تقنية الحرية النفسية

تقنية الحرية النفسية

تُعد تقنية الحرية النفسية (EFT: Emotional Freedom Technique) إحدى أدوات العلاج الذاتي التي لاقت اهتماماً متزايداً في السنوات الأخيرة، نظراً لفعاليتها في التعامل مع الضغوط النفسية والآلام الجسدية والعاطفية. وهي تقنية تستند إلى مزيج من علم النفس الطاقي والمفاهيم الشرقية المتعلقة بتوازن الطاقة في الجسم. يشير كثير من الممارسين إلى قدرة هذه التقنية على التخفيف من مجموعة واسعة من المشكلات النفسية مثل القلق، الاكتئاب، التوتر، الفوبيا، الصدمات النفسية وحتى الآلام المزمنة.

المفهوم العام لتقنية الحرية النفسية

تعتمد تقنية الحرية النفسية على مبدأ أن “السبب وراء كل المشاعر السلبية هو اضطراب في نظام طاقة الجسم”. وبناءً على هذا، فإن علاج هذه الاضطرابات يساعد على استعادة التوازن الداخلي وتحقيق الهدوء والسلام النفسي. تُمارس التقنية من خلال النقر بالأصابع على نقاط معينة من الجسم تعرف باسم “نقاط الطاقية” أو “نقاط الميريديان”، وهي النقاط ذاتها المستخدمة في العلاج بالإبر الصينية، ولكن من دون استخدام الإبر، وإنما عبر التحفيز باللمس والنقر.

الأساس النظري والعلمي للتقنية

تُصنف تقنية الحرية النفسية ضمن ما يُعرف بعلم النفس الطاقي (Energy Psychology)، وهو فرع ناشئ يدمج بين المفاهيم الغربية للتحليل النفسي ومبادئ الطاقة الحيوية في الطب الشرقي. لا تزال الأبحاث العلمية حول EFT محدودة نسبياً، إلا أن عدداً من الدراسات السريرية والتجريبية أظهرت نتائج واعدة. وقد بيّنت بعض الأبحاث انخفاضاً ملحوظاً في معدلات الكورتيزول (هرمون التوتر) بعد جلسات قصيرة من EFT، بالإضافة إلى تحسّن في الحالات النفسية المرتبطة بالقلق والاكتئاب.

المكونات الأساسية لتقنية الحرية النفسية

1. تحديد المشكلة

الخطوة الأولى في EFT هي تحديد المشكلة التي يرغب الشخص في معالجتها، سواء كانت ذكرى مؤلمة، شعوراً سلبياً، أو ألماً جسدياً. يجب أن يكون تحديد المشكلة دقيقاً وشخصياً قدر الإمكان.

2. تقدير شدة الشعور

يُطلب من الشخص تقييم شدة الشعور أو الألم المرتبط بالمشكلة على مقياس من 0 إلى 10، حيث يمثل الرقم 10 أعلى شدة ممكنة.

3. إعداد العبارة التحفيزية

يتم إعداد “عبارة التحفيز” والتي تتكون عادة من جزأين: الاعتراف بالمشكلة والقبول الذاتي رغمها. على سبيل المثال: “رغم أنني أشعر بالخوف عند الحديث أمام الآخرين، إلا أنني أقبل نفسي بعمق وكلياً”.

4. النقر على النقاط الطاقية

يبدأ الشخص بالنقر على تسع نقاط محددة من الجسم، وهي:

• طرف الحاجب (EB)

• جانب العين (SE)

• تحت العين (UE)

• تحت الأنف (UN)

• الذقن (CH)

• بداية الترقوة (CB)

• تحت الإبط (UA)

• أعلى الرأس (TH)

أثناء النقر، يقوم الشخص بتكرار العبارة التحفيزية أو جملة تذكيرية تتعلق بالمشكلة، مثل “هذا الخوف” أو “هذا الشعور بالقلق”.

5. إعادة التقييم

بعد انتهاء الجولة الأولى من النقر، يُطلب من الشخص إعادة تقييم شدة الشعور من 0 إلى 10. في حال لم ينخفض الشعور بما يكفي، يمكن تكرار الجولات مع تعديل بسيط في العبارات.

الجدول التالي يوضح النقاط المستخدمة في النقر ومواقعها الدقيقة:

فوائد تقنية الحرية النفسية

أثبتت EFT فعاليتها في مجالات متعددة، حيث سجل كثير من المستخدمين تحسناً سريعاً بعد جلسات قصيرة، ومن أبرز الفوائد:

• التقليل من التوتر والقلق: من خلال تحفيز نقاط الطاقة، يمكن تقليل النشاط في الجهاز العصبي السمبثاوي وتحفيز الاسترخاء.

• تحسين نوعية النوم: إذ يساهم في تهدئة العقل وتقليل التفكير السلبي المفرط.

• تخفيف الألم الجسدي: مثل الصداع، آلام الظهر، والعضلات، خاصة إذا كان الألم مرتبطاً بحالة نفسية.

• تحسين الأداء الأكاديمي والمهني: عبر إزالة العوائق النفسية كالرهبة من الفشل أو التحدث أمام الجمهور.

• علاج الصدمات النفسية: تعتبر EFT أداة فعالة في علاج اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، حيث تساعد على فصل الشعور العاطفي المؤلم عن الذكرى المؤلمة.

• تعزيز القبول الذاتي والثقة بالنفس: من خلال العبارات الإيجابية المصاحبة لجولات النقر.

تطبيقات تقنية الحرية النفسية في الممارسة اليومية

1. في بيئة العمل

يواجه الموظفون تحديات عديدة مثل الضغط الزمني، الصراعات الداخلية، والقلق من الأداء. يمكن استخدام EFT قبل الاجتماعات الهامة أو بعد المواقف الصعبة لتهدئة النفس واستعادة التوازن.

2. في العلاقات الشخصية

الخلافات والمشكلات العاطفية قد تولد مشاعر مزعجة. تساعد التقنية على تهدئة الانفعالات، ما يتيح للشخص معالجة الخلافات بعقلانية أكثر.

3. في المجال التعليمي

يمكن للطلاب استخدام EFT قبل الامتحانات أو العروض الشفهية لتقليل التوتر وتحسين التركيز.

4. في المجال الرياضي

تستخدم التقنية بشكل واسع من قبل الرياضيين للتغلب على الخوف من الفشل، وزيادة الحافز والثقة بالنفس أثناء المنافسات.

مقارنة تقنية الحرية النفسية مع التقنيات الأخرى

الانتقادات والجدل حول تقنية الحرية النفسية

رغم الشعبية المتزايدة لـ EFT، إلا أن هناك بعض الانتقادات التي توجه إليها من المجتمع العلمي:

• نقص في الدراسات المستقلة واسعة النطاق: رغم وجود دراسات صغيرة تدعم التقنية، إلا أن التجارب السريرية الأكبر لا تزال محدودة.

• الربط بالطاقة غير المرئية: ينتقد بعض الباحثين اعتماد التقنية على مفاهيم الطاقة التي لا يمكن قياسها علمياً.

• الإيحاء الذاتي: يعتبر البعض أن فعالية التقنية تعود إلى تأثير الإيحاء والتوقع وليس بسبب النقر الفعلي.

ومع ذلك، فإن الممارسة العملية والتجارب الفردية تشير إلى فوائد ملموسة لدى عدد كبير من المستخدمين، مما يجعلها خياراً مكملاً جديراً بالاهتمام في مجال الصحة النفسية.

الخاتمة

تقنية الحرية النفسية تمثل مزيجاً فريداً بين العلاجات النفسية التقليدية والمفاهيم الشرقية حول توازن الطاقة. إنها أداة بسيطة، غير مكلفة، وآمنة، يمكن لأي شخص تعلمها وتطبيقها لتحسين حالته النفسية والجسدية. وعلى الرغم من استمرار الجدل العلمي حول آليات عملها، فإن ما لا يمكن إنكاره هو الشعور الفوري بالارتياح والتحسن الذي يختبره كثير من المستخدمين بعد ممارسة التقنية.

المراجع:

1. Church, D. (2013). The EFT Manual. Energy Psychology Press.

2. Feinstein, D. (2012). Energy Psychology: Efficacy, Speed, Mechanisms. Review of General Psychology, 16(4), 364–380.