إرشادات تغذية الأغنام

تعدّ تغذية الأغنام من العوامل الأساسية التي تحدد مدى نجاح عمليات التربية والإنتاج، سواء من حيث اللحوم أو الحليب أو الصوف. فالأغنام ككائنات مجترة تحتاج إلى نظام غذائي متوازن يراعي احتياجاتها الفيزيولوجية والمناخية والإنتاجية، ويعتمد نجاح هذا النظام على فهم عميق لطبيعة الجهاز الهضمي لدى الأغنام، وديناميكية استخدام الأعلاف، وكيفية توجيه العليقة اليومية بشكل يتلاءم مع كل مرحلة عمرية أو إنتاجية. يشكل هذا المقال دليلاً شاملاً يغطي أبرز الإرشادات والنصائح التي يجب مراعاتها عند تغذية الأغنام لضمان صحتها وتحقيق أعلى مردودية اقتصادية ممكنة.

فهم النظام الهضمي للأغنام

تتميز الأغنام بامتلاكها جهازًا هضميًا معقدًا ومهيأ لهضم الألياف النباتية بكفاءة عالية. يتألف هذا الجهاز من أربعة أقسام: الكرش، الشبكية، الأمعاء، وأخيرًا المعدة الحقيقية. يلعب الكرش الدور الأهم في عملية التخمر الميكروبي وتحليل الألياف واستخلاص الطاقة. لذا فإن الأغنام قادرة على استهلاك مواد غذائية عالية الألياف ومنخفضة الجودة النيتروجينية وتحويلها إلى مصادر طاقة وبروتينات ميكروبية.

إن هذا النظام الفريد يفرض على المربي مراعاة نوعية العلف المقدم وكميته وتوزيعه الزمني بما يتماشى مع طبيعة التخمر الميكروبي، وذلك لتجنب اضطرابات هضمية قد تكون مميتة مثل التخمة أو الحموضة أو الانتفاخ.

تصنيف الأعلاف المناسبة للأغنام

تتوزع الأعلاف المستخدمة في تغذية الأغنام إلى عدة أنواع وفق تركيبها الغذائي، وتشمل:

1. الأعلاف الخشنة (الأليافية)

• مثل: الدريس، التبن، القش، الأعشاب الطبيعية.

• الدور: تشكل المصدر الأساسي للألياف الضرورية لسلامة الكرش وتنظيم عملية الاجترار. كما تسهم في تقليل المشاكل المعوية وتساعد على التوازن الغذائي.

2. الأعلاف المركزة

• مثل: الشعير، الذرة، النخالة، كسبة فول الصويا، كسبة القطن.

• الدور: تمد الجسم بالطاقة والبروتينات، وتعتبر ضرورية في مراحل الحمل والإرضاع والتسمين.

3. المكملات المعدنية والفيتامينات

• مثل: ملح الطعام، الكبريت، الفوسفور، الكالسيوم، فيتامين A وD وE.

• الدور: تدعم وظائف الجسم الحيوية، وتعزز النمو وصحة العظام، وتحمي من الأمراض الناتجة عن النقص الغذائي.

مكونات العليقة اليومية المثالية

تتفاوت تركيبة العليقة اليومية تبعًا للمرحلة الإنتاجية والعمر والحالة الفيزيولوجية، لكن من المبادئ العامة:

يجب أن تكون التغذية تدريجية ومتوازنة وتجنب التبديل المفاجئ للعليقة حتى لا يحدث خلل ميكروبي داخل الكرش يؤدي إلى أمراض معوية خطيرة.

الإرشادات العامة لتغذية الأغنام

1. ضمان نظافة وجودة العلف

يجب أن يكون العلف خاليًا من العفن، الرطوبة الزائدة، أو التلوث بالبكتيريا أو الفطريات، لأن الأغنام كائنات حساسة وقد يؤدي التسمم الغذائي إلى نفوق جماعي. كما أن تقديم العلف في معالف نظيفة يقلل من فرص انتقال الأمراض.

2. توفير المياه النظيفة دائمًا

يعتبر الماء من العناصر الأساسية في تغذية الأغنام. تحتاج الأغنام إلى مياه نظيفة ومتوفرة بشكل دائم، خاصة في فصل الصيف وفي مراحل الحمل والرضاعة. فعدم كفاية الماء يؤدي إلى نقص إنتاج الحليب وتدهور صحة الحيوان بشكل عام.

3. احترام الجدول الزمني للتغذية

ينبغي تثبيت أوقات تقديم الأعلاف يوميًا لتجنب الاضطرابات الهضمية، ويفضل تقسيم العليقة إلى وجبتين أو ثلاث وجبات يوميًا، بحيث يتم تقديم الأعلاف الخشنة أولاً لتفعيل عملية الاجترار، ثم تقديم المركزة لتقليل الحموضة في الكرش.

4. منع التسمين السريع المفاجئ

الحملان المراد تسمينها يجب أن تتلقى تغذية تدريجية، فزيادة نسبة العلف المركز بشكل مفاجئ تؤدي إلى تخمر مفرط داخل الكرش وحدوث حموضة أو تسمم غذائي. يوصى بزيادة العلف المركز تدريجيًا على مدى أسبوعين على الأقل.

5. المراقبة الصحية والتغذوية المستمرة

المتابعة اليومية لسلوك الأغنام أثناء التغذية تكشف عن مؤشرات مبكرة للأمراض أو النقص الغذائي. الأغنام السليمة تقبل على الطعام بشهية وتبدي نشاطًا وحيوية، بينما الأغنام المريضة تنسحب وتتجنب الطعام.

6. تكييف التغذية حسب الطقس

في فترات البرد، تحتاج الأغنام إلى طاقة أكبر للحفاظ على حرارة الجسم، مما يفرض زيادة كمية العلف المركز. أما في فترات الحر، فتقل الشهية ويجب تعويض النقص بمياه وفيرة وأعلاف سهلة الهضم.

7. عزل الحيوانات حسب الاحتياجات

ينبغي فصل النعاج الحوامل عن البقية في الأشهر الأخيرة من الحمل، كما يفضل عزل الحملان النامية وتقديم عليقة خاصة بها تعزز نمو العضلات والعظام وتمنع المنافسة مع الحيوانات البالغة.

الاعتبارات الخاصة بالنعاج الحوامل

تحتاج النعاج الحوامل إلى رعاية تغذوية دقيقة، خاصة في الثلث الأخير من الحمل، حيث ينمو الجنين بسرعة. إن نقص التغذية في هذه المرحلة قد يؤدي إلى:

• مواليد ضعيفة أو ميتة.

• نقص في إنتاج الحليب.

• عسر ولادة نتيجة ضعف عضلات الرحم.

يفضل استخدام أعلاف غنية بالطاقة مثل الذرة أو الشعير، مع الحفاظ على توازن الكالسيوم والفوسفور لتفادي حالات تسمم الحمل أو هشاشة العظام.

تغذية الحملان منذ الولادة حتى الفطام

تشكل التغذية في الأشهر الأولى من حياة الحملان أساسًا للنمو السليم والمناعة القوية. تشمل أبرز الممارسات:

• الرضاعة من اللبأ خلال أول ساعتين بعد الولادة.

• تقديم عليقة صلبة (مركزات) بعد الأسبوع الثالث من العمر لتعويد الكرش على الهضم.

• توفير مياه نظيفة وأعلاف خشنة ناعمة لتشجيع الاجترار المبكر.

• فطام تدريجي بعد الشهر الثالث لتقليل التوتر وتحقيق نمو مستدام.

أهمية المكملات في الوقاية من الأمراض

تعاني الأغنام في بعض المناطق من نقص بعض المعادن الحيوية مثل النحاس والزنك والسيلينيوم، مما قد يؤدي إلى:

• اضطرابات في التمثيل الغذائي.

• تأخر النمو.

• ضعف الخصوبة.

• تساقط الصوف.

يتم تزويد القطيع بأملاح معدنية خاصة أو مكعبات لعق معدنية (Mineral Licks) تحتوي على تركيبة متوازنة من العناصر الدقيقة، ويُراعى أن تكون متاحة بحرية على مدار الساعة.

الجدول الزمني المقترح لتغذية الأغنام

تأثير التغذية على نوعية الإنتاج

التغذية الجيدة لا تقتصر فقط على الحفاظ على صحة الحيوان، بل تؤثر بشكل مباشر على نوعية المنتجات:

• اللحم: توازن البروتين والطاقة يعطي لحومًا غنية بالعصارة وذات نكهة مميزة.

• الحليب: زيادة الطاقة والبروتين في العليقة تحسن من كمية ونوعية الحليب.

• الصوف: التغذية الغنية بالكبريت والأحماض الأمينية تعزز جودة الصوف ولمعانه.

أهمية التسمين الاقتصادي للأغنام

في أنظمة التسمين التجاري، تعتبر كفاءة التحويل الغذائي معيارًا أساسيًا للربح. ويُقصد بها كمية العلف اللازمة لإنتاج 1 كغ من الوزن الحي. لتحقيق كفاءة عالية، يجب:

• اختيار سلالات محسنة وراثيًا.

• ضبط نوعية وتركيبة العلف.

• تقليل الإجهاد والازدحام.

• تقنين استخدام المضادات الحيوية والمحفزات.

الممارسات الخاطئة في تغذية الأغنام

ينبغي الحذر من بعض الممارسات الشائعة التي تؤدي إلى خسائر فادحة:

• تقديم أعلاف فاسدة أو منتهية الصلاحية.

• التغذية المفرطة على الأعلاف المركزة دون توازن.

• تغيير مفاجئ في نوع العليقة.

• تجاهل المكملات المعدنية والفيتامينات.

• تقديم الأعلاف في معالف غير نظيفة.

مصادر ومراجع

1. FAO, Feeding and nutrition of sheep, Food and Agriculture Organization of the United Nations.

2. NRC (National Research Council), Nutrient Requirements of Small Ruminants, Washington, D.C., 2007.