تطور الجنين خلال الحمل

مراحل تطور الجنين خلال فترة الحمل

يعتبر الحمل من أعظم الظواهر البيولوجية التي يحدث فيها تطور مستمر ومعقد للكائن الحي. يبدأ الحمل عندما يتم تلقيح البويضة من قبل الحيوان المنوي، ويبدأ تطور الجنين بمراحل دقيقة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالوقت. إن فهم هذه المراحل ليس فقط أمرًا علميًا بالغ الأهمية، بل أيضًا له دور حاسم في صحة الأم والطفل. يتم تقسيم الحمل إلى ثلاثة فصول، كل فصل يحتوي على مراحل معينة من التطور الجنيني، بداية من التخصيب وصولاً إلى الولادة.

الفصل الأول من الحمل (الأسبوع 1 إلى الأسبوع 12)

1. التخصيب والانقسام الخلوي:

في اللحظة التي يتم فيها تلقيح البويضة بواسطة الحيوان المنوي، يبدأ الحمل فعليًا. بعد التخصيب، تتشكل الخلايا الأولى التي تبدأ في الانقسام بشكل متسلسل. في الأسبوع الأول والثاني، يكون الجنين عبارة عن مجموعة صغيرة من الخلايا، حيث يبدأ هذا الكائن الحي في النمو داخل قناة فالوب قبل أن يصل إلى الرحم في نهاية الأسبوع الثاني.

2. التعشيش (Implantation):

بعد مرور حوالي 6 إلى 7 أيام من التخصيب، يبدأ الجنين في الالتصاق بجدار الرحم في عملية تعرف بالتعشيش. خلال هذه الفترة، يبدأ الجنين في إفراز هرمون الحمل “HCG” الذي يحفز الجسم على الحفاظ على الحمل. في هذه المرحلة، لا يمكن للمرأة عادةً معرفة أنها حامل، لكن التغيرات الكيميائية تبدأ في الجسم.

3. الأسبوع 3 – 4:

في هذا الوقت، يبدأ الجنين في أخذ شكل “القرص الجنيني” الذي يحتوي على طبقات متعددة من الخلايا. تبدأ هذه الطبقات في التخصص لتشكيل الأعضاء المختلفة للجسم. يتم تشكيل الأنبوب العصبي الذي سيصبح في النهاية الدماغ والنخاع الشوكي. بالإضافة إلى ذلك، يبدأ القلب في التكون ويبدأ في النبض بشكل خفيف.

4. الأسبوع 5 – 6:

في هذه المرحلة، يبدأ الجنين في تشكيل الهيكل العظمي، وتبدأ أطرافه في الظهور. أيضًا، تكون الأعضاء الداخلية مثل الكبد والكلى في مراحل مبكرة من التكوين. يكون قلب الجنين قد بدأ بالفعل في النبض بشكل منتظم ويمكن رؤيته باستخدام جهاز الموجات فوق الصوتية. تظهر أيضًا ملامح وجه الجنين مثل العيون والفم.

5. الأسبوع 7 – 8:

مع تقدم الحمل، تبدأ الأعضاء في النمو بشكل أسرع، ويبدأ الجنين في اكتساب شكل بشري. تظهر الأطراف أكثر وضوحًا، وأصبحت اليدان والقدمان بشكل أكبر. تبدأ ملامح الوجه بالتطور بشكل أكبر، مثل تكوين الأنف والأذنين بشكل واضح. يبدأ الجهاز العصبي في التقدم، مما يساعد في تحسين التنسيق الحركي.

6. الأسبوع 9 – 12:

في نهاية الفصل الأول، يصبح الجنين أكثر وضوحًا من حيث الشكل البشري. تبدأ الأعضاء التناسلية في التمايز، ويصبح الجهاز الهضمي أكثر تطورًا. تبدأ الكلى في إنتاج البول وتقوم الأمعاء في تطوير الحركات الدودية. كما تبدأ العظام في أن تصبح أكثر صلابة. بحلول الأسبوع 12، يصل الجنين إلى مرحلة معروفة باسم “النمو السريع”، حيث تبدأ الأعضاء في العمل بشكل شبه كامل.

الفصل الثاني من الحمل (الأسبوع 13 إلى الأسبوع 26)

1. الأسبوع 13 – 16:

يبدأ الجنين في هذه المرحلة بالنمو السريع. يظهر الشعر على فروة الرأس وتبدأ الجفون في الانفتاح بشكل جزئي. تبدأ الأطراف في التحرك، ورغم أن الأم لا تستطيع الشعور بحركات الجنين في هذه المرحلة، إلا أن الجنين بدأ في استخدام عضلاته. الأعضاء التناسلية تصبح أكثر وضوحًا، ويمكن تحديد جنس الجنين باستخدام الموجات فوق الصوتية. في هذه المرحلة، يبدأ الجنين في إنتاج الهرمونات اللازمة لنموه المستمر.

2. الأسبوع 17 – 20:

في هذه الفترة، تبدأ الحركات الجنينية في أن تصبح أكثر وضوحًا، ويمكن للأم الشعور بها لأول مرة. يظهر الجلد في هذه المرحلة رقيقًا، وتبدأ الأوعية الدموية بالظهور من خلاله. تتشكل الأظافر الصغيرة على أصابع اليدين والقدمين، ويبدأ الجنين في تبادل المواد مع الأم عبر المشيمة بشكل أكثر كفاءة. تبدأ الدورة الدموية في العمل بكامل طاقتها، ويبدأ الجنين في التنفس بشكل طبيعي.

3. الأسبوع 21 – 24:

في هذه المرحلة، تزداد الحركات الجنينية قوة، ويمكن للأم أن تشعر بالركلات والرفسات بشكل واضح. كما يبدأ السمع لدى الجنين في التطور، فيستطيع الجنين سماع الأصوات من البيئة الخارجية. تكون العظام قد أصبحت أقوى وأكثر تماسكًا، كما ينمو الشعر على الرأس. يمكن للطبيب أيضًا قياس نمو الجنين وتحديد وزنه تقريبًا باستخدام الفحوصات الطبية.

4. الأسبوع 25 – 26:

في نهاية الفصل الثاني، يبدأ الجنين في اكتساب المزيد من الدهون تحت جلده، مما يساعد في زيادة وزنه. يبدأ جهازه العصبي في العمل بشكل أفضل، مما يساهم في تنسيق الحركات بشكل أكثر دقة. تبدأ الرئتان في التفاعل مع الأكسجين، على الرغم من أنها لا تزال غير مكتملة النمو، لكن الجنين يصبح أكثر استعدادًا للحياة خارج الرحم في حال حدوث الولادة المبكرة.

الفصل الثالث من الحمل (الأسبوع 27 إلى الولادة)

1. الأسبوع 27 – 30:

في هذه الفترة، ينمو الجنين بسرعة وتزداد حركته. يكون لديه القدرة على فتح وإغلاق عينيه. يكتمل نمو الأذن الداخلية مما يساعد الجنين على تمييز الأصوات بشكل أفضل. يبدأ الجنين في تنظيم درجة حرارة جسمه بشكل أفضل حيث يتراكم الدهون تحت جلده. النمو العقلي يتسارع في هذه المرحلة، حيث يبدأ الجنين في التفاعل مع الأصوات والمحفزات الخارجية.

2. الأسبوع 31 – 34:

في هذا الوقت، تكتمل معظم أنظمة الجسم، بما في ذلك الجهاز العصبي. تصبح الحركات الجنينية أكثر وضوحًا وقد يسبب ذلك شعورًا غير مريح للأم. تبدأ الرئتان في العمل بكامل طاقتها، مما يعني أن الجنين يمكن أن يعيش خارج الرحم في حالة الولادة المبكرة. كما يبدأ الجنين في اكتساب وزن إضافي لتخزين الطاقة اللازمة للتنفس والتمثيل الغذائي بعد الولادة.

3. الأسبوع 35 – 37:

يبدأ الجنين في الاستعداد للولادة، حيث يكون في وضع مريح داخل الرحم. تكتمل الأعضاء الرئيسية مثل الكبد والكلى، وتبدأ الرئتان في العمل بكامل طاقتها. يصبح حجم الجنين أكبر، وتكتمل عملية تغطيته بمادة دهنية تعرف بالـ “اللبن الدهني” التي تحميه داخل الرحم وتساعد في تسهيل عملية الولادة.

4. الأسبوع 38 – 40 (الولادة):

في هذه الفترة، يصبح الجنين جاهزًا تمامًا للولادة. تمتلئ الرئتان بالهواء لأول مرة بعد الولادة ويبدأ الجنين في التنفس بشكل طبيعي. يبدأ الجهاز الهضمي في العمل بكامل طاقته، حيث يبدأ الجنين في التبول والتبرز داخل الرحم. يبلغ وزن الجنين عادةً من 2.5 إلى 4 كجم ويكتمل نموه جسديًا وعقليًا. في نهاية هذه المرحلة، تبدأ الأم في الشعور بانقباضات الولادة، مما يشير إلى أن الجنين على وشك الخروج إلى العالم.

الختام

إن مراحل تطور الجنين أثناء فترة الحمل هي عملية معقدة ودقيقة من التغيرات الجسدية والبيولوجية. من التخصيب وحتى الولادة، يعمل الجنين على تطوير جميع الأعضاء والأنظمة التي يحتاجها للبقاء على قيد الحياة بعد ولادته. تعد مراقبة هذه المراحل أمرًا بالغ الأهمية لضمان صحة الأم والطفل.