تساقط شعر القطط: الأسباب والعلاج

أسباب تساقط شعر القطط، العوامل الوراثية، الصحية، البيئية، الغذائية

يُعد تساقط الشعر عند القطط من الظواهر الشائعة التي قد تُثير قلق مربي الحيوانات الأليفة، خاصة عندما يتحول من تساقط موسمي طبيعي إلى حالة مزمنة قد تشير إلى وجود مشاكل صحية أو بيئية أو نفسية أعمق. تساقط الشعر يمكن أن يحدث في جميع السلالات والأعمار، ويُعتبر أحيانًا علامة إنذار مبكرة تستدعي التدخل. في هذا المقال، سيتم التطرق بالتفصيل إلى الأسباب المختلفة التي تؤدي إلى تساقط شعر القطط، من الأسباب الفسيولوجية الطبيعية إلى الحالات المرضية المعقدة، مع التركيز على أهمية التشخيص الدقيق والمعالجة المبكرة لضمان صحة الحيوان وراحته.

تساقط الشعر الطبيعي عند القطط

تساقط الشعر الموسمي يُعد جزءًا طبيعيًا من دورة حياة الفروة عند القطط، حيث يحدث غالبًا مرتين في السنة – في الربيع والخريف – عندما تستعد القطة لتغيير درجة حرارة الطقس. هذا النوع من التساقط لا يُعتبر مَرَضيًا، بل هو استجابة طبيعية للتغيرات البيئية والضوئية، ولا يستدعي القلق ما لم يصاحبه تغيرات غير طبيعية في الجلد أو سلوك الحيوان.

ومع ذلك، من المهم أن يُفرّق بين التساقط الطبيعي والمَرَضي، خاصة إذا لاحظ المربي فقدان الشعر في بقع محددة، أو وجود تقرحات، أو حكة مفرطة، أو سلوكيات غير معتادة مثل اللعق المفرط أو العض المتكرر للجلد.

الأسباب الصحية لتساقط شعر القطط

1. الطفيليات الخارجية

تُعد الطفيليات مثل البراغيث والقراد والعث من الأسباب الرئيسية لتساقط الشعر عند القطط. هذه الكائنات تتغذى على دم القطة مسببة حكة شديدة تدفعها إلى حك جسمها أو لعقه أو عضّه بشدة، مما يؤدي إلى تهيّج الجلد وسقوط الشعر.

أمثلة على الطفيليات:

2. العدوى الفطرية (مثل السعفة)

السعفة (Ringworm) هي عدوى فطرية معدية تصيب الجلد والشعر والأظافر، وتُعد من أكثر الأسباب شيوعًا لتساقط الشعر في بقع دائرية محددة. تتميز هذه العدوى بوجود بقع صلعاء مغطاة بقشور رمادية أو بيضاء، وقد تنتقل العدوى إلى البشر خاصة الأطفال أو من يعانون من ضعف المناعة.

3. العدوى البكتيرية والفيروسية

العدوى الجلدية البكتيرية قد تنجم عن خدوش أو جروح مفتوحة وتؤدي إلى التهاب الجلد وتساقط الشعر الموضعي. كذلك، بعض الفيروسات مثل فيروس نقص المناعة لدى القطط (FIV) أو فيروس اللوكيميا (FeLV) قد تؤثر على جهاز المناعة وتُضعف الجلد، ما يُسهم في تساقط الشعر.

الأسباب الغذائية

النظام الغذائي غير المتوازن من أبرز العوامل التي تؤدي إلى تدهور صحة الجلد وتساقط الشعر. نقص البروتينات أو الأحماض الدهنية الأساسية مثل أوميغا-3 وأوميغا-6، أو الفيتامينات مثل فيتامين A وE وB، يمكن أن يؤدي إلى جفاف الجلد، ضعف الفروة، وتساقط الشعر المزمن.

العوامل الغذائية المؤثرة:

• نقص البروتين: يؤثر على نمو الشعر ويُضعف بصيلاته.

• نقص الأحماض الدهنية الأساسية: يؤدي إلى جفاف الجلد وتهيج فروة الرأس.

• التغذية التجارية الرديئة: بعض الأطعمة الرخيصة لا تحتوي على العناصر الغذائية الأساسية مما يُسبب مشاكل جلدية.

• الحساسية الغذائية: بعض القطط تُظهر حساسية تجاه مكونات معينة مثل الدجاج أو الحبوب، ما يؤدي إلى التهابات جلدية وحكة مزمنة.

الأسباب النفسية والسلوكية

القطط حساسة جدًا للبيئة المحيطة بها، وأي تغيير مفاجئ في نمط الحياة أو البيئة قد يُسبب لها توترًا يؤدي إلى سلوكيات غير طبيعية مثل اللعق المفرط أو قضم الشعر، ما يُعرف باسم الثعلبة النفسية (Psychogenic Alopecia).

العوامل النفسية المرتبطة بتساقط الشعر:

• الانتقال إلى منزل جديد

• فقدان شخص أو حيوان مألوف

• الضوضاء المستمرة أو وجود حيوانات مزعجة

• نقص التحفيز الذهني أو الفراغ

هذا النوع من التساقط غالبًا ما يُلاحظ في مناطق سهلة الوصول مثل البطن، الجانبين، أو الأرجل الخلفية، ويُعد نوعًا من الوسواس القهري عند القطط.

العوامل الهرمونية والغددية

الاختلالات الهرمونية تُعد من الأسباب العميقة التي تؤدي إلى تساقط الشعر عند القطط. على سبيل المثال:

• قصور الغدة الدرقية: حالة نادرة عند القطط، ولكن عند حدوثها، تؤدي إلى تباطؤ الأيض، جفاف الجلد، وخمول عام.

• زيادة نشاط الغدة الكظرية (Cushing’s syndrome): يسبب ترقق الجلد، هشاشة الشعر، وتصبغات جلدية.

• اختلالات جنسية (مثل الأورام في المبيض أو الخصيتين): يمكن أن تؤثر على توزيع الشعر وتسبب تساقطًا في مناطق محددة.

الأسباب الوراثية والسلالية

بعض السلالات معرضة أكثر من غيرها لتساقط الشعر لأسباب وراثية، مثل:

• القطط الفارسية (Persian Cats): عُرضة لمشاكل جلدية بسبب كثافة شعرها، كما أن بعض الفطريات تجد بيئة مثالية في طيّات الجلد.

• القطط السيامية (Siamese Cats): معرضة لمشاكل نفسية تؤدي إلى لعق مفرط وتساقط الشعر.

• سلالة سفينكس (Sphynx): خالية من الشعر أساسًا، لكن قد تعاني من مشاكل جلدية بسبب زيوت الجلد الزائدة.

الأمراض المناعية الذاتية

في بعض الحالات، يهاجم جهاز المناعة خلايا الجلد أو بصيلات الشعر باعتبارها خلايا غريبة، ما يؤدي إلى تساقط الشعر، تقرحات جلدية، وتغيّرات لونية في الفروة.

أمراض مثل الذئبة الحمراء أو التهاب الجلد التحسسي تُعد نادرة نسبيًا عند القطط، لكنها تُصنف ضمن الأسباب المرضية التي يجب وضعها في الحسبان عند التشخيص.

التعرض للمواد الكيميائية أو العوامل البيئية

بعض القطط قد تُصاب بتساقط الشعر نتيجة تعرضها لمواد تنظيف قوية أو عطور أو مبيدات حشرية تُسبب تهيج الجلد. كذلك، التعرّض للبرد القارس أو الشمس المباشرة لفترات طويلة قد يؤدي إلى تقشر الجلد وتساقط الشعر في مناطق محددة.

تساقط الشعر بعد الحمل أو الفطام

القطط الإناث تمر بتغيرات هرمونية هائلة خلال الحمل والرضاعة، وقد يؤدي ذلك إلى تساقط الشعر المؤقت بعد الفطام، وهي حالة طبيعية وتُشفى تلقائيًا خلال أسابيع.

تساقط الشعر الناتج عن العلاج الطبي

بعض الأدوية مثل أدوية السرطان (العلاج الكيميائي) أو الكورتيزون طويل الأمد قد يؤدي إلى ضعف بصيلات الشعر وتساقطه. كذلك، بعد العمليات الجراحية قد تلاحظ بعض القطط تساقط الشعر حول منطقة الحقن أو الجرح نتيجة تأثير موضعي للأدوية أو إزالة الشعر الجراحي.

طرق التشخيص

يتطلب تشخيص تساقط الشعر عند القطط فحصًا شاملاً يبدأ بالتاريخ الطبي والسلوكي للقطة، مرورًا بالفحص السريري، ثم قد يحتاج الطبيب البيطري إلى إجراءات إضافية مثل:

• كشط الجلد وفحصه مجهريًا

• اختبار فطري (Wood’s Lamp أو مزرعة فطرية)

• تحليل دم كامل واختبارات هرمونية

• اختبار الحساسية الغذائية أو البيئية

• خزعة جلدية في الحالات المزمنة أو غير واضحة الأسباب

الخاتمة العلمية

تساقط شعر القطط لا ينبغي تجاهله خصوصًا عندما يكون غير موسمي أو يترافق مع أعراض جلدية أو سلوكية أخرى. التشخيص الدقيق يتطلب تعاونًا بين المربي والطبيب البيطري لتحديد السبب الأساسي وتقديم العلاج المناسب. في معظم الحالات، يمكن علاج المشكلة إذا تم التعامل معها في وقت مبكر، مما يضمن للقطة جودة حياة صحية وراحة نفسية.

المراجع العلمية:

1. Miller, W.H., Griffin, C.E., Campbell, K.L. (2013). Muller and Kirk’s Small Animal Dermatology. Elsevier Health Sciences.

2. Sparkes, A.H., et al. (2016). ISFM guidelines on feline dermatology. Journal of Feline Medicine and Surgery, 18(11), 923–940.