تربية عصافير الكناري: دليل شامل ومفصل

تربية عصافير الكناري تعتبر من الهوايات الممتعة التي تجذب العديد من محبي الطيور بسبب جمال هذه العصافير وألوانها الزاهية وأصواتها العذبة التي تملأ المكان بهجة. الكناري ليس مجرد طائر زينة، بل هو كائن حساس يحتاج إلى رعاية دقيقة واهتمام مستمر ليعيش بصحة جيدة ويُظهر أفضل ما لديه من تغريد وأناقة. تتطلب تربية الكناري معرفة عميقة بعاداته واحتياجاته اليومية لضمان تهيئة بيئة مناسبة تسمح له بالنمو والتكاثر والتغريد المستمر. هذا المقال يقدم دليلاً شاملاً عن كيفية تربية عصافير الكناري بطريقة علمية مفصلة وممتدة تغطي جميع الجوانب الأساسية والمتقدمة لتربيتها بنجاح.

الأصل والموطن الطبيعي لعصافير الكناري

عصافير الكناري تنتمي إلى فصيلة الشرشوريات وتعود أصولها إلى جزر الكناري وجزر ماديرا وجزر الأزور. في بيئتها الطبيعية، تعيش هذه العصافير في المناطق الساحلية والوديان حيث تتوفر الأشجار الكثيفة والمصادر الطبيعية للمياه والغذاء. تم استئناس الكناري لأول مرة في أوروبا في القرن السابع عشر ومنذ ذلك الحين انتشرت تربيتها في جميع أنحاء العالم لما تتمتع به من صوت شجي وقدرة على التأقلم مع الحياة في الأقفاص.

أنواع الكناري المستخدمة في التربية

يوجد العديد من الأنواع التي يتم تربيتها في المنازل لأغراض الزينة أو التغريد أو الاستعراض. ومن أهم الأنواع:

• الكناري المغرد: مثل كناري الرولر الألماني، والكناري البلجيكي، ويتم تربيته لغرض الاستمتاع بصوته العذب.

• كناري الشكل: يتميز بتنوع ألوانه وأشكاله مثل كناري الجلوستر وكناري البوردر.

• كناري اللون: يتم تربيته للحصول على ألوان معينة مثل الكناري الأحمر والكناري الأصفر الفاقع.

كل نوع له احتياجات خاصة من حيث التغذية والتربية مما يتطلب من المربي معرفة دقيقة بنوع الطائر الذي يمتلكه.

تجهيز القفص المناسب للكناري

القفص هو البيئة الأساسية التي يعيش فيها الكناري ويؤثر بشكل مباشر على صحته النفسية والجسدية. يجب أن تتوفر في القفص المواصفات التالية:

• الحجم: يفضل أن يكون القفص واسعاً بما يكفي للسماح للطائر بالطيران القصير والحركة بحرية. الأبعاد المناسبة لقفص الكناري الواحد يجب ألا تقل عن 50 سم طول × 40 سم عرض × 50 سم ارتفاع.

• المواد: يجب أن يكون القفص مصنوعاً من مواد غير سامة ومقاومة للصدأ لضمان سلامة الطائر.

• الشكل: الأقفاص المستطيلة أفضل من الدائرية لأنها تمنح الطائر إحساساً بالاتجاه وتسمح له بالطيران على خط مستقيم.

• الملحقات: يجب توفير مجاثم خشبية ذات قطر مناسب، أوعية طعام وماء يسهل تنظيفها، وحوض صغير للاستحمام.

• التنظيف: يجب تنظيف القفص والأدوات بشكل دوري لتجنب تراكم البكتيريا والجراثيم التي قد تسبب الأمراض.

البيئة المثالية لتربية الكناري

لضمان صحة الكناري يجب الاهتمام بعدة عوامل بيئية ضرورية:

• درجة الحرارة: تتراوح بين 18 إلى 25 درجة مئوية. الكناري يتأثر سريعاً بالتغيرات الحادة في درجات الحرارة.

• الإضاءة: يحتاج الكناري إلى 12 إلى 14 ساعة من الإضاءة يومياً خاصة في مواسم التزاوج، ويمكن استخدام الإضاءة الاصطناعية لتعويض نقص ضوء النهار في الشتاء.

• التهوية: يجب أن تكون الغرفة جيدة التهوية وخالية من التيارات الهوائية المباشرة.

• الهدوء: الكناري طائر حساس للغاية تجاه الأصوات المرتفعة والضجيج، لذا من الأفضل تربيته في مكان هادئ ومستقر.

النظام الغذائي المتوازن للكناري

النظام الغذائي له تأثير بالغ على صحة الكناري وقدرته على التغريد والتكاثر. يتكون النظام الغذائي الأمثل من:

• الحبوب: تعتبر خليط الحبوب (مثل بذور اللفت، وبذور الكتان، والدخن) الغذاء الرئيسي للكناري.

• الخضروات: يتم تقديمها بشكل يومي مثل الجرجير، والخس، والسبانخ، والبقدونس.

• الفواكه: يجب تقديمها باعتدال مثل التفاح والكمثرى مع التأكد من إزالة البذور.

• البيض المسلوق: يقدم خلال فترات التفريخ والنمو لدعمه بالبروتين الضروري.

• الأملاح المعدنية والكالسيوم: يجب توفير عظام الحبار أو مكعبات الكالسيوم لدعم صحة العظام والريش.

يجب تجنب تقديم الأطعمة الدهنية أو السكرية أو المالحة مثل الشوكولاتة والخبز والبطاطس المقلية لأنها قد تؤدي إلى تسمم الطائر.

العناية الصحية بالكناري

الحفاظ على صحة الكناري يتطلب مراقبة دقيقة لأي علامات تدل على وجود مرض أو اضطراب. من أبرز الأمور التي يجب متابعتها:

• النشاط العام: الكناري الصحي يكون نشيطاً ومرحاً ويقوم بالتغريد باستمرار.

• مظهر الريش: يجب أن يكون الريش نظيفاً ولامعاً ومرتباً.

• حالة العيون والمنقار: العيون يجب أن تكون لامعة وخالية من الإفرازات، والمنقار نظيف وغير مشوه.

• البراز: يجب أن يكون ذا قوام طبيعي وغير سائل أو متكتل.

في حال ملاحظة أي علامات مرض مثل الخمول، فقدان الشهية، أو تساقط الريش غير الطبيعي، يجب استشارة طبيب بيطري متخصص في أسرع وقت.

موسم التزاوج ومتطلبات التكاثر

يبدأ موسم تزاوج الكناري عادة مع بداية فصل الربيع ويستمر حتى نهاية الصيف. لتحقيق تزاوج ناجح، يجب مراعاة ما يلي:

• التجهيز المسبق: يجب فصل الذكر عن الأنثى قبل التزاوج لتشجيع الذكر على التغريد وجذب الأنثى.

• اختيار العش المناسب: يتم توفير عش صغير من الخشب أو البلاستيك يتم تثبيته داخل القفص مع توفير مواد التعشيش مثل الخيوط القطنية.

• النظام الغذائي الداعم: يجب دعم الطيور ببيض مسلوق وبذور غنية بالبروتين خلال فترة التزاوج.

• الإضاءة والحرارة: توفير 14 ساعة من الإضاءة يومياً مع الحفاظ على درجة حرارة مستقرة لدعم تحفيز عملية التزاوج.

عادة ما تضع الأنثى ما بين 3 إلى 5 بيضات، وتستمر فترة الحضانة حوالي 13 إلى 14 يوماً.

تربية فراخ الكناري

بعد الفقس، تحتاج الفراخ إلى رعاية دقيقة وخاصة في أول أسبوعين من حياتها حيث تكون معتمدة كلياً على الأم لتغذيتها. يمكن دعم الأم بتقديم الطعام اللين مثل البيض المسلوق المهروس مع فتات الخبز أو خلطات خاصة للفراخ.

يبدأ الفراخ في مغادرة العش بعد حوالي 20 يوماً، وخلال هذه الفترة يجب التأكد من أن القفص آمن وخالي من أي مخاطر قد تؤدي إلى إصابة الفراخ.

العناية بريش الكناري

الريش هو مظهر أساسي من مظاهر صحة الكناري وجماله. يتعرض الكناري لفترة تسمى بفترة “القلش” (تساقط الريش) والتي تستمر لعدة أسابيع عادة خلال نهاية الصيف وبداية الخريف. خلال هذه الفترة يجب:

• تقليل ساعات الإضاءة اليومية تدريجياً.

• توفير غذاء غني بالبروتين والفيتامينات لدعم نمو الريش الجديد.

• الحرص على نظافة القفص وتوفير حوض استحمام يومي للمساعدة في التخلص من الريش القديم.

التغريد عند الكناري

يعتبر التغريد من أهم العلامات على صحة الكناري النفسية والجسدية. الذكور عادة هم الذين يغردون بقوة خاصة خلال موسم التزاوج لجذب الإناث. لتحفيز الكناري على التغريد يمكن:

• توفير بيئة هادئة وآمنة.

• توفير تغذية متكاملة.

• الاستماع لتغريد كناري آخر لتحفيزه.

• تقديم مكملات الفيتامينات الضرورية.

الأمراض الشائعة التي تصيب الكناري

يوجد العديد من الأمراض التي يمكن أن تصيب الكناري وأهمها:

أهمية النظافة والتعقيم

النظافة المستمرة للقفص والأدوات الغذائية من أهم عناصر النجاح في تربية الكناري. يجب تغيير المياه يومياً وتنظيف أوعية الطعام بشكل منتظم لمنع نمو البكتيريا. كما ينبغي غسل القفص مرة واحدة على الأقل كل أسبوع باستخدام ماء دافئ وصابون معتدل مع تجنب استخدام المواد الكيميائية القوية التي قد تؤذي الطائر.

خلاصة تربوية

تربية عصافير الكناري ليست مجرد هواية سطحية، بل هي مسؤولية تتطلب معرفة واسعة والتزام طويل الأمد. النجاح في تربية الكناري يعتمد على فهم دقيق لاحتياجات الطائر وتوفير بيئة مستقرة ومناسبة له تضمن صحته النفسية والجسدية. الاهتمام بالتغذية، النظافة، الرعاية الصحية، وتوفير الظروف البيئية المثالية يجعل من تربية الكناري تجربة ممتعة تحقق نتائج رائعة سواء من حيث التغريد العذب أو التكاثر الناجح.

المصادر

• Alderton, David. The Complete Book of Canaries. New York: Howell Book House, 2001.

• Baker, Eric. Canary: Your Happy Healthy Pet. Hoboken: Wiley Publishing, 2006.