تفسير سورة الشرح للأطفال

تفسير سورة الشرح للأطفال

سورة الشرح، والتي تُعرف أيضًا بسورة “ألم نشرح”، هي من السور القصيرة الواقعة في الجزء الثلاثين من القرآن الكريم، وتأتي بعد سورة الضحى مباشرة، وترتبط بها من حيث المعنى والمقصد. تتكوّن من ثمان آيات وتُعتبر من السور المكيّة التي نزلت على النبي محمد ﷺ قبل الهجرة إلى المدينة. على الرغم من قصرها، فإنها تحمل معاني عظيمة وقيماً عالية، ويمكن تعليمها للأطفال بأسلوب مبسّط يساعدهم على فهمها والارتباط بها نفسيًا وروحيًا.

يتناول هذا المقال تفسيرًا تفصيليًا لسورة الشرح موجهًا للأطفال، بأسلوب تربوي مبسّط يعزز حب القرآن وفهم رسالته، ويُظهر العلاقة بين المعنى القرآني وحياة الطفل ومشاعره اليومية.

أولًا: نص السورة الكريم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1)

وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ (2)

ٱلَّذِىٓ أَنقَضَ ظَهْرَكَ (3)

وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)

فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْرًا (5)

إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْرًا (6)

فَإِذَا فَرَغْتَ فَٱنصَبْ (7)

وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرْغَب (8)

ثانيًا: المعاني العامة للسورة

1. ألم نشرح لك صدرك؟

المعنى: يا محمد، ألم نُوسّع لك صدرك بالإيمان، ونُطمئن قلبك، ونجعل نفسك مرتاحة؟ الشرح هنا يعني التوسعة والانشراح. أما الصدر فهو موضع الإحساس والمشاعر.

شرح للأطفال:

الله سبحانه وتعالى يخبر نبيه محمدًا أنه قد جعله يشعر بالراحة والطمأنينة، وأنه ساعده في فهم الخير والصبر. وكأن الله يقول له: “هل نسيت يا محمد أننا جعلنا قلبك واسعًا يتحمل الصعاب؟”

2. ووضعنا عنك وزرك

المعنى: وقد خففنا عنك همومك الكبيرة التي كانت تُثقل عليك.

شرح للأطفال:

الله يخفف عن نبيه الأحمال الثقيلة التي كانت تزعجه وتُتعبه. مثلما نساعد صديقنا إذا حمل شيئًا ثقيلًا، فإن الله ساعد نبيه على تحمّل الأعباء.

3. الذي أنقض ظهرك

المعنى: تلك الأحمال والهموم كانت تُتعب ظهرك من شدّتها.

شرح للأطفال:

عندما نحمل شيئًا ثقيلًا جدًا، نشعر بتعب في ظهورنا. والنبي محمد كان يشعر بالحزن والمسؤولية الكبيرة، والله ساعده على التحمّل.

4. ورفعنا لك ذكرك

المعنى: وقد جعلنا لك مكانة عالية، ورفعنا اسمك في السماء والأرض، فلا يُذكر الله إلا ويُذكر معه اسم النبي محمد.

شرح للأطفال:

الله أحبّ النبي محمدًا كثيرًا، فجعله مشهورًا في الدنيا والآخرة. والآن كل المسلمين يعرفونه ويحبّونه ويصلّون عليه دائمًا.

5-6. فإن مع العسر يسرًا، إن مع العسر يسرًا

المعنى: كل صعوبة يتبعها سهولة، وكل حزن يعقبه فرج. وقد كرر الله هذا المعنى ليؤكده في القلب.

شرح للأطفال:

الله يقول لنا: “لا تحزنوا، فبعد كل تعب سيأتي الفرج”. مثلًا، إذا درستَ كثيرًا وتعبت، فإنك في النهاية ستنجح وتفرح.

7. فإذا فرغت فانصب

المعنى: عندما تنتهي من أمر مهم، انتقل إلى عبادة الله أو عملٍ آخر مفيد.

شرح للأطفال:

إذا انتهيت من الدراسة أو اللعب، لا تضيّع وقتك، بل افعل شيئًا جيدًا آخر. الله يحب الأطفال المجتهدين.

8. وإلى ربك فارغب

المعنى: واطلب من الله كل ما تريد، وتوجه إليه وحده بالدعاء والحب والثقة.

شرح للأطفال:

إذا أردت شيئًا جميلًا، كأن تنجح أو تشفى من المرض، فاطلب من الله بقلبك، وكن قريبًا منه، لأنه يحبك ويسمعك دائمًا.

ثالثًا: الدروس المستفادة من السورة للأطفال

رابعًا: أسلوب عرض السورة للأطفال في التعليم

من المهم أن يتم عرض تفسير سورة الشرح للأطفال بأسلوب مشوّق يتناسب مع أعمارهم ومداركهم، وذلك من خلال:

• القصص: مثل أن يُحكى للطفل قصة صغيرة عن طفل شعر بالحزن ثم فرح، ويُربط ذلك بالآية (فإن مع العسر يسرًا).

• الأنشطة: كتابة جملة “فإن مع العسر يسرًا” وتلوينها، أو رسم قلب سعيد بجانب صورة سحاب يمطر فرحًا.

• الحوار التربوي: من خلال أسئلة تربوية مثل: “متى شعرت بالحزن؟ وماذا حدث بعد ذلك؟” لتقريب الفكرة بأن الحزن لا يدوم.

• الأناشيد: تعليمهم أنشودة أو ترتيلة بسيطة تشرح معاني السورة بأسلوب لطيف.

• الربط بالواقع: كأن يُقال للطفل: “تذكّر عندما مرضت وشفيت؟ هذا معنى: إن مع العسر يسرًا”.

خامسًا: القيمة الروحية والنفسية للسورة في حياة الطفل

تُعدّ سورة الشرح من السور التي تبني الثقة في الله في قلوب الأطفال، وتُعزز لديهم الطمأنينة والإيمان بأن الله لا ينسى أحدًا، ويُساعدنا دائمًا. كما تزرع فيهم الأمل الدائم بعد الحزن، وتجعلهم أكثر تفاؤلًا في مواجهة أي مشكلات قد تمر بهم، سواء في المدرسة أو في الحياة.

كما أن تكرار معنى “العسر واليسر” يُؤكّد للطفل أنّ الحياة ليست سهلة دائمًا، ولكن مع وجود الله بجانبه، يمكنه أن يتخطّى كلّ شيء، وهذا يُشجّعه على التحمل، والعمل، وعدم الخوف من المستقبل.

سادسًا: كيف نحفّظ الأطفال السورة مع الفهم

تحفيظ سورة الشرح لا يكون فقط بتكرار الألفاظ، بل لا بد أن يُربط التحفيظ بالفهم العاطفي والمعنوي، ومن بين الطرق المفيدة:

• قراءة السورة أمام الطفل بصوت جميل.

• شرح كل آية بمعناها قبل البدء بحفظها.

• استخدام الإشارات أو الصور التوضيحية.

• ربط المعاني بمواقف حياتية يومية.

• مكافأة الطفل بعد الحفظ.

• مراجعة السورة مع الطفل كل أسبوع.

سابعًا: أهمية السورة في بناء شخصية الطفل المسلم

تُعتبر سورة الشرح لبنة تربوية مهمة في بناء شخصية متوازنة للطفل، فهي تُرسّخ المفاهيم التالية:

• الطمأنينة النفسية: الشعور أن الله يُحبّه ويهتم به.

• التحمّل والصبر: تعلّمه أن الصعوبات مؤقتة وليست دائمة.

• الإيجابية: تعزيز الإيمان بأن الخير آتٍ مهما طال الحزن.

• حب العمل والجد: “فإذا فرغت فانصب”، أي لا كسل بعد الانتهاء.

• اللجوء إلى الله: في كل وقت، في الحزن والفرح.

ثامنًا: أهمية التكرار في تربية الأطفال كما في السورة

في هذه السورة، نجد أن الله كرر عبارة “إن مع العسر يسرًا”، والتكرار له أهمية كبيرة في تربية الطفل، لأنه يُثبّت المعاني ويُرسّخ القيم. فالطفل يتعلم بالممارسة والتكرار أكثر من المحاضرات، والتكرار يُشكّل لديه أمانًا داخليًا.

تاسعًا: العلاقة بين سورة الشرح وسورة الضحى

من الجدير بالذكر أن سورة الشرح تأتي بعد سورة الضحى مباشرة، وكلتا السورتين تخاطبان النبي محمدًا ﷺ في وقت كان فيه يشعر بالحزن والضغط. فكأن الله في سورة الضحى يُطمئنه أن المستقبل أفضل، وفي سورة الشرح يُخبره أن الشدة إلى زوال.

وهذا الربط يُفيد المربّين في توضيح أن القرآن يعلّمنا كيف نواجه الحزن، وأن الله لا يترك عباده في الضيق، بل يُرسل لهم رسائل تُعينهم على الاستمرار.

عاشرًا: كيف نُجسد السورة في الحياة اليومية للطفل

• عندما يُصاب الطفل بخوف أو توتر، نُذكّره بقوله تعالى: “ألم نشرح لك صدرك”.

• عند نجاحه في أمرٍ ما بعد تعب، نقول له: “إن مع العسر يسرًا”.

• عندما ينهي واجبه المدرسي، نشجّعه على الانتقال للعب النافع، ونقول: “فإذا فرغت فانصب”.

• عندما يدعو الله بشيءٍ يحبه، نذكّره: “وإلى ربك فارغب”.

المراجع:

• تفسير ابن كثير، ج1، دار طيبة.

• التفسير الميسر، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.