جزيرة اليوم السابق: رواية أمبرتو إيكو بين التاريخ والخيال

جزيرة اليوم السابق: رواية تاريخية بقلم أمبرتو إيكو

في رواية “جزيرة اليوم السابق” التي كتبها أمبرتو إيكو وترجمها ويليام ويفر، تأخذنا القصة إلى قلب القرن السابع عشر، وتحديداً إلى العام 1643. تدور أحداث الرواية حول شخصية رئيسية تُدعى روبيرتو ديلا غريفا، الذي يجد نفسه بعد عاصفة عنيفة في جنوب المحيط الهادئ على متن سفينة مدمرة. تدور أحداث الرواية في جزيرة جميلة حيث يجد روبيرتو نفسه عالقاً على متن سفينة أخرى، هي “الدافني”، التي رست في خليج الجزيرة.

يبدأ السرد عندما ينجو روبيرتو من العاصفة ويكتشف أنه انتشل نفسه إلى سفينة “الدافني” التي كانت ملقاة على الشاطئ. لكن الأمور لا تسير كما هو متوقع، حيث يجد روبيرتو أن السفينة مملوءة بالإمدادات ولكن طاقمها مفقود. وسط هذه الفوضى، يجد روبيرتو نفسه في مواجهة مع عالم مجهول ويبدأ رحلة استكشافية لكشف الأسرار التي تحملها الجزيرة والسفينة.

تغوص الرواية في عالم مليء بالغموض والأسرار، حيث يقدم إيكو وصفاً شعرياً وجذاباً للبحث الدولي عن “نقطة ثابتة” في الجغرافيا والخيال. تتداخل الرواية مع أفكار فلسفية وعلمية، حيث يروي إيكو قصة شاب يتطلع للعثور على الحب والمعنى في عالم مليء بالألغاز والظروف الصعبة. على صعيد آخر، يظهر شخصية كاهن يسوعي مسنّ، الذي باحث في أسرار الطول والعرض، وأقمار كوكب المشتري، والطوفان، مما يضيف عمقاً فكرياً للرواية.

تستند رواية “جزيرة اليوم السابق” إلى خلفية تاريخية حقيقية تتعلق بمحاولات اكتشاف الجغرافيا والخرائط في القرن السابع عشر، حيث يسعى العلماء لتحديد المواقع بدقة في عالم متغير وسريع التطور. يستخدم إيكو هذه الخلفية التاريخية لتنسج روايته التي تجمع بين الخيال والواقع، مما يوفر للقراء تجربة غنية وممتعة.

الأسلوب السردي لإيكو في “جزيرة اليوم السابق” يعكس اهتمامه العميق بالتفاصيل التاريخية والفلسفية، حيث يقدم مزيجاً من الوقائع التاريخية والخيال الأدبي. من خلال استخدامه للغة الشعرية والوصف الدقيق، يأخذ إيكو قراءه في رحلة عبر الأزمنة والأماكن، مما يجعل الرواية تجربة قراءة لا تُنسى.

نُشرت الرواية لأول مرة في نوفمبر 1995 بواسطة دار هاركورت بريس، وقد لاقت إشادة واسعة من النقاد والقراء على حد سواء. تُعتبر “جزيرة اليوم السابق” واحدة من أبرز أعمال إيكو، والتي تعكس بوضوح براعته في الجمع بين العناصر الأدبية والتاريخية لخلق عمل أدبي استثنائي.

في المجمل، تقدم “جزيرة اليوم السابق” قراءة غنية ومتعددة الأبعاد، حيث تمتزج فيها الإثارة التاريخية والفلسفة والتأمل في الذات، مما يجعلها إضافة بارزة في مكتبة الأدب التاريخي.