في عام 1989، قدمت العالمة الجنائية جورجيت بينيت للقراء عملاً بارزًا يعيد تشكيل فهمنا للجريمة ومستقبلها في الولايات المتحدة الأمريكية، تحت عنوان “Crimewarps: The Future of Crime in America”. يعد هذا الكتاب، الذي صدر تحت رعاية دار نشر Knopf Doubleday Publishing Group في مارس 1989، موردًا ثريًا ومفصلًا يسعى للغوص في أعماق قضايا الجريمة التي تشكل الخوف الأمريكي العام منها، مستكشفًا الأساطير الشائعة وموضحًا الحقائق بدقة.
جورجيت بينيت، بخبرتها الواسعة ونهجها العلمي، تتخذ من الإحصائيات الحديثة أداة لتوقع تحولات جذرية في مستقبل الجريمة. تناول الكتاب، بطريقة مثيرة للتفكير، كيف أن الخوف من الجريمة غالبًا ما يتأثر بالتصورات أكثر من الواقع. فمثلاً، يبين أن احتمالية ارتكاب الفرد للانتحار في سنة معينة تضاعف احتمالية تعرضه للقتل، وأن الفرد يواجه احتمالية أكبر بـ32 مرة لتعرضه لحادث سيارة مقارنة بأن يصبح ضحية لجريمة عنف في الشارع. كما يكشف أن احتمالية وفاة المرأة بمرض القلب تضاعف احتمالية تعرضها للاغتصاب.
من خلال تحليلها المعمق، تسلط بينيت الضوء على التأثير التموجي للقوى الاجتماعية الجديدة المتقاطعة في تغيير طبيعة الجريمة واستجابات المجتمع المتغيرة تجاهها. وقد وصفت صحيفة “The Washington Post” الكتاب بأنه يناقش بعمق كيفية تفاعل هذه القوى لصياغة مستقبل الجريمة، فيما وصفته “Kirkus Reviews” بأنه كتاب رائد ومبني على أسس بحثية قوية، ومع ذلك فهو سهل الهضم.
يقدم “Crimewarps” للقارئ ليس فقط تحليلًا للبيانات الجرمية الحالية ولكن أيضًا توقعات مستقبلية تشمل تأثير التكنولوجيا، التحولات الديموغرافية، وتغير السياسات العامة على أنماط الجريمة. الكتاب، بجوهره، يمثل دعوة لإعادة النظر في كيفية تفكيرنا واستجابتنا للجريمة، مؤكدًا على الحاجة إلى نهج مبتكر ومتعدد الأوجه للوقاية من الجريمة ومكافحتها.
إن القيمة الحقيقية لهذا العمل تكمن في قدرته على إلقاء الضوء على الجوانب الغير مرئية للجريمة وتأثيراتها، مما يجعله موردًا لا غنى عنه لكل من يسعى لفهم أعمق لهذه القضية المعقدة والبحث عن طرق فعالة لمعالجتها. من خلال توفير هذه الرؤى الشاملة، يدعم الكتاب جهود الحد من الجريمة، مقدمًا للمشرعين، الباحثين، والمجتمع المدني بالأدوات اللازمة لتشكيل استراتيجيات أكثر فعالية وإنسانية في التعامل مع الجرائم وتأثيراتها الواسعة.