تساقط الشعر عند النساء

تساقط الشعر لدى النساء: أسباب نقص كثافة الشعر والحلول الممكنة

يُعد الشعر من أبرز علامات الجمال والصحة لدى النساء، حيث يعكس مظهره الحالة العامة للجسم من النواحي النفسية والغذائية والهرمونية. لذلك، فإن أي تغيّر في كثافته أو نعومته أو طوله يُحدث تأثيراً نفسياً كبيراً على المرأة، ويثير قلقها، لا سيما عندما يتحوّل تساقط الشعر من حالة عرضية إلى حالة مزمنة تفقد فيها المرأة قدراً كبيراً من شعرها بشكل يومي. تساقط الشعر لدى النساء مشكلة متعددة الأسباب، وتحتاج إلى تشخيص دقيق وتدخل علاجي مناسب يشمل التغذية، والعناية الموضعية، وأحياناً التدخل الطبي أو الهرموني.

يتناول هذا المقال بشكل مفصّل الأسباب الشائعة لتساقط الشعر لدى النساء، وأنواع فقدان الشعر، والفروق بين التساقط الطبيعي والمرضي، والحلول المتاحة من خلال النظرة العلمية والطبية الحديثة، بالإضافة إلى أهمية العناية المستمرة بالشعر ونمط الحياة.

الفروق بين تساقط الشعر الطبيعي والمرضي

من الطبيعي أن تفقد المرأة ما بين 50 إلى 100 شعرة يومياً، وهو ما يُعد جزءاً من دورة النمو الطبيعية للشعر، حيث ينمو الشعر ويدخل في طور السكون ثم يتساقط ليحل مكانه شعر جديد. غير أن تساقط الشعر يصبح مرضياً عندما يتجاوز هذا الحد بكثير، أو عندما تلاحظ المرأة ظهور فراغات واضحة في فروة الرأس، أو انخفاضاً تدريجياً في كثافة الشعر، أو تغيرات في ملمسه وسماكته.

الفقدان المرضي للشعر قد يكون موضعياً (في منطقة معينة) أو عاماً (في كافة أنحاء فروة الرأس)، ويصاحبه أحياناً تهيّج في فروة الرأس أو علامات التهابات أو تساقط الشعر من الجذور بشكل كثيف في فترات قصيرة.

الأسباب الهرمونية لتساقط الشعر

تُعد الأسباب الهرمونية من أكثر العوامل تأثيراً على صحة الشعر لدى النساء، وتشمل التغيرات الهرمونية في فترات مختلفة من حياة المرأة، مثل:

• فترة ما بعد الولادة: بعد الحمل، ترتفع مستويات هرمون الإستروجين الذي يعمل على إطالة فترة حياة الشعر ويمنع تساقطه. ولكن بعد الولادة، تنخفض هذه الهرمونات بشكل مفاجئ، مما يؤدي إلى تساقط الشعر بكثافة، وهي حالة تُعرف بـ “تساقط ما بعد الولادة”.

• سن اليأس: مع انخفاض مستوى الإستروجين في مرحلة انقطاع الطمث، يتراجع دعم الدورة الدموية لفروة الرأس وتقل كثافة الشعر، مما يؤدي إلى ترقق الشعر وتساقطه.

• متلازمة تكيس المبايض (PCOS): وهي حالة تؤدي إلى اضطراب في توازن الهرمونات، حيث يرتفع فيها مستوى الأندروجينات (الهرمونات الذكرية) التي تسبب ضعف بصيلات الشعر وتساقطه، خاصة في منطقة قمة الرأس.

• اضطرابات الغدة الدرقية: سواء فرط نشاط الغدة الدرقية أو قصورها يمكن أن يؤثر سلباً على الدورة الطبيعية لنمو الشعر، مسببة تساقطاً منتشراً أو غير منتظم.

العوامل الغذائية وتأثيرها على كثافة الشعر

يعتبر الشعر من أكثر الأنسجة حساسية لنقص المغذيات في الجسم. يتسبب سوء التغذية أو نقص بعض العناصر الحيوية في ضعف بصيلات الشعر وتساقطه. ومن أبرز هذه العناصر:

• الحديد: يُعد فقر الدم الناجم عن نقص الحديد من أكثر الأسباب شيوعاً لتساقط الشعر لدى النساء، خصوصاً مع تكرار الدورة الشهرية، الحمل، أو النظام الغذائي النباتي.

• الزنك: يعزز الزنك من صحة بصيلات الشعر، ونقصه يؤدي إلى تساقط شديد ومظهر باهت للشعر.

• البيوتين (فيتامين B7): يُستخدم البيوتين على نطاق واسع في مكملات تقوية الشعر، ويُعد ضرورياً لإنتاج الكيراتين الذي يُشكل البنية الأساسية للشعر.

• فيتامين D: تشير الدراسات إلى ارتباط نقص فيتامين D بضعف نمو الشعر، إذ يلعب دوراً في دورة نمو الشعر وتنشيط بصيلات الشعر الخاملة.

• البروتين: الشعر مكوّن أساساً من البروتين (الكيراتين)، وأي خلل في تناول البروتينات قد ينعكس مباشرة على بنية الشعر ويؤدي إلى ترققه وتكسره بسهولة.

العوامل النفسية والإجهاد

الإجهاد النفسي والضغوط المزمنة يُمكن أن يُحدثا اختلالات هرمونية تؤدي إلى حالة تُعرف باسم “تساقط الشعر الكربي” (Telogen Effluvium)، وهي حالة تؤدي إلى دخول عدد كبير من بصيلات الشعر في طور الراحة (Telogen) بشكل مفاجئ، ومن ثم تساقطها بعد أسابيع قليلة. يُمكن لهذه الحالة أن تنجم أيضاً عن صدمة نفسية أو جسدية، كالإصابة الشديدة، العمليات الجراحية، أو فقدان شخص عزيز.

تشير الأبحاث إلى أن هناك علاقة وثيقة بين الحالة النفسية والشعر، إذ أن الجهاز العصبي يؤثر على الدورة الدموية، وبدوره ينعكس على إيصال المغذيات إلى بصيلات الشعر.

تأثير العناية الخاطئة بالشعر والممارسات الجمالية

كثير من النساء يستخدمن منتجات تصفيف وتجميل الشعر بشكل مفرط، كالصبغات والمواد الكيميائية لفرد الشعر أو تجعيده، بالإضافة إلى الاستخدام المتكرر لمجففات الشعر ذات الحرارة العالية. هذه الممارسات تُضعف بنية الشعرة وتُرهق فروة الرأس، مما يؤدي إلى تساقط الشعر وتكسّره.

كما أن ربط الشعر بشدة أو استخدام تسريحات شد مثل ذيل الحصان المشدود أو الضفائر بإحكام قد يسبب “تساقط الشعر الناتج عن الشد” (Traction Alopecia)، وهي حالة تؤدي إلى تراجع خط الشعر الأمامي وتدمير البصيلات في بعض الحالات.

الحالات المرضية المرتبطة بتساقط الشعر

هناك حالات مرضية تؤدي إلى فقدان واضح في الشعر، وتشمل:

• الثعلبة البقعية (Alopecia Areata): اضطراب مناعي ذاتي يؤدي إلى فقدان الشعر في بقع دائرية، وقد يتطور إلى تساقط كامل في فروة الرأس أو الجسم.

• الثعلبة الندبية: وهي فقدان دائم للشعر بسبب تدمير بصيلات الشعر نتيجة التهاب مزمن، مثل الذئبة الجلدية أو بعض الأمراض الجلدية المزمنة.

• العدوى الفطرية (مثل سعفة الرأس): تؤدي هذه العدوى إلى تساقط موضعي للشعر وتكون مصحوبة أحياناً بالحكة والقشور.

جدول: مقارنة بين أسباب تساقط الشعر المختلفة

الحلول الممكنة لتساقط الشعر

التغذية العلاجية والمكملات

من المهم التأكد من توافر العناصر الغذائية اللازمة لصحة الشعر عبر نظام غذائي متوازن أو مكملات غذائية عند الضرورة. يجب فحص مستوى الحديد، فيتامين D، الزنك، والبيوتين في حال وجود علامات تساقط غير طبيعي.

العناية الموضعية بالشعر

• استخدام شامبوهات طبية خالية من الكبريتات والعطور الصناعية

• تجنب تعريض الشعر للحرارة العالية والمواد الكيميائية القاسية

• تدليك فروة الرأس يومياً لتحفيز الدورة الدموية وتنشيط البصيلات

العلاجات الطبية

• مينوكسيديل (Minoxidil): متاح في شكل بخاخ موضعي، يُعد من العلاجات الفعالة لتحفيز نمو الشعر وتحسين الكثافة

• العلاج بالليزر منخفض المستوى (LLLT): يساعد على تحفيز بصيلات الشعر وزيادة سمك الشعر

• البلازما الغنية بالصفائح الدموية (PRP): حقن فروة الرأس بالبلازما المستخرجة من دم المريض، لتحفيز النمو

• العلاج الهرموني: في حالات الخلل الهرموني، مثل تكيس المبايض أو اضطراب الغدة الدرقية، يجب اللجوء لعلاج طبي متخصص

الزراعة والتدخلات التجميلية

في الحالات المتقدمة أو الوراثية، قد يُنظر في خيار زراعة الشعر باستخدام تقنيات حديثة مثل الاقتطاف (FUE)، وهي مناسبة لبعض أنواع فقدان الشعر غير القابلة للعلاج الدوائي.

الوقاية ودور نمط الحياة

للوقاية من تساقط الشعر والحفاظ على صحته، يُوصى باعتماد نمط حياة صحي يشمل:

• تقليل التوتر والقلق من خلال الرياضة وتمارين التنفس

• الحصول على نوم كافٍ ومنتظم

• الإقلاع عن التدخين والكحول

• تجنب فقدان الوزن السريع أو الحميات الغذائية القاسية

العناية بالشعر ليست رفاهية جمالية فقط، بل ضرورة صحية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنمط الحياة والحالة النفسية والتوازن الغذائي والهرموني.

المراجع:

1. American Academy of Dermatology Association. “Hair Loss in Women.” aad.org

2. National Institutes of Health (NIH). “Nutritional Factors and Hair Loss.” nih.gov