دروس تسويقية من لعبة الحبار

3 دروس تسويقية يمكن تعلمها من مسلسل لعبة الحبار (Squid Game)

حقق مسلسل “لعبة الحبار” (Squid Game) شهرة واسعة في جميع أنحاء العالم بعد إطلاقه على منصة “نتفليكس”، حيث أصبح حديث الشارع والعديد من النقاشات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. تدور أحداث المسلسل حول مجموعة من الأشخاص الذين يشاركون في ألعاب ذات طابع طفولي ولكنها تحمل في طياتها تحديات مرعبة ومكلفة، وفي النهاية، يبقى فقط من يستطيع النجاة. يمكن العثور على العديد من الدروس القيمة في “لعبة الحبار” ليس فقط في مجالات الحياة الشخصية أو الاجتماعية، بل أيضًا في مجال التسويق. في هذا المقال، سنتناول ثلاثة دروس تسويقية رئيسية يمكن تعلمها من هذا المسلسل.

1. بناء هويّة قوية وخلق تجربة لا تُنسى

أحد العوامل التي ساهمت في نجاح مسلسل “لعبة الحبار” هو بناء هوية قوية وغير قابلة للنسيان. من خلال استخدام تصميمات مميزة لأزياء الشخصيات مثل أقنعة الموظفين وملابس المتسابقين ذات الألوان المتباينة، أصبح المسلسل من السهل التعرف عليه. فالشخصيات في المسلسل تمتاز بسمات معينة تجذب الأنظار، مما يجعل الهوية البصرية جزءًا أساسيًا من جاذبية العمل.

في التسويق، يُعد بناء هوية قوية جزءًا أساسيًا من نجاح أي علامة تجارية. من خلال استخدام ألوان وتصاميم وشعارات مميزة، يمكن للعلامة التجارية أن تميز نفسها عن المنافسين. فمثلاً، الماركات التي تبني هوية بصرية قوية تكون قادرة على خلق انطباع قوي لدى الجمهور، وهو ما يُساعد في بناء ولاء العملاء. وبالمثل، يمكن للشركات الاستفادة من هذه الفكرة عبر تطوير تجارب فريدة لعملائها، تُصبح جزءًا من ذاكرتهم اليومية.

في مسلسل “لعبة الحبار”، نجد أن الجمهور يتذكر جيدًا رمزية اللعبة نفسها. الألعاب التي تعتمد على الطفولة مثل “الكرة الطائرة” و”الكرات”، تمثل في المسلسل أداة لتوجيه الجمهور إلى تجربة مؤلمة تميز المسلسل. في التسويق، يمكن الاستفادة من مثل هذه الرمزية من خلال خلق تجارب مميزة وذات طابع فريد لا تُنسى. فإذا تمكنت العلامة التجارية من خلق تجربة لا تُنسى لعملائها، فسوف تبني ولاء مستدامًا يعزز من تواجدها في السوق.

2. الاستفادة من العواطف والمشاعر

يُعتبر مسلسل “لعبة الحبار” نموذجًا ممتازًا لكيفية استغلال العواطف في جذب الجمهور. طوال الأحداث، يتم استعراض مجموعة من المشاعر مثل اليأس، الأمل، الغضب، والخوف، وكل ذلك يعزز من تفاعل المشاهدين مع الشخصيات. فالتوتر الذي يعيشه المتسابقون في المسلسل يُترجم إلى لحظات درامية تتشابك مع مشاعر الجمهور، مما يخلق ارتباطًا عاطفيًا عميقًا مع الأحداث.

في عالم التسويق، يعد استهداف العواطف أحد الأدوات الأقوى في التأثير على سلوك المستهلك. فالأشخاص يميلون إلى اتخاذ قرارات الشراء بناءً على مشاعرهم بدلاً من تحليل منطقي بحت. لذلك، من المهم أن تستخدم الشركات القصص التي تؤثر في عواطف العملاء بشكل عميق. يمكن أن تساعد هذه القصص في بناء علاقة عاطفية مع المنتج أو الخدمة، مما يزيد من فرص الشراء والوفاء بالعلامة التجارية.

مثال آخر من المسلسل هو الاستخدام الذكي لمفهوم الأمل ضد الخوف. على الرغم من أن المتسابقين في المسلسل يعرفون أن خسارتهم قد تعني الموت، إلا أن الأمل في الفوز الكبير هو ما يجعلهم يواصلون اللعب. هذه الازدواجية بين الأمل والخوف يمكن أن تُستغل في حملات تسويقية، حيث يكون عرض الفوائد الكبيرة مقابل المخاطر محتملًا نقطة جذب قوية. الشركات التي تستخدم هذا الأسلوب بذكاء يمكنها تحفيز جمهورها على اتخاذ خطوة الشراء في ظروف معينة أو حتى في أوقات صعبة.

3. التسويق عبر مفاهيم المنافسة والتحدي

يُعتبر عنصر المنافسة جزءًا لا يتجزأ من مسلسل “لعبة الحبار”، حيث يتسابق المتسابقون فيما بينهم في ألعاب تتطلب مهارات عقلية وجسدية عالية. وهذا يمثل نقطة جذب كبيرة للمشاهدين، الذين يتابعون الأحداث بحماس شديد لمعرفة من سيظل في اللعبة ومن سيخرج منها. كما أن المنافسة في المسلسل تجسد الصراع الداخلي بين الشخصيات، مما يجعل للمسلسل طابعًا مميزًا يعكس الواقع البشري في أشد صوره.

في التسويق، تُعد المنافسة من الأساليب الفعّالة لجذب الانتباه وتحفيز العملاء على اتخاذ قرارات الشراء. من خلال طرح التحديات والمسابقات، يمكن للشركات إنشاء فرص لزيادة التفاعل مع العملاء وجذب جمهور أكبر. بعض العلامات التجارية تعتمد على تنظيم مسابقات أو حتى حملات إعلانية تحفز المنافسة بين العملاء من خلال تقديم جوائز مغرية أو خصومات. ولكن الأمر يتجاوز مجرد الجوائز المادية؛ فإن إنشاء تحديات تجعل المستهلكين يشعرون بأنهم جزء من شيء أكبر يخلق انطباعًا إيجابيًا حول المنتج أو الخدمة.

عندما يتعلق الأمر بإضفاء طابع من المنافسة على الحملات التسويقية، فإن المسلسل يقدم درسًا هامًا في كيفية إبقاء الجمهور متشوقًا ومستمتعًا بالتحدي المستمر. على غرار الشخصيات في “لعبة الحبار”، يمكن للعملاء أن يشعروا بأنهم في سباق مستمر للحصول على أفضل العروض أو الحلول، مما يجعلهم أكثر تفاعلًا مع العلامة التجارية.

ختامًا

يمكن اعتبار مسلسل “لعبة الحبار” تجربة تسويقية فريدة من نوعها تتيح لنا الفرصة لاستخلاص العديد من الدروس التي يمكن تطبيقها في عالم التسويق. من بناء هوية قوية لا تُنسى إلى استغلال العواطف والتفاعل مع المفاهيم العميقة للتحدي والمنافسة، تقدم هذه القصة الكورية دروسًا قيّمة تُسهم في تطوير استراتيجيات التسويق الناجحة. وإن كانت العناصر الرئيسية لهذه الدروس مستوحاة من القصة نفسها، فإن المبادئ التي تستند إليها تظل صالحة وقابلة للتطبيق في مختلف الأسواق والقطاعات.