في “نقطة الغليان: الديمقراطيون، الجمهوريون، وتراجع رخاء الطبقة الوسطى” الذي كتبه Kevin P. Phillips، يتناول الكتاب تفاصيل انتخابات عام 1992 حيث انخرطت الدعم السياسي لجورج بوش في هبوط يفوق الدعم الذي حظي به هيربرت هوفر في عام 1932، حيث صوتت العديد من ضواحي الطبقة الوسطى للحزب الديمقراطي وشهدت حملة روس بيروت ارتفاعاً ملحوظاً. وفي هذا السياق، يظهر كيف كشفت هذه الانفجارات الشعبوية عن قوة سياسية جديدة قوية: الإحباط الشامل تجاه تراجع رخاء الطبقة الوسطى وتهديد لحلم الأمريكيين.
مسألة بيوت المراهقين في ضواحي شيكاغو… انهيار قيم المنازل في جنوب كاليفورنيا… أسوأ سوق عمل لخريجي الجامعات في مدينة نيويورك منذ الكساد الكبير: كل ذلك أدى إلى أحد أكبر التراجعات الاقتصادية في عقود، مستنيراً فوضى سياسية لا مثيل لها خلال ستين عامًا. كانت هناك انخفاضات سابقة، ولكن لم يؤذي أي انخفاض ما بعد الحرب العالمية الثانية الطبقة الوسطى البيضاء ككل، أو يثير مخاوف بفقدان الامتيازات الاقتصادية الفريدة التي استمتع بها الأمريكيون منذ الحرب العالمية الثانية. يُظهر “نقطة الغليان” بتفصيل محزن ما حدث للطبقة الوسطى منذ السبعينيات في الدخل الصافي، والأرباح، وقيم المنازل، وفرص العمل، والخدمات العامة، والأصول والقيمة الصافية، وسلامة التقاعد والتأمين الصحي، وآفاق الجيل القادم للاستمتاع بنفس معايير المعيشة الارتفاعية والتنقل الاجتماعي كما فعل آباؤهم. ولم يكن هذا ناتجًا طبيعيًا للاتجاهات العالمية السلبية ولكن من خيارات سياسية متعمدة.
في فترة ريغان وبوش، كان قادة أمريكيون كانوا يدافعون في السابق عن الأسرة العادية، ولكنهم كانوا يحتفلون في هذه الفترة بالمستثمرين والمضاربين والأثرياء، نقلوا عبء الضرائب من الأثرياء إلى الطبقة الوسطى، في حين كانوا يحرمون الخدمات العامة ويتجاهلون الدين المتزايد الذي سيعاقب الأجيال القادمة. الغضب الشعبوي الذي كان بارزًا جداً في عام 1992 ليس ظاهرة لمرة واحدة. سيظل هذا الغضب، وفقًا لتقديرات فيليبس، حتى تستأنف الطبقة الوسطى الطريق إلى الرخاء تحت سياسات حكومية تعتبرها عادلة. إنها هذه النقطة التي تعتمد عليها سياسات التسعينات.