في الحادي والعشرين من يوليو عام 365 ميلاديًا، تعرضت جزيرة كريت في الجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط إلى واحدة من أكثر الكوارث الطبيعية دموية في التاريخ. كانت الساعات الأولى من فجر ذلك اليوم الهادئة، ولكن الهدوء الظاهر لم يدم طويلاً. فقد ضرب زلزال عنيف بقوة 8.0 درجة على مقياس ريختر المنطقة المحيطة بالجزيرة، مما أدى إلى انهيار الأرض وتشكل موجة تسونامي مدمرة.
بدأت المأساة بانخفاض كبير في مستوى المياه، حيث تركت السفن عالقة على اليابسة، وتم إلقاء العديد من الحيوانات البحرية على الشاطئ، مما دفع المواطنين إلى الاندفاع إلى الشاطئ المكشوف لالتقاط الأسماك بأيديهم. وبعد حوالي 15 دقيقة، ظهرت موجة كبيرة بصوت هائل، تجتاح كل شيء في طريقها، مما جاء على نحو غير متوقع للآلاف من الناس الذين كانوا يزدحمون على الساحل، وأسفر عن وفاتهم.
وفي الجزء الشمالي من البحر الأدرياتيكي، انعكست الأنهار إلى الوراء، وانسحبت البحر عن الساحل. وفي الإسكندرية، انسحب البحر إلى مسافة كبيرة، حيث جرفت السفن الكبيرة والصغيرة على السد الساحلي بواسطة الموجة السريعة التالية؛ مما أدى إلى مقتل حوالي 700 شخص وفقًا للسجلات، وحوالي 5000 شخص وفقًا للبيانات الأخرى.
وفي الإسكندرية وحدها، تم فيما بعد إضافة أن حوالي 50000 منزل غمرتها المياه وغرق فيها 5000 شخص؛ حيث تم حمل السفن عبر جدران المدينة وتم وضع القوارب في النيل على الأرض الجافة على بعد حوالي 3.5 كيلومتر من النهر. وكان للموجة البحرية تأثيرات مدمرة بالمثل في أجزاء أخرى من المنطقة الشرقية من البحر الأبيض المتوسط.
إن هذه الكارثة لم تؤثر فقط على الساحل اليوناني، بل تجاوزت الحدود البحرية لتؤثر في السواحل القريبة منها، بما في ذلك مصر وصقلية والدالماطية. وتظل هذه الكارثة مثالًا بارزًا على قوة الطبيعة وعلى تأثيرها المدمر عندما تتلاقى القوى الطبيعية بقوى البشرية في مواجهة لا هوادة فيها مع الكوارث الطبيعية.