خطوات حج التمتع

حج التمتع هو أحد أنواع الحج الثلاثة التي شرعها الإسلام، وهو من العبادات التي تجمع بين العمرة والحج في موسم واحد مع فك الإحرام بينهما، وهو من السنن المؤكدة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم. يتميز حج التمتع بأنه يتيح للمسلم أن يؤدي مناسك العمرة أولاً في أشهر الحج، ثم يفك إحرامه، ثم يعاود الإحرام للحج في موعده، مع المحافظة على الشروط والواجبات الشرعية التي تميز هذا النوع من الحج عن غيره. في هذا المقال سيتم تفصيل خطوات حج التمتع بشكل شامل وموسع، مع شرح دقيق لكل مرحلة من مراحل الحج، مع توضيح الأحكام والسنن المصاحبة، إضافة إلى مراعاة الجوانب الفقهية والنواحي العملية.

مفهوم حج التمتع

حج التمتع يعني أن يؤدي المسلم مناسك العمرة كاملة في أشهر الحج (شهر ذي القعدة وذي الحجة)، ثم يفك إحرامه بعد أداء العمرة، ويخرج من حالة الإحرام، ثم يعود ليحرم للحج في يوم التروية (8 ذو الحجة)، ثم يكمل مناسك الحج. هذه الطريقة كانت من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وتعد اليوم أكثر أنواع الحج شيوعاً بين الحجاج. وتفصيلاً، يشمل حج التمتع ما يلي:

• الإحرام بالعمرة من الميقات.

• أداء مناسك العمرة كاملة (الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير).

• فكه الإحرام بعد الانتهاء من العمرة.

• الإحرام مجدداً للحج من الميقات في يوم التروية.

• إتمام مناسك الحج حتى الوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة ومنى، ورمي الجمرات، ثم طواف الوداع.

الخطوة الأولى: النية والإحرام بالعمرة

يبدأ حج التمتع بالنية الصادقة لأداء العمرة والحج معاً، إذ يجب أن ينوي المسلم أن يؤدي العمرة الآن بنية التمتع بالحج، وهذه النية تكون مصحوبة بالإحرام من أحد المواقيت المحددة شرعاً، وهي النقاط التي يجب على الحاج أن يلبس فيها لباس الإحرام وينوي الدخول في النسك.

مواقيت الإحرام

المواقيت تختلف حسب مكان إقامة الحاج، ومن أشهرها:

• ذات عرق: للمقيمين في المدينة المنورة.

• قرن المنازل: للمقيمين في مكة.

• الجحفة: للمقيمين في طريق الشام.

• يلملم: للمقيمين في طريق اليمن.

• ذات عرق: للمقيمين في المدينة.

على الحاج أن يحدد ميقاته ويحرَم منه، ويشرع له الاغتسال، والتطيب، ولبس ملابس الإحرام (إزار ورداء للرجال، والنساء يكتفين بلبس ملابس شرعية لا تغطي الوجه والكفين).

نية الإحرام

النوايا يجب أن تكون واضحة في القلب ولا يشترط التلفظ بها، ويفضل التلفظ لتثبيت النية، مثال: “لبيك عمرة التمتع لله تعالى”.

الخطوة الثانية: أداء مناسك العمرة

بعد الإحرام والنية، يبدأ الحاج بأداء مناسك العمرة التي تشمل:

1. الطواف حول الكعبة

• يكون الطواف سبعة أشواط حول الكعبة المشرفة.

• يبدأ الطواف من الحجر الأسود، ويستحب استلامه إن أمكن.

• يجب أن يكون الطواف في طهارة كاملة، وطهارة اللباس، مع حضور القلب والخشوع.

• الطواف في الحج والعمرة ركناً أساسياً لا يصح الحج أو العمرة بدونه.

2. الصلاة خلف مقام إبراهيم

بعد الانتهاء من الطواف، يستحب للحاج أن يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام، حيث قال الله تعالى:

(وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى).

3. السعي بين الصفا والمروة

بعد الطواف، ينتقل الحاج إلى السعي بين الصفا والمروة، حيث يقطع سبعة أشواط تبدأ من الصفا وتنتهي بالمروة، وهذا السعي هو سنة مؤكدة، وقد أمر الله تعالى بذلك في كتابه:

(إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ).

4. الحلق أو التقصير

• بعد الانتهاء من السعي، يجب على الرجل أن يحلق شعر رأسه أو يقصره، وهذا شرط من شروط العمرة.

• النساء لا يحلقن ولا يقصرن الشعر، ولكن يكتفين بقص جزء صغير من أطراف الشعر.

• يقصد بهذا الإجراء إزالة حالة الإحرام عن بعض شعور الجسم، وهو رمز للخشوع والانقياد لأوامر الله.

الخطوة الثالثة: فك الإحرام بعد أداء العمرة

في حج التمتع، بعد إتمام مناسك العمرة والحلق أو التقصير، يباح للحاج فك الإحرام، فيخرج من حالة الإحرام، ويرتدي ملابسه العادية، ويعود إلى حالته الطبيعية في العادات واللباس، إلى حين موعد الإحرام مجدداً للحج. ويستحب خلال هذه الفترة المحافظة على الطهارة والعبادة، مع التهيؤ للنسك القادم.

الخطوة الرابعة: الإحرام للحج من جديد

يبدأ الحاج في يوم 8 ذو الحجة (يوم التروية) بالإحرام مجدداً، ولكن هذه المرة ينوي أداء الحج. هذا الإحرام يكون أيضاً من الميقات المناسب لمكان الحاج، ونية الإحرام تكون صريحة ومخصصة للحج، مثال: “لبيك حجًا”.

ينبغي على الحاج الالتزام بشروط الإحرام، والابتعاد عن المحظورات، مثل قطع الشعر أو الأظافر، وارتداء الملابس الخاصة بالإحرام (للرجال إزار ورداء، وللنساء ملابس الشرع).

الخطوة الخامسة: التوجه إلى منى

بعد الإحرام بالحج، يتوجه الحاج إلى منى ويبيت بها ليلة يوم التروية (8 ذو الحجة)، وهذه الليلة من السنن المؤكدة في الحج، حيث يفضل النوم مبكراً والاستعداد ليوم عرفة، وهو أهم أيام الحج.

الخطوة السادسة: الوقوف بعرفة

في اليوم التاسع من ذي الحجة، يتوجه الحاج إلى جبل عرفة للوقوف في صعيد عرفة، ويقضي الحاج هذا اليوم في الدعاء والذكر والتضرع إلى الله، فهذه الوقفة هي ركن الحج الأعظم، ولا يصح الحج بدونها.

يبدأ الوقوف من زوال الشمس إلى غروبها، ويجوز للحاج أن يؤدي الصلاة في مسجد نمرة، أو غيره من مناطق عرفة، لكن الركن الأساسي هو الوقوف في منطقة عرفة المحددة شرعاً.

الخطوة السابعة: المبيت بمزدلفة

بعد غروب شمس يوم عرفة، ينطلق الحاج إلى مزدلفة لقضاء الليلة بها، وهي منطقة بين عرفة ومنى، حيث يمكث الحاج إلى صلاة الفجر، ويجمع هناك الحصى الصغيرة اللازمة لرمي الجمرات في منى.

المبيت في مزدلفة سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويجب على الحاج التقيد بذلك إلا لعذر شرعي.

الخطوة الثامنة: رمي جمرة العقبة الكبرى

في صباح اليوم العاشر من ذي الحجة، وهو يوم عيد الأضحى، يتوجه الحاج إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى التي تقع على طريق الحج إلى مكة، باستخدام سبع حصيات صغيرة، وهو عمل مهم يدل على الرمي للشيطان.

الخطوة التاسعة: الذبح والتقصير أو الحلق

بعد رمي الجمرة، يقوم الحاج بذبح أضحيته، سواء كان أضحية حقيقية أو عن طريق التفاويض، ثم يقصر شعره أو يحلقه إذا كان رجلاً، أما النساء فيقصرن قليلاً من أطراف شعرهن.

هذه الشعيرة تعبر عن الخروج من الإحرام، وتخفيف مشقة النسك.

الخطوة العاشرة: الطواف الإفاضة

بعد الانتهاء من الذبح والحلق، يعود الحاج إلى مكة ليؤدي طواف الإفاضة، وهو ركن من أركان الحج، ويقوم به الحاج في الفترة من يوم النحر حتى آخر أيام التشريق، ويُشترط في الحج صحته.

الخطوة الحادية عشر: السعي بعد طواف الإفاضة

إذا كان الحاج لم يسع بعد طواف العمرة، فيجب عليه السعي بين الصفا والمروة بعد طواف الإفاضة، وهذا واجب من واجبات الحج.

الخطوة الثانية عشر: المبيت في منى ورمي الجمرات

في يوم الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة (أيام التشريق)، يقيم الحاج في منى، ويقوم برمي الجمرات الثلاث: الصغرى والوسطى والعقبة، وذلك بكل جمرة سبع حصيات.

يجب على الحاج الإقامة في منى أيام التشريق، وهو أمر مستحب ومؤكد.

الخطوة الثالثة عشر: طواف الوداع

قبل مغادرة مكة، يجب على الحاج أن يؤدي طواف الوداع، وهو طواف يودع به البيت الحرام، ويعتبر هذا الطواف آخر مناسك الحج.

جدول توضيحي لمراحل حج التمتع

الخاتمة

حج التمتع يعتبر نموذجاً متكاملاً من مناسك الحج التي تؤدي بشكل دقيق ومنظم، مع فواصل زمنية بين العمرة والحج تتيح للمسلم أن يستعيد نشاطه ويهيئ نفسه لاستكمال الركن الأكبر من أركان الإسلام. الحفاظ على شروط النية، الإحرام، والطواف، والسعي، والوقوف بعرفة، ورمي الجمرات، كلها تشكل منظومة متكاملة تجمع بين العبادات الجسدية والروحية في رحلة إيمانية عظيمة إلى بيت الله الحرام.

الالتزام الدقيق بهذه الخطوات يعكس التزام المسلم بطاعة الله ورسوله، ويضمن له أداء الحج على الوجه الأكمل، مما يرفع درجاته ويقربه إلى رضوان الله سبحانه وتعالى.