تقف هذه الكتابة الثرية والموسّعة أمامنا كنافذة مفتوحة نحو عالم العقائد والمذاهب الفكرية التي تمتد عبر تاريخ البشرية، وهي جهد مبارك يسعى إلى فهم أعمق لجذور الاعتقادات والتفكيرات التي شكّلت واستمرت في تشكيل ثقافات وحضارات البشر على مر العصور. فباستنادنا إلى تأليف الأستاذ حسان شهاب الدين، نجد أنفسنا أمام مرشد موثوق ومبدع، يقودنا في رحلة مثيرة لاستكشاف أعماق العقائد والفلسفات.
تبدأ الرحلة بفتح أبواب الفهم لمفهوم العقيدة الإيمانية، حيث يُسلّط الضوء على المعاني الجوهرية التي تنطوي عليها، والتي تمثل أساسًا لبناء الهويات الثقافية والدينية للشعوب. ومن هنا، ينغمس القارئ في متاهات الفكر البشري وثقافته، حيث تُسلط الضوء على تفاصيل المذاهب الفكرية المتعددة التي تمتد من شرق العالم إلى غربه.
بتماسك ووضوح، يقدم الكتاب رصدًا شاملًا لأبرز المذاهب الفلسفية والفكرية التي تعكس تطور العقول وتبوء مكانتها في تشكيل المجتمعات وتوجيه مسارات التاريخ. فنجد أنفسنا واقفين أمام تحليل متأنٍ لمسارات الفلسفة اليونانية مع سقراط وأفلاطون وأرسطو، ومعانقين أفكار المدارس الفكرية الأخرى منها الطبيعية والمادية والسفسطائية.
ولا تقف الرحلة هنا، بل تتوسّع لتشمل تقديم نظرة عميقة على المذاهب الدينية السماوية كاليهودية والنصرانية والإسلام، والتي تُشكل جوهر التفاعل الثقافي بين البشر عبر التاريخ. ومع تلك العقائد السماوية، يتم تسليط الضوء على العقائد الدينية غير السماوية مثل المجوسية والهندوسية والبوذية والكونفوشيوسية والتاوية والسنتية، التي تمثل مدى تنوّع الفكر البشري وتعقيداته.
ومع دخول عالم الفكر الحديث، يكشف الكتاب النقاب عن مذاهب الفكر الحديث مثل الماركسية والوجودية والظواهرية، ويستكشف بعض مذاهب الإلحاد التي أثرت على تفكير الإنسان المعاصر. وفي ذلك، يجد القارئ نفسه مغمورًا في تحليل عميق للتيارات الفلسفية الحديثة ومساراتها التطورية.
باختصار، يُعتبر هذا الكتاب إضافة قيمة للمكتبة الفكرية، حيث يفتح آفاقًا جديدة للتفكير والتأمل في تعقيدات العقائد الإنسانية والمذاهب الفكرية، ويشجع على التفكير النقدي والاستقراء في خضم تحديات العصر الحديث.