6 نصائح هامة لتسوّق آمن على الإنترنت

مع تطور التكنولوجيا الرقمية وسهولة الوصول إلى الإنترنت، أصبح التسوّق الإلكتروني جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية لملايين المستخدمين حول العالم. فقد تحولت المتاجر الافتراضية إلى بدائل رئيسية عن المحال التقليدية، وتزايد الاعتماد عليها لتلبية مختلف الاحتياجات من ملابس، إلكترونيات، مواد غذائية، مستلزمات منزلية، وأدوية، وغيرها. غير أنّ هذا التطور السريع رافقه تزايد في عمليات الاحتيال الإلكتروني، وسرقة البيانات، والنصب عبر المواقع المشبوهة، مما يفرض على المستخدمين ضرورة تعزيز وعيهم الأمني واتخاذ خطوات حاسمة لتأمين بياناتهم أثناء التسوّق عبر الإنترنت.

إن مفهوم التسوّق الآمن لا يقتصر فقط على اختيار المواقع الموثوقة، بل يشمل أيضاً عدة جوانب تقنية وسلوكية تتعلق بكيفية التعامل مع المدفوعات، حماية الحسابات، وفهم آليات الهجمات السيبرانية. فيما يلي، نعرض 6 نصائح هامة للتسوّق الآمن على الإنترنت، موضحين بالتفصيل الإجراءات الواجب اتباعها والاعتبارات التي يجب مراعاتها لحماية المستخدم من المخاطر الرقمية.

1. التعامل فقط مع المواقع الموثوقة والمعروفة

أول وأهم خطوة لضمان تجربة تسوق آمنة على الإنترنت هي التأكد من موثوقية الموقع الإلكتروني الذي يتم التعامل معه. يجب أن يولي المستخدم اهتماماً بالغاً لعنوان URL للموقع، وأن يتحقق من وجود بروتوكول التشفير الآمن HTTPS، والذي يظهر في بداية الرابط مع وجود رمز القفل، مما يشير إلى أن الاتصال بين جهاز المستخدم والموقع محمي ومشفّر.

ينبغي الابتعاد تماماً عن الروابط المشبوهة التي تصل عبر البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة تلك التي تعد بخصومات غير منطقية أو هدايا مجانية. ويفضل إجراء عمليات الشراء من متاجر إلكترونية ذات سمعة طيبة، معروفة في السوق، أو تلك التي توفر سياسات واضحة للضمان والإرجاع وخدمة عملاء فعالة.

المواقع الموثوقة توفر معلومات واضحة عن البائع، طرق التواصل، شروط البيع، مراجعات العملاء، كما تستخدم بوابات دفع آمنة ومعروفة، مما يمنح المستخدم مستوى إضافي من الثقة.

2. استخدام كلمات مرور قوية وتفعيل المصادقة الثنائية

كلمات المرور الضعيفة تعتبر من أكثر الثغرات التي يستغلها القراصنة للوصول إلى الحسابات الإلكترونية، خاصة في مواقع التسوّق التي تخزن معلومات حساسة مثل العنوان، رقم الهاتف، وبيانات البطاقة الائتمانية.

يجب إنشاء كلمات مرور قوية تحتوي على مزيج من الأحرف الكبيرة والصغيرة، الأرقام، والرموز الخاصة، وتجنّب استخدام كلمات شائعة مثل تواريخ الميلاد أو أسماء أفراد الأسرة. كما يُنصح باستخدام مدير كلمات مرور آمن لتخزين وتوليد كلمات مرور معقدة وفريدة لكل حساب.

إضافة إلى ذلك، يُعد تفعيل المصادقة الثنائية (Two-Factor Authentication) خطوة ضرورية لتعزيز الأمان الرقمي. فحتى في حال تمكن شخص من معرفة كلمة المرور، سيظل بحاجة إلى رمز تحقق يُرسل إلى الهاتف المحمول أو البريد الإلكتروني، مما يمنع الوصول غير المصرح به للحسابات.

3. عدم استخدام شبكات Wi-Fi العامة أثناء الشراء

الشبكات اللاسلكية العامة، مثل تلك المتاحة في المقاهي أو المطارات أو الأماكن العامة، تكون غالباً غير محمية بشكل كافٍ، وتُعتبر بيئة خصبة للقراصنة لاعتراض البيانات المرسلة عبرها. إذ يمكن بسهولة تنفيذ هجمات تسمى “التنصت الرقمي” (Sniffing)، يقوم خلالها المهاجم باعتراض المعلومات الشخصية التي يرسلها المستخدمون.

لهذا، يجب تجنّب إدخال أي بيانات حساسة أو إجراء عمليات شراء عبر الإنترنت أثناء الاتصال بشبكة Wi-Fi عامة. ويفضل استخدام اتصال إنترنت خاص وآمن، مثل باقة البيانات الشخصية أو شبكة منزلية مشفّرة. وإذا كان من الضروري استخدام شبكة عامة، يُنصح باستخدام شبكة افتراضية خاصة (VPN) لتشفير الاتصال بين الجهاز والموقع الإلكتروني.

4. مراقبة كشوف الحسابات البنكية بانتظام

التحقق الدوري من المعاملات المصرفية يُعد من أهم الممارسات لحماية البيانات المالية. إذ قد لا يشعر المستخدم بحدوث عملية اختراق أو استغلال لمعلومات بطاقته إلا بعد مرور وقت طويل، وهو ما يسمح للمهاجمين بالاستمرار في استخدام هذه البيانات.

يُنصح بتفعيل خدمة الإشعارات الفورية من البنك، سواء عبر الرسائل النصية أو تطبيق الجوال، لمراقبة كل عملية سحب أو إيداع تتم على الحساب. كما ينبغي مراجعة كشوف الحساب شهرياً للتأكد من أن جميع العمليات صحيحة ومأذون بها.

في حال اكتشاف أي عملية مشبوهة، يجب الإبلاغ عنها فوراً للبنك المعني، وتجميد البطاقة، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لحماية باقي الرصيد ومنع أي ضرر إضافي.

5. الشراء فقط عبر وسائل دفع آمنة ومعروفة

استخدام وسائل دفع معروفة وآمنة يُعد أساسياً أثناء التسوّق الإلكتروني. فبطاقات الائتمان ذات الحماية من الاحتيال تعتبر خياراً أفضل مقارنة ببطاقات الخصم المباشر، لأنها تتيح تقديم طلبات استرداد (Chargeback) في حال حدوث عمليات مشبوهة.

يفضل كذلك استخدام بوابات دفع موثوقة مثل PayPal، Apple Pay، Google Pay أو غيرها من خدمات الدفع الإلكتروني التي تضيف طبقات حماية إضافية وتحمي بيانات البطاقة الأصلية من التعرض المباشر للموقع.

ينبغي الامتناع تماماً عن إرسال معلومات الدفع عبر البريد الإلكتروني أو التطبيقات غير المشفّرة، كما يُنصح بعدم حفظ بيانات البطاقة في المواقع، إلا إذا كان الموقع موثوقاً ويستخدم تشفيراً متقدماً.

6. الحذر من العروض الزائفة ورسائل التصيّد الاحتيالية

أحد أكثر أساليب الاحتيال شيوعاً في التسوّق الإلكتروني هي رسائل التصيّد الاحتيالية (Phishing) التي تُرسل عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية، وتحتوي على عروض مغرية وروابط لمواقع تبدو شبيهة بالمواقع الأصلية.

غالباً ما تطلب هذه الرسائل من المستخدم تحديث معلوماته أو تأكيد بيانات بطاقته أو النقر على رابط للفوز بجائزة. لكن الهدف منها هو سرقة البيانات الشخصية أو زرع برمجيات خبيثة في الجهاز.

من الضروري تجاهل هذه الرسائل، وعدم النقر على أي روابط مرفقة، وعدم تحميل الملفات المرفقة منها. ويفضل حذفها مباشرة وتحديث برامج الحماية ومكافحة الفيروسات على الجهاز باستمرار، لتقليل فرص الاختراق والاحتيال.

جدول توضيحي لأهم الممارسات والتدابير المقترحة:

الخلاصة

في ظل الانتشار الكبير للتسوّق الإلكتروني، أصبح من الضروري للمستخدمين أن يكونوا أكثر وعياً وإدراكاً لمخاطر العالم الرقمي، وأن يتبنوا استراتيجيات فعّالة لحماية بياناتهم ومعلوماتهم المالية. فالتهاون في تأمين الحسابات والمعاملات الإلكترونية قد يؤدي إلى عواقب خطيرة، من سرقة الهوية إلى خسائر مالية جسيمة.

إن تطبيق هذه النصائح الست يمثل خطوة متقدمة نحو بيئة رقمية أكثر أماناً، ويُساهم في تعزيز ثقة المستخدمين بمنظومة التسوّق الإلكتروني، ويدعم النمو المستدام لهذا القطاع الحيوي. فالوعي الأمني لم يعد رفاهية بل ضرورة، وكل مستخدم يتحمل مسؤولية الحفاظ على خصوصيته وسلامته الرقمية باتباع الممارسات المثلى وتجنّب المخاطر المحتملة.

المراجع:

1. Norton Cybersecurity Insights Report, 2023

2. Consumer Reports Digital Lab, “Safe Online Shopping Practices”, 2022