خطوات كتابة الدراسات السابقة

خطوات كتابة الدراسات السابقة في البحث العلمي

تُعد الدراسات السابقة من الأجزاء الأساسية في أي بحث علمي، حيث تساعد على وضع البحث في سياق معرفي أوسع، وتقديم خلفية نظرية قوية تدعم فرضيات الباحث وأهدافه. وتعد كتابة الدراسات السابقة عملية دقيقة تتطلب تنظيمًا منهجيًا وإلمامًا واسعًا بالمراجع المتاحة في مجال الدراسة. في هذا المقال، سنتناول خطوات كتابة الدراسات السابقة في البحث العلمي بالتفصيل، مع تسليط الضوء على كيفية تحليل الدراسات الأخرى وربطها بأهداف البحث.

1. فهم الهدف من الدراسات السابقة

قبل الشروع في كتابة الدراسات السابقة، يجب على الباحث أن يفهم تمامًا الهدف الذي تسعى الدراسات السابقة لتحقيقه في البحث العلمي. تكمن أهمية الدراسات السابقة في أنها توفر للباحث:

• إطارًا نظريًا: يساعد في فهم الموضوع محل البحث ووضعه في سياق أوسع.

• معرفة الفجوات البحثية: تمكّن الباحث من تحديد الفجوات التي لم يتم تناولها في الأدبيات السابقة وبالتالي يساعد في تحديد الأسئلة البحثية التي سيتم الإجابة عليها.

• إثبات صحة فرضيات البحث: عن طريق مقارنة النتائج والنتائج المبدئية التي توصلت إليها الدراسات السابقة، يمكن للباحث أن يثبت صحة أو خطأ فرضياته.

2. جمع المصادر والمراجع

جمع الدراسات السابقة هو أول خطوة عملية في كتابة هذا الجزء من البحث. يتطلب هذا أن يكون الباحث قادرًا على استخدام أدوات البحث الأكاديمية المناسبة للعثور على الدراسات العلمية ذات العلاقة بموضوعه. يمكن للباحث الاستفادة من عدة مصادر، مثل:

• المجلات العلمية المحكمة: التي تحتوي على أبحاث ودراسات محدثة في التخصص.

• الأطروحات الجامعية: يمكن أن تكون أطروحات الماجستير والدكتوراه مفيدة جدًا لأنها تعرض دراسات مفصلة ومتعمقة.

• الكتب الأكاديمية: التي تلخص الأبحاث والدراسات في موضوع معين.

• الدوريات العلمية الإلكترونية: مثل Google Scholar وJSTOR وPubMed.

3. اختيار الدراسات المناسبة

ليس كل دراسة سابقة تعد مناسبة لبحثك. من الضروري أن يقوم الباحث بتحديد الدراسات التي تساهم في بناء خلفية معرفية قوية لدراسته الخاصة. على الباحث:

• اختيار الدراسات التي تتناول الموضوعات الرئيسية ذات الصلة.

• التركيز على الدراسات الحديثة التي توفر معلومات محدثة حول الموضوع.

• تضمين الدراسات التي توفر نتائج مغايرة أو تدعم الفرضيات المختلفة في حال كانت جزءًا من البحث.

4. تحليل الدراسات السابقة

بعد جمع الدراسات، تأتي مرحلة التحليل، والتي تعد من أهم مراحل كتابة الدراسات السابقة. في هذه المرحلة، لا يجب على الباحث مجرد تلخيص محتوى الدراسات السابقة، بل يجب تحليله بعمق وقراءته بنقدية. من أهم جوانب التحليل:

• مقارنة النتائج: يجب أن يقارن الباحث بين النتائج التي توصلت إليها الدراسات السابقة ونتائج دراسته الخاصة، لتحديد أوجه التشابه أو الاختلاف.

• تحديد منهجيات البحث: يجب أن يتم استعراض منهجيات الدراسات السابقة بعناية، والتأكد من مناسبتها لموضوع البحث، وكذلك تحديد ما إذا كانت هناك تقنيات تحليل يمكن الاستفادة منها في الدراسة الحالية.

• التحقق من الفجوات المعرفية: من خلال تحليل الدراسات السابقة، يمكن للباحث تحديد الفجوات أو المواضيع التي لم يتم تناولها بشكل كافٍ في الأدبيات السابقة.

• التحديد الزمني: ينبغي أخذ التواريخ بعين الاعتبار، حيث قد تكون بعض الدراسات قديمة جدًا ولا تعكس التطورات الحديثة في مجال البحث.

5. تنظيم الدراسات السابقة

بعد التحليل، يجب على الباحث تنظيم الدراسات السابقة بطريقة تسهل للقارئ متابعة المعلومات وترتيبها بشكل منطقي. توجد عدة طرق لتنظيم الدراسات السابقة:

• حسب الموضوعات أو المحاور: يمكن تقسيم الدراسات إلى مجموعات حسب الموضوع أو المفهوم الذي تتناوله. على سبيل المثال، يمكن تقسيم الدراسات حول موضوع معين إلى مجالات مثل “الأسس النظرية”، “التطبيقات العملية”، “الدراسات التجريبية”، وهكذا.

• حسب المنهجية: يمكن ترتيب الدراسات بناءً على المنهجيات التي استخدمها الباحثون. مثلًا، يمكن تقسيمها إلى دراسات كمية، دراسات نوعية، دراسات ميدانية، أو دراسات مكتبية.

• حسب التوجه الزمني: يمكن أيضًا تنظيم الدراسات حسب التسلسل الزمني، بحيث يبدأ الباحث بالحديث عن الدراسات القديمة التي تم إجراؤها في بداية الموضوع ثم يتدرج إلى الدراسات الأحدث التي تعكس التوجهات الجديدة في هذا المجال.

6. عرض الدراسات السابقة

يجب أن يعرض الباحث الدراسات السابقة بأسلوب أكاديمي مناسب، بحيث يكون العرض واضحًا ومبسطًا. عند الكتابة، يجب مراعاة النقاط التالية:

• التوثيق السليم: يجب على الباحث أن يلتزم بأسلوب التوثيق المعتمد في مجاله (مثل APA، MLA، أو أسلوب Harvard). يتطلب ذلك إدراج كافة المعلومات الضرورية مثل اسم المؤلف، عنوان الدراسة، سنة النشر، واسم المجلة أو المؤسسة التي نشرت الدراسة.

• التركيز على النقاط الرئيسية: لا ينبغي أن يتم التوسع في تفاصيل الدراسات السابقة غير الضرورية. يجب أن يركز العرض على المعلومات التي تدعم أو تتناقض مع الفرضيات والنتائج في البحث الحالي.

• الوضوح والتنظيم: يجب أن تكون الدراسات السابقة مكتوبة بشكل واضح ومنظم، بحيث يسهل على القارئ فهم العلاقة بين الدراسات وأهداف البحث.

7. إعداد التفسير والتحليل النقدي

لا يكفي فقط ذكر الدراسات السابقة، بل يجب على الباحث أن يقدم تفسيرًا نقديًا لها. يهدف هذا التفسير إلى:

• الاستفادة من دراسات أخرى: كيف يمكن للدراسات السابقة أن تُسهم في حل المشاكل التي يواجهها الباحث؟ وهل هناك طرق جديدة أو لم يتم التطرق إليها بعد؟

• مناقشة التحليل النقدي: يمكن للباحث إبداء رأيه في الدراسات السابقة، من حيث قوتها أو نقاط ضعفها، ومدى مصداقيتها في ظل المعطيات الحالية.

8. كتابة الخاتمة الجزئية للدراسات السابقة

تتضمن هذه الخاتمة ملخصًا مختصرًا للدراسات السابقة التي تم مناقشتها، مع توضيح العلاقة بينها وبين البحث الجاري. الهدف من هذه الخاتمة هو:

• تلخيص المعلومات الأساسية: عرض النقاط الرئيسية التي تم مناقشتها في الدراسات السابقة.

• إبراز الفجوات البحثية: توضيح الفجوات أو المجالات التي لم يتم دراستها بعد، مما يدعم الحاجة إلى إجراء البحث الحالي.

• توجيه القارئ: الربط بين الدراسات السابقة وموضوع البحث بحيث يكون هناك تدفق منطقي يساعد في بناء خلفية نظرية قوية.

9. التركيز على الأخلاقيات البحثية

من الأمور الضرورية التي يجب أن يلتزم بها الباحث هي الأخلاقيات البحثية أثناء كتابة الدراسات السابقة. يتضمن ذلك:

• الاقتباس السليم: يجب أن يتم الاقتباس من الدراسات السابقة بشكل صحيح، لتجنب الوقوع في سرقة الأدبيات (Plagiarism).

• الشفافية في النتائج: يجب تقديم النتائج والأدلة من الدراسات السابقة بكل دقة وحيادية، وعدم تحريف المعلومات بما يتناسب مع فرضيات البحث فقط.

10. المراجعة والتدقيق

بعد الانتهاء من كتابة الدراسات السابقة، يجب على الباحث مراجعة النص والتأكد من خلوه من الأخطاء اللغوية والنحوية، بالإضافة إلى التحقق من دقة المعلومات وتوثيق المراجع بشكل صحيح. كما يجب التأكد من أن الدراسات السابقة متسقة مع بقية أجزاء البحث.

11. مواكبة الدراسات الحديثة

بما أن البحث العلمي يتطور باستمرار، يجب أن يكون الباحث دائمًا على دراية بالدراسات الحديثة في مجاله. لذلك، من المهم متابعة المجلات العلمية والبحثية باستمرار للاطلاع على أحدث الدراسات التي قد تكون ذات صلة.

الخلاصة

كتابة الدراسات السابقة هي عملية تتطلب دقة واهتمامًا كبيرين من الباحث. يتطلب الأمر جمع وتحليل الدراسات المتوافقة مع موضوع البحث، ثم تنظيمها وتقديمها بشكل منطقي ومدعوم بالأدلة. من خلال إتقان هذه الخطوات، يتمكن الباحث من بناء إطار معرفي قوي يتيح له التقدم في بحثه ويساهم في إثراء مجاله العلمي.