جرثومة المعدة عند الأطفال: أسبابها، وأعراضها، وتشخيصها، وطرق علاجها
تعد جرثومة المعدة (Helicobacter pylori) من البكتيريا التي تسبب العديد من المشاكل الصحية في الجهاز الهضمي، وتؤثر بشكل خاص على الأطفال في بعض الحالات. تُعرف هذه الجرثومة بأنها أحد العوامل المسببة للقرحة المعدية، وقد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة إذا لم يتم علاجها بشكل مناسب. في هذا المقال، سنتناول أسباب الإصابة بجرثومة المعدة عند الأطفال، أعراضها، كيفية تشخيصها، بالإضافة إلى طرق العلاج المختلفة.
ما هي جرثومة المعدة؟
جرثومة المعدة هي بكتيريا حلزونية الشكل، يمكنها العيش في بيئة معدة الإنسان على الرغم من الحموضة العالية التي توجد فيها. يعتقد أن هذه البكتيريا قد تكون موجودة في المعدة منذ الطفولة المبكرة، لكن أعراضها تظهر بشكل أوضح مع تقدم العمر أو عندما يتعرض الطفل لظروف صحية أو بيئية معينة قد تساعد في ظهور هذه الأعراض. ويعتقد الباحثون أن حوالي نصف سكان العالم مصابون بهذه الجرثومة، سواء كانت الأعراض ظاهرة أم لا.
أسباب الإصابة بجرثومة المعدة عند الأطفال
يعد انتقال جرثومة المعدة بين الأشخاص أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بها. وفيما يلي بعض العوامل التي قد تسهم في انتقال الجرثومة إلى الأطفال:
-
التلامس المباشر مع الشخص المصاب: تعد التفاعلات الوثيقة بين الطفل والشخص المصاب من أهم طرق نقل الجرثومة. في حالات العيش مع أشخاص مصابين، يمكن أن تنتقل الجرثومة عن طريق التلامس المباشر مثل تقبيل الطفل أو ملامسة أيدي الشخص المريض.
-
العدوى الفموية: يمكن أن ينتقل هذا النوع من الجرثومة عن طريق تناول الطعام أو الماء الملوث. في بعض الحالات، قد تتسبب الظروف الصحية السيئة في نقل الجرثومة في الأماكن التي تفتقر إلى معايير النظافة.
-
الظروف البيئية السيئة: تزداد احتمالية الإصابة بجرثومة المعدة في البيئات ذات الظروف الصحية السيئة، مثل الأماكن المزدحمة والمنازل ذات الظروف الصحية المنخفضة، حيث يمكن أن ينتشر التلوث بسهولة بين الأطفال.
-
العوامل الوراثية: في بعض الحالات، قد تلعب العوامل الوراثية دورًا في زيادة تعرض الأطفال للإصابة بجرثومة المعدة. إذ أن هناك بعض العوامل التي تجعل الجسم أكثر قابلية للإصابة ببكتيريا “Helicobacter pylori”.
أعراض جرثومة المعدة عند الأطفال
تعتمد الأعراض التي تظهر على الطفل المصاب بجرثومة المعدة على عدة عوامل، مثل العمر، وشدة العدوى، والأسباب الصحية الأخرى. عادة ما تكون الأعراض غير واضحة، خاصة في المراحل الأولى من الإصابة، ولكن هناك بعض الأعراض الشائعة التي يمكن أن تظهر على الطفل المصاب بجرثومة المعدة:
-
آلام في البطن: يشكو العديد من الأطفال المصابين بجرثومة المعدة من آلام حادة في منطقة المعدة، حيث يشعرون بعدم الراحة بعد تناول الطعام أو حتى بين الوجبات.
-
الغثيان والتقيؤ: يمكن أن يؤدي وجود الجرثومة إلى شعور الطفل بالغثيان، ما قد يتسبب في القيء في بعض الأحيان، خصوصًا بعد تناول الطعام أو المشروبات.
-
فقدان الشهية: قد يلاحظ الأهل أن الطفل يفقد شهيته للطعام أو لا يرغب في تناول الطعام كما كان في السابق.
-
التجشؤ المتكرر: يصاب بعض الأطفال بالتجشؤ المستمر والشعور بالامتلاء أو الانتفاخ.
-
الإسهال أو الإمساك: من الأعراض التي قد تظهر في بعض الحالات هي التغيرات في حركة الأمعاء، مثل الإسهال أو الإمساك.
-
فقر الدم: قد يعاني الطفل المصاب بجرثومة المعدة من فقر الدم بسبب نقص الحديد نتيجة النزيف الداخلي في المعدة.
-
حرقة المعدة: يشعر بعض الأطفال بحرقة في المعدة نتيجة للتأثيرات المباشرة للبكتيريا على جدار المعدة.
تشخيص جرثومة المعدة عند الأطفال
من المهم تشخيص الإصابة بجرثومة المعدة في وقت مبكر لتجنب المضاعفات المحتملة مثل القرحة المعدية أو سرطان المعدة. تشمل أساليب التشخيص ما يلي:
-
الفحوصات الدموية: يمكن إجراء فحص دم للكشف عن الأجسام المضادة الخاصة بالبكتيريا في جسم الطفل. إذا كانت النتائج إيجابية، فهذا يشير إلى وجود إصابة محتملة بالجرثومة.
-
اختبار التنفس: يعتمد هذا الاختبار على قياس كمية غاز معين (اليوريا) في الزفير بعد أن يتناول الطفل مادة تحتوي على اليوريا. إذا كانت هناك بكتيريا في المعدة، فإنها ستؤدي إلى تكوين مادة أخرى يتنفسها الطفل.
-
الفحص بالأشعة: في بعض الحالات، قد يستخدم الأطباء الأشعة السينية لتحديد وجود أي مشاكل في المعدة أو الأمعاء، مثل القرح أو الالتهابات.
-
التنظير الداخلي: في الحالات المتقدمة أو الشديدة، قد يلجأ الأطباء إلى التنظير الداخلي للمعدة، وهو إجراء يتضمن إدخال أنبوب رفيع مزود بكاميرا لرؤية الجزء الداخلي من المعدة.
علاج جرثومة المعدة عند الأطفال
يهدف علاج جرثومة المعدة إلى القضاء على البكتيريا المسببة للعدوى ومنع حدوث أي مضاعفات. يشمل العلاج عادة استخدام مجموعة من الأدوية التي تعمل على تقليل الحموضة وقتل البكتيريا، بالإضافة إلى تحسين صحة المعدة والجهاز الهضمي.
-
المضادات الحيوية: عادة ما يصف الطبيب مجموعة من المضادات الحيوية للقضاء على البكتيريا المسببة للعدوى. تشمل الأدوية الشائعة المستخدمة في هذا العلاج أموكسيسيلين، كلاريثروميسين، وميترونيدازول. قد يصف الطبيب أكثر من نوع من المضادات الحيوية لضمان القضاء على الجرثومة بشكل فعال.
-
مثبطات مضخة البروتون (PPIs): هذه الأدوية تعمل على تقليل إنتاج الحمض في المعدة، مما يساعد على شفاء الجروح الناتجة عن الجرثومة ويقلل من الأعراض مثل الحرقة والانتفاخ.
-
حاصرات H2: تعمل هذه الأدوية أيضًا على تقليل الحموضة في المعدة، ما يساعد في تقليل الألم وتحسين أعراض التهيج المعوي.
-
الأدوية الواقية للمعدة: يمكن أن يصف الأطباء أدوية مثل السكاريد الزلق (sucralfate) لحماية جدار المعدة من التأثيرات السلبية للبكتيريا، وتعزيز التئام الجروح والقرح الناتجة عنها.
-
النظام الغذائي السليم: من المهم أن يتبع الطفل المصاب بجرثومة المعدة نظامًا غذائيًا صحيًا، يتجنب فيه الأطعمة التي قد تؤدي إلى تهيج المعدة مثل الأطعمة الحارة أو الحمضية. يجب أن تحتوي وجبات الطفل على أطعمة سهلة الهضم، مثل الأرز والموز، وتجنب الأطعمة المقلية أو الثقيلة.
-
العلاج الداعم: في بعض الحالات، قد يحتاج الطفل إلى علاج داعم لتحسين المناعة العامة وتسهيل عملية الشفاء، مثل الفيتامينات والمعادن التي تدعم صحة المعدة والجهاز الهضمي.
الوقاية من جرثومة المعدة عند الأطفال
الوقاية من جرثومة المعدة تتطلب بعض الإجراءات التي يمكن أن تقلل من مخاطر الإصابة بها:
-
النظافة الشخصية: تعليم الأطفال غسل أيديهم بشكل منتظم، خاصة بعد استخدام الحمام وقبل تناول الطعام، هو أول خطوة في الوقاية من العدوى.
-
الابتعاد عن الطعام الملوث: يجب الحرص على تناول الطعام المجهز في ظروف صحية وآمنة، وتجنب تناول الأطعمة النيئة أو غير المطهوة جيدًا.
-
شرب المياه النظيفة: من المهم أن يتأكد الأطفال من شرب المياه المصفاة أو المياه المعدنية النقية، خصوصًا في المناطق التي قد تعاني من مشاكل في مياه الشرب.
-
التقليل من الاحتكاك مع المصابين: يجب على الأطفال تجنب التلامس المباشر مع الأشخاص المصابين بجرثومة المعدة أو أي نوع من العدوى المعدية الأخرى.
في النهاية، رغم أن جرثومة المعدة تعتبر من الحالات المرضية الشائعة عند الأطفال، فإن التشخيص المبكر والعلاج الفعال يمكن أن يقلل من مضاعفاتها ويحسن صحة الطفل بشكل كبير.
