في هذا الكتاب الممتع والمثير بعنوان “السياسة الدولية بين النظرية والممارسة”، يأخذنا الكاتب زايد عبيد الله مصباح في رحلة شيقة وعميقة إلى أغوار عالم العلاقات الدولية. إن السياسة الدولية، بما تحمله من تعقيدات وتداخلات، تشكل محور حوار مستمر ومفتوح على مستويات متعددة، حيث تتنوع الآراء وتتفاوت النظريات في تفسير هذا العلم الشيق.
تبدأ الرحلة الفكرية في هذا الكتاب بالتعريف بجوهر السياسة الدولية، حيث يفتح الكاتب الباب أمام القارئ ليدخل في عالم يتخذ من حركة التنافس وعملية توزيع المكاسب والقيم في المجتمع الدولي محورًا أساسيًا للتأمل والنقاش. يعكس الكتاب تحولات العالم الدولي وتطوراته، حيث لم تعد الدولة الوحيدة المؤثرة، بل ظهرت فواعل أخرى على مستويات مختلفة، سواء داخل الدولة أو على المستوى العالمي.
ما يميز هذا الكتاب هو الرؤية الشاملة التي يقدمها الكاتب بشكل متقن ومنهجي، حيث يتنقل بين النظرية والممارسة ببراعة، مسلطًا الضوء على الفوارق بين الوجه المثالي للعلاقات الدولية والوجه الواقعي لتلك العلاقات. يستعرض الكتاب حركة التفاعل الدولي ويفتح أمام المحلل السياسي أفقًا واسعًا من التساؤلات حول معادلة السياسة الدولية في هذا العصر الذي تسيطر فيه سمة العولمة.
على مدى 430 صفحة، يقدم الكتاب محتوى غني ومتنوع، يتخذ من دائرتين أساسيتين هما الوجه المثالي والوجه الواقعي للعلاقات الدولية. ينقل القارئ ببراعة بين هاتين الدائرتين، مسلطًا الضوء على التشابك والتداخل في علاقات التفاعل بين وحدات المجتمع الدولي، سواء على الصعيدين السياسي والاقتصادي أو الثقافي.
وفي ظل هيكل دار الرواد الناشر، تأتي هذه القطعة الأدبية ضمن فئة الكتب السياسية، حيث تركز على السياسة الدولية بشكل خاص، مما يجعلها مرجعًا مهمًا في هذا المجال. وبفضل غلافها العادي، تصبح هذه القطعة سهلة التداول والوصول، ما يعزز من إمكانية استفادة شريحة واسعة من القراء، سواء كانوا طلابًا جامعيين يتناولون المواضيع السياسية للمرة الأولى، أو رجال السياسة المحترفين الذين يسعون إلى فهم أعماق هذا العلم المعقد.
باختصار، يعتبر هذا الكتاب إسهامًا قيمًا وفريدًا في فهم السياسة الدولية، حيث يقدم زايد عبيد الله مصباح تحليلاً عميقًا وشاملاً يتيح للقارئ فهماً أفضل لتفاصيل هذا الميدان المعقد والمتغير باستمرار.