءً بالحلق أو التقصير.

مفهوم الدعاء في العمرة

الدعاء في العمرة هو تعبير عن الاتصال الروحي بالله، وتفريغ لمكنونات القلب، وطلب للرحمة والمغفرة والقبول. وهو سُنة عظيمة أوصى بها النبي ﷺ، وإن لم يُحدد في كثير من المواضع بصيغ مخصوصة، بل جعل الأمر متاحًا للمسلم أن يدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة. ومع ذلك، فقد وردت أدعية مأثورة ومستحبة في مواضع محددة من مناسك العمرة، يُستحب للمسلم أن يحرص عليها أو يدعو بما يجول بخاطره بشرط عدم الاعتداء أو الخروج عن حدود المشروع.

أدعية الإحرام

الإحرام هو أول ركن من أركان العمرة، ويُسن للمسلم أن يغتسل قبله ويتطيب، ثم يلبس ملابس الإحرام وينوي الدخول في النسك بقوله:

“لبيك اللهم عمرة”

ويُستحب أن يقول بعد النية:

“اللهم إني أريد العمرة فيسرها لي وتقبلها مني، اللهم إني نويت العمرة فاجعلها عمرةً مبرورة متقبلة، لا رياء فيها ولا سمعة”

ثم يُكثر من التلبية كما ورد عن النبي ﷺ:

“لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك”

ويُكرر هذه التلبية حتى يصل إلى البيت الحرام، وهي شعار الإحرام التي تملأ القلب بخشوع وتعظيم لله عز وجل.

أدعية دخول الحرم ورؤية الكعبة

عند دخول المسجد الحرام يُستحب أن يدخل المسلم برجله اليمنى ويقول:

“بسم الله، اللهم صل على محمد، اللهم افتح لي أبواب رحمتك”

وعند رؤية الكعبة يُستحب أن يرفع يديه ويدعو بما شاء، ومن الأدعية الواردة:

“اللهم زد هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًا”

وقد ورد عن بعض السلف أن الدعاء عند أول رؤية للكعبة مستجاب بإذن الله.

دعاء الطواف

الطواف سبعة أشواط تبدأ من الحجر الأسود وتنتهي به، ويُستحب تقبيله إن تيسر، وإن لم يتيسر فيُشير إليه بيده اليمنى ويقول:

“بسم الله، والله أكبر”

ولا يوجد دعاء مخصوص لكل شوط من أشواط الطواف، ولكن يُستحب أن يُكثر من الذكر والدعاء والتكبير، ومن الأدعية المستحبة:

“ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار”

“اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين”

“اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار”

وفي الشوط ما بين الركن اليماني والحجر الأسود يُستحب أن يقول:

“ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار”

ويُسن في الطواف كثرة الصلاة على النبي ﷺ، وقراءة ما تيسر من القرآن الكريم، والدعاء بما يحب العبد من خيري الدنيا والآخرة.

دعاء مقام إبراهيم

بعد الانتهاء من الطواف، يصلي المعتمر ركعتين خلف مقام إبراهيم، ويقرأ فيهما سورتي “الكافرون” و”الإخلاص” بعد الفاتحة إن تيسر، ثم يدعو بما شاء من الأدعية:

“اللهم اجعلني من المخلصين في عبادتك، الثابتين على دينك، المنيبين إليك، الموقنين بلقائك، والوجلين من عذابك”

دعاء عند شرب ماء زمزم

يُستحب للمعتمر بعد الصلاة أن يشرب من ماء زمزم، ويقول:

“اللهم اجعله لنا علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشفاءً من كل داء”

وقد ورد أن النبي ﷺ قال: “ماء زمزم لما شرب له”، فيُسن للمسلم أن يتوجه إلى الله بالدعاء عند شربه، راجيًا منه الشفاء أو العلم أو الرزق أو صلاح الحال.

أدعية السعي بين الصفا والمروة

السعي سبعة أشواط يبدأ من الصفا وينتهي بالمروة، وعند صعود الصفا يقول المعتمر:

“إن الصفا والمروة من شعائر الله، أبدأ بما بدأ الله به”

ثم يصعد عليه ويستقبل القبلة، ويرفع يديه ويقول:

“الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير”

“لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده”

ويُكرر هذا الدعاء ثلاث مرات، ويدعو بين كل مرة بما شاء من خيري الدنيا والآخرة.

ويُقال هذا الدعاء نفسه عند الوقوف على المروة، ويُستحب أن يُكثر في أثناء السعي من:

“رب اغفر وارحم، إنك أنت الأعز الأكرم”

“اللهم إني أسألك من فضلك ورحمتك، فإنه لا يملكها إلا أنت”

“اللهم اهدني وسددني، ووفقني لما تحب وترضى”

“اللهم اجعلني من أهل الجنة، ولا تجعلني من أهل النار”

ويُستحب أن يتخلل السعي بالصلاة على النبي ﷺ، والذكر، وقراءة القرآن.

دعاء الحلق أو التقصير

بعد إتمام السعي، ينتقل المعتمر إلى حلق أو تقصير شعره، والحلق أفضل للرجال، بينما يُشرع للنساء أن يقصرن من أطراف شعورهن قدر أنملة. ويُستحب أن يقول عند الحلق:

“اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، واجعلني من المتطهرين”

وقد ورد عن النبي ﷺ أنه دعا للمحلقين ثلاثًا، وللمقصرين مرة، فقال: “اللهم اغفر للمحلقين، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: اللهم اغفر للمحلقين، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: اللهم اغفر للمحلقين، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: وللمقصرين”

دعاء ختام العمرة

بعد الفراغ من جميع المناسك، يُستحب أن يختم المعتمر عمرته بدعاء الشكر والثناء، ويقول:

“الحمد لله الذي بلغني بيته الحرام، وأعانني على أداء المناسك، اللهم تقبل مني عمرتي، واغفر لي ذنبي، واجعل عملي خالصًا لوجهك الكريم”

“اللهم اجعل هذه العمرة مغفرةً لي، ومحوًا لخطاياي، وبدايةً لحياةٍ جديدة بطاعتك ورضاك”

جدول الأدعية المستحبة في العمرة حسب المواضع

الخاتمة

دعاء العمرة ليس مجرد تلاوة لألفاظ محفوظة، بل هو حالة روحية يتجرد فيها العبد من مشاغل الدنيا، ويقف بين يدي الله بقلب خاشع ولسان ذاكر، سائلًا ربه القبول والمغفرة. إنها لحظة من الصفاء الروحي، يُحسن بالمسلم أن يغتنمها، وأن يُكثر فيها من الدعاء والتضرع، وأن يُخلص النية فيها لله وحده، ليعود من عمرته كيوم ولدته أمه، كما أخبر النبي ﷺ.

المراجع

1. صحيح البخاري، كتاب الحج.

2. كتاب “فقه العمرة والحج” – د. صالح الفوزان.