في يوم 30 يونيو عام 1956، وقعت واحدة من أكثر الكوارث الجوية رعبًا وفظاعة في تاريخ الطيران المدني، حيث اصطدمت طائرتان تابعتان لشركتي “يونايتد إيرلاينز” و”ترانس وورلد إيرلاينز” فوق الجزء الشمالي الغربي من الجراند كانيون في ولاية أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية. كانت الطائرتان تقومان برحلات داخلية في الولايات المتحدة، حيث كانت الأولى تقوم برحلة من لوس أنجلوس إلى شيكاغو، بينما كانت الثانية في رحلة من لوس أنجلوس إلى كانساس سيتي.
كانت الطائرة الأولى من نوع دوغلاس دي سي-7، وكانت تحمل رقم تسجيل N6902C، وكانت تعمل تحت شركة “يونايتد إيرلاينز”، بينما كانت الطائرة الثانية من نوع لوكهيد إس كونستاليشن، وكانت تحمل رقم تسجيل N6324C، وكانت تعمل تحت شركة “ترانس وورلد إيرلاينز”.
مع ارتفاعاتهم الكبيرة وسرعتهم المتسارعة، كانت الطائرتان تسافران بسرعة تزيد عن 320 ميلا في الساعة، دون أية رقابة جوية تحكم حركتهما. وفيما كان الطياران يقومان بأداء مهامهما الروتينية داخل قمرة القيادة، لم يلاحظا بعضهما البعض في الوقت المناسب لتفادي الاصطدام المروع الذي أدى إلى مصرع جميع الركاب وأفراد الطاقم البالغ عددهم 128 شخصًا على متن الطائرتين.
ومن الصعب تحديد الأسباب الدقيقة التي أدت إلى عدم رؤية الطيارين لبعضهما البعض في الوقت المناسب لتجنب الكارثة، ولكن الأدلة تشير إلى أن هذا الحادث المأساوي قد نتج عن أحد أو جميع العوامل التالية: السحب المتداخلة التي قللت من الزمن المتاح للفصل البصري، أو القيود البصرية بسبب رؤية قمرة القيادة، أو التشتت بسبب الالتزام بالمهام الروتينية داخل قمرة القيادة.
بعد هذا الحادث المروع، اتخذت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية إجراءات صارمة لتعزيز سلامة الطيران، بما في ذلك تحسين نظم المراقبة الجوية وتطوير تكنولوجيا الاتصالات بين الطائرات ومراكز التحكم الجوي. ومنذ ذلك الحين، تم اتخاذ العديد من التدابير والتحسينات في مجال السلامة الجوية لضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث المروعة في المستقبل.