“خان الشابندر” للكاتب محمد حيّاوي، يقف كتابٌ في مقدمة أعمال الأدب والخيال العربي الحديث، حيث يرسم صورة مكثّفة ومركّزة لحياة بغداد، المدينة التاريخية الغنية بالثقافة والتاريخ، والتي عاشت فترات متقلبة من السرّية والظلم، البائسة والمحزنة، نتيجة لتأثير حكم شمولي ثم احتلال أميركي.
تأخذنا الرواية في رحلة مع شخصياتها الرئيسية هند، وضويّة، ونيفين، إلى عوالمها المعقّدة والمتناقضة. تتأرجح حيواتهن بين أمواج الانفجارات المرعبة التي هزّت المدينة والعالم الفانتازي الغامض الذي يقف على رأسه “مجر”، الفيلسوف الصوفي الغريب الذي يعكس جوانب مختلفة من الحياة والروحانية.
القصة تستخدم الأحداث والشخصيات كوسيلة لاستكشاف تأثيرات الحروب والاحتلال على الحياة اليومية، وكيف تتغير العقائد والأوجه الثقافية تحت وطأة الأحداث السياسية الكبرى. ترسم الكلمات لوحة تفصيلية لمشهد بغداد الذي يعج بالتناقضات والتحديات، وتكشف الطبيعة البشرية في ظل الظروف الصعبة.
نهاية الرواية تأتي كتجسيد لأمواج الانفجارات المرعبة والعالم الفانتازي، حيث تتشابك الخيوط السردية ببراعة لتخلق ختامًا يترك في نفس القارئ تأملات عميقة حول الحياة والتحديات التي تطرأ على مساراتنا.
تُظهر دار الآداب بإصدارها للكتاب عام 2016 الاهتمام الكبير بنشر الأعمال الأدبية التي تحمل رسائل معنوية وثقافية. ويأتي الكتاب بغلاف ورقي يعزز من قيمته الفنية والجمالية، مما يجعله جوهرة للمكتبة العربية.
“خان الشابندر” يترك أثرًا عميقًا في قلب القارئ، يشدّه إلى عوالم متنوعة ويفتح له أفقًا جديدًا لفهم تاريخ المدينة وتأثيرات الأحداث الكبيرة على حياة الناس العاديين. يظل الكتاب مساهمًا قيّمًا في مجال الأدب والثقافة، وتأتي قراءته تجربة لا تُنسى تثري الفهم وتوسّع الأفق.