تربية القطط وصحة القلب

تربية القطط تقلل احتمال الإصابة بالنوبة القلبية

لطالما ارتبطت الحيوانات الأليفة بعلاقة وثيقة مع الإنسان، سواء كانت تلك الحيوانات كلبًا، قطة، أو حتى طيورًا صغيرة. ومن بين هذه الحيوانات، تحتل القطط مكانة خاصة في حياة الكثيرين حول العالم، ليس فقط لجمالها وروعتها، بل أيضًا لفوائدها الصحية التي قد تكون مفاجئة للبعض. على الرغم من أن هناك العديد من الفوائد النفسية والاجتماعية التي تنطوي عليها تربية القطط، فإن العديد من الدراسات الحديثة تشير إلى أن تربية القطط قد تؤثر بشكل إيجابي على الصحة الجسدية، خصوصًا فيما يتعلق بتقليل خطر الإصابة بالنوبات القلبية.

القطط وتأثيرها على الصحة النفسية

في البداية، ينبغي أن نتعرف على كيف يمكن أن تساهم القطط في تحسين الصحة النفسية. تعتبر القطط من الحيوانات الأليفة التي تتمتع بقدرة كبيرة على تقديم الراحة والمواساة لأصحابها. بفضل تفاعلها الفطري مع البشر، تقوم القطط بتحفيز مشاعر الحب والراحة لدى الأفراد. ويُظهر العلماء أن تفاعل الإنسان مع الحيوانات الأليفة يمكن أن يؤدي إلى إفراز الهرمونات “الراحة” مثل الأوكسيتوسين والدوبامين، وهي هرمونات ترتبط بالشعور بالفرح والراحة النفسية. وبالتالي، يمكن أن تقلل القطط من مستويات التوتر والقلق بشكل ملحوظ.

من المعروف أن الإجهاد النفسي المستمر هو أحد العوامل التي تساهم في رفع خطر الإصابة بعدد من الأمراض، مثل أمراض القلب. حينما يزداد مستوى التوتر في حياة الإنسان، يزيد إفراز هرمون الكورتيزول في الجسم، الذي يمكن أن يتسبب في ارتفاع ضغط الدم، زيادة معدل ضربات القلب، وضعف صحة الأوعية الدموية. هنا تأتي أهمية القطط في التقليل من هذا الإجهاد النفسي، مما يساهم بشكل غير مباشر في تقليل خطر الإصابة بمشاكل صحية كبيرة مثل النوبات القلبية.

تأثير القطط على الجهاز القلبي الوعائي

في السنوات الأخيرة، بدأت العديد من الدراسات العلمية في دراسة العلاقة بين تربية الحيوانات الأليفة وخاصة القطط وبين الصحة القلبية. وقد أظهرت بعض الأبحاث التي أجريت في هذا المجال نتائج مثيرة للغاية، مشيرة إلى أن تربية القطط قد تكون لها تأثيرات وقائية ضد الإصابة بالنوبات القلبية.

على سبيل المثال، أظهرت دراسة نشرت في مجلة “American Journal of Cardiology” أن الأشخاص الذين يمتلكون قططًا أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب مقارنة بأولئك الذين لا يمتلكون حيوانات أليفة. ويعود ذلك جزئيًا إلى تأثير القطط في تقليل مستويات التوتر والإجهاد. بالإضافة إلى ذلك، تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يعتنون بالحيوانات الأليفة، مثل القطط، عادة ما يكونون أكثر نشاطًا بدنيًا، مما يساهم في تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية.

العوامل التي تساهم في الوقاية من النوبات القلبية

عندما نتحدث عن تأثير القطط على الصحة القلبية، يجب أن نأخذ في اعتبارنا مجموعة من العوامل الأخرى التي تساهم في الوقاية من النوبات القلبية. أول هذه العوامل هو العلاقة العاطفية بين الشخص وقطه. فالارتباط العاطفي بالقطط يعزز الشعور بالرفقة والانتماء، مما يقلل من الشعور بالعزلة الاجتماعية، الذي يعد من العوامل المسببة للاكتئاب والقلق. هذه الروابط العاطفية تقلل من فرص الشعور بالحزن والضغط النفسي، مما يحسن التوازن الهرموني في الجسم.

عامل آخر هو تأثير القطط على النوم. من المعروف أن النوم الجيد والكافي هو أحد العوامل الأساسية التي تساهم في الحفاظ على صحة القلب. تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يمتلكون حيوانات أليفة مثل القطط عادة ما يكونون أكثر قدرة على الاسترخاء والنوم بشكل أفضل. وبما أن النوم الجيد يقلل من مستويات الكورتيزول في الجسم، فإنه يقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والنوبات القلبية.

القطط والتمارين الرياضية

من المفارقات أن القطط قد تشجع أصحابها على ممارسة النشاط البدني، سواء من خلال اللعب أو العناية بها. قد يبدو أن القطط ليست حيوانات نشطة بما فيه الكفاية مثل الكلاب، ولكن التفاعل معها يتطلب في بعض الأحيان الحركة والقيام ببعض الأنشطة البدنية. على سبيل المثال، اللعب مع القطط باستخدام الألعاب أو تحفيزها على الحركة يمكن أن يزيد من نشاط أصحابها. النشاط البدني المنتظم يساعد في تحسين الدورة الدموية وتقوية عضلة القلب، مما يقلل من مخاطر الإصابة بنوبة قلبية.

العوامل البيئية والوراثية

بالطبع، لا يمكننا إغفال دور العوامل الوراثية والبيئية في صحة القلب. فالأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من أمراض القلب قد يكونون عرضة أكبر للإصابة بالنوبات القلبية، بغض النظر عن مدى تعاملهم مع القطط أو الحيوانات الأليفة بشكل عام. لكن ما يمكن أن تفعله القطط هو تقليل عوامل الخطر الأخرى مثل التوتر والضغط النفسي، وهي العوامل التي يمكن أن تسهم بشكل كبير في تسريع ظهور أمراض القلب. في النهاية، لا تعتبر القطط العلاج السحري لأمراض القلب، ولكنها بالتأكيد تلعب دورًا في تحسين نوعية الحياة بشكل عام.

القطط وهرمون الأوكسيتوسين

واحدة من أهم التأثيرات التي قد تساهم القطط في الوقاية من النوبات القلبية تكمن في تأثيرها على إفراز هرمون الأوكسيتوسين، الذي يُعرف بهرمون “الراحة” أو “المودة”. عند التفاعل مع القطط، سواء من خلال احتضانها أو مجرد وجودها بالقرب منك، يفرز الجسم الأوكسيتوسين. هذا الهرمون يعمل على تقليل مستويات التوتر، خفض معدل ضربات القلب، وتنظيم ضغط الدم. وقد أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يتعرضون لمستويات مرتفعة من الأوكسيتوسين يكون لديهم مستويات منخفضة من الكورتيزول، ما يساعد على حماية القلب والأوعية الدموية.

الدراسة العلمية الحديثة: القطط والنوبات القلبية

أحد أبرز الدراسات التي تدعم تأثير القطط في تقليل خطر الإصابة بالنوبات القلبية أجرتها جامعة “منيسوتا” في الولايات المتحدة. حيث أشارت الدراسة إلى أن الأشخاص الذين لم يمتلكوا قططًا كانوا أكثر عرضة للإصابة بالنوبات القلبية مقارنة بأولئك الذين يمتلكون قططًا. شملت الدراسة أكثر من 4,000 شخص في مختلف الأعمار، ووجدت أن أولئك الذين رافقوا قططًا بشكل مستمر كانوا أقل عرضة للإصابة بالنوبات القلبية بمعدل 30%.

الختام

على الرغم من أن تربية القطط لا تعتبر بديلاً للرعاية الطبية أو الوقاية التقليدية من أمراض القلب، إلا أن الدراسات تشير بوضوح إلى أن القطط يمكن أن تكون جزءًا من نمط حياة صحي يساعد في تقليل عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب. فإذا كنت تفكر في تربية قطة، فإضافة إلى الراحة النفسية والمرافقة العاطفية التي ستقدمها، قد تجد في ذلك أيضًا وقاية لصحتك القلبية.