تراث الشام في مقروطة العيد

في عالم الحلويات التقليدية التي تعبق بأصالة وتراث منطقة الشام، تبرز المقروطة كواحدة من ألذ وأشهى أنواع الحلوى التي تتميز بطعمها الفريد والمميز. إن إعداد هذا الحلوى الشهير، الذي يشكل جزءًا لا يتجزأ من تقاليد العيد في المنطقة، يتطلب تفرغاً ودقة في المكونات والخطوات.

تبدأ الرحلة نحو إعداد المقروطة بجمع المكونات الرئيسية: ثلاثة أكواب من الطحين، وكوب من الحليب، ونصف كوب من السمسم المحمص، وثلاث ملاعق كبيرة من حبة البركة، وملعقتين من الشومر المطحون، وملعقتين من اليانسون المطحون، وملعقة صغيرة من الخميرة الفورية، وملعقة صغيرة من الملح، ونصف ملعقة صغيرة من المحلب، ونصف ملعقة صغيرة من العصفر (الكركم). ولإضفاء المزيد من النكهة والنعومة، يتم إضافة كوب من زيت الزيتون تدريجياً أثناء العجن.

يتم خلط كل المكونات الجافة في وعاء كبير، في حين يتم تفعيل الخميرة في كوب من الحليب الدافئ. عندما تصبح الخميرة جاهزة، يتم عجن العجينة بشكل جيد باستخدام اليدين حتى تتشكل عجينة متجانسة ومرنة. يتم إضافة زيت الزيتون تدريجياً لتحسين قوام العجينة وإعطائها ليونة ونعومة.

بعد عملية العجن، يتم ترك العجينة لترتاح لمدة نصف ساعة، مما يسمح للعناصر بالتفاعل والجمع بينها بشكل مثالي. بينما ترتاح العجينة، يمكن البدء في تحضير التمر للحشو. يتم خلط التمر المطحون مع زيت نباتي ويانسون، ويتم تجهيزه للفرد.

لتسهيل عملية الفرد والتشكيل، يتم استخدام كيس نايلون شفاف يُدهن بالقليل من الزيت. يتم وضع التمر فوقه وفرده بشكل متساوٍ بواسطة شوبك. بعد ذلك، يتم وضع العجينة فوق التمر ولفها بشكل أسطواني. يتم قطع الأسطوانة إلى قطع بسمك 2 سم تقريباً، وتُرتب المقروطة على صينية الخبز.

تنتهي العملية بوضع الصينية في الفرن المُحمى مسبقًا عند درجة حرارة 180 درجة مئوية. يتم خبز المقروطة حتى تحصل على لون ذهبي جميل. وبهذا، يتم إعداد مقروطة لذيذة ومميزة، جاهزة لتكون جزءًا لا يتجزأ من احتفالات العيد، مضيفة لمسة فاخرة إلى طاولة الحلويات التقليدية.

المقروطة، هذه الحلوى الشهية المعروفة في بلاد الشام، تحمل في طياتها لاحتفالات العيد والمناسبات الخاصة تراثاً عريقاً وتقنيات فنية متقنة. يمكننا أن نلقي نظرة على بعض الجوانب الثقافية والغذائية التي ترتبط بهذه الحلوى الشهيرة.

الجوانب الثقافية:
تُعتبر المقروطة جزءاً لا يتجزأ من التراث الغذائي في بلاد الشام، وتشهد على الروابط الثقافية القوية بين مجتمعات المنطقة. يُعتبر تحضير المقروطة فناً يتم توريثه عبر الأجيال، حيث يتم تداول الوصفات والتقنيات بين الأمهات والجدات والبنات.

عادات وتقاليد تتعلق بتحضير المقروطة تشكل فرصة للعائلة للتجمع والاحتفال. يُعتبر تحضير هذه الحلوى محطة لتبادل القصص والتجارب بين أفراد الأسرة، مما يجعلها تحمل أبعاداً اجتماعية وتربوية.

الجوانب الغذائية:
من حيث المكونات، تحتوي المقروطة على عناصر غذائية متنوعة تمنحها قيمة غذائية. فالطحين يوفر الكربوهيدرات الضرورية للطاقة، في حين يضيف الحليب المغذيات والبروتينات. السمسم المحمص يمنح نكهة وقيمة غذائية إضافية، ويحتوي على الدهون الصحية.

اليانسون وحبة البركة يضيفان إلى المقروطة لمسة من النكهة الفريدة، مما يميزها عن غيرها من الحلويات. كما أن تحضير التمر للحشو يضفي عليها حلاوة طبيعية وفوائد صحية.

زيت الزيتون يسهم في تحقيق ليونة العجينة ويضيف نكهة خفيفة وجودة فريدة. هذا يبرز أهمية استخدام المكونات الطبيعية والمحلية في تحضير الأطعمة التقليدية، مما يعزز الاستدامة والتواصل مع المنطقة المحيطة.

بهذه الطريقة، تكون المقروطة ليست مجرد حلوى، بل هي قطعة فنية ذات طابع ثقافي عميق، تجمع بين الماضي والحاضر في رحاب الطهي التقليدي.