تحليل الفيريتين وأهميته الصحية

تحليل الفيريتين: أهميته وأسباب تغير مستوياته في الجسم

الحديد من العناصر الأساسية في جسم الإنسان، ولا يقتصر دوره فقط على تشكيل الهيموغلوبين في الدم الذي يساهم في نقل الأوكسجين إلى خلايا الجسم، بل له دور حيوي في العديد من الوظائف البيولوجية الأخرى. من بين المؤشرات الحيوية المهمة التي تعكس حالة الحديد في الجسم هو الفيريتين، الذي يعد من البروتينات الرئيسية التي تخزن الحديد داخل الخلايا. يعتبر تحليل الفيريتين من الفحوصات الضرورية التي تساعد في تشخيص العديد من الاضطرابات المتعلقة بالحديد، مثل فقر الدم أو السمية الناتجة عن تراكم الحديد.

في هذا المقال، سنتناول كل ما يخص تحليل الفيريتين، من تعريفه ووظيفته، إلى الأسباب التي تؤدي إلى تغير مستوياته في الجسم وأهمية هذا التحليل في تشخيص الحالات الطبية المختلفة.

ما هو الفيريتين؟

الفيريتين هو بروتين موجود في معظم خلايا الجسم، لكن تركيزه الأكبر يتواجد في الكبد، الطحال، النخاع العظمي والعضلات. تكمن وظيفة الفيريتين في تخزين الحديد بشكل آمن داخل الخلايا، وبالتالي فإن الفيريتين يعمل كاحتياطي للحديد الذي يمكن للجسم أن يستخدمه عند الحاجة. يتكون الفيريتين من مركب بروتيني يمكنه تخزين الحديد داخل بنيته بشكل غير سام، وعند الحاجة، يمكنه إطلاق الحديد بشكل محكوم لاستخدامه في العمليات الحيوية المختلفة.

يعتبر الفيريتين مؤشرًا حساسًا لمستويات الحديد في الجسم. عندما يكون هناك نقص في الحديد، ينخفض مستوى الفيريتين في الدم، بينما يزداد مستواه في حالة تراكم الحديد في الجسم.

كيفية قياس مستوى الفيريتين في الدم

يتم قياس مستوى الفيريتين في الدم من خلال تحليل دم بسيط يعرف بـ “تحليل الفيريتين”. يتم سحب عينة دم من الوريد، ثم يتم قياس تركيز الفيريتين في البلازما. عادةً ما يعكس هذا التحليل بشكل غير مباشر كمية الحديد المخزنة في الجسم.

المعدلات الطبيعية للفيريتين في الدم

تختلف المعدلات الطبيعية للفيريتين في الدم بناءً على العمر والجنس. يمكن تقسيم المعدلات الطبيعية كما يلي:

• الرجال: يتراوح مستوى الفيريتين عادة بين 30 و 300 نانوغرام لكل مليلتر من الدم.

• النساء: يتراوح مستوى الفيريتين عادة بين 13 و 150 نانوغرام لكل مليلتر من الدم.

• الأطفال: يختلف مستوى الفيريتين لدى الأطفال بناءً على العمر، لكنه عادة ما يتراوح بين 20 و 100 نانوغرام لكل مليلتر من الدم.

قد تختلف هذه المعدلات من مختبر لآخر بناءً على الطرق المستخدمة في التحليل والمعدات المتاحة.

الأسباب التي تؤدي إلى تغير مستويات الفيريتين في الدم

يتأثر مستوى الفيريتين في الدم بالعديد من العوامل الصحية والبيئية. وفيما يلي بعض الأسباب الأكثر شيوعًا التي قد تؤدي إلى انخفاض أو زيادة مستوى الفيريتين في الجسم:

1. نقص الحديد (فقر الدم الناجم عن نقص الحديد)

يعتبر نقص الحديد من الأسباب الرئيسية لانخفاض مستوى الفيريتين في الدم. عندما يفتقر الجسم إلى الحديد الكافي لإنتاج الهيموغلوبين، يبدأ الجسم في استنفاد احتياطياته من الحديد المخزن في الفيريتين. إذا استمر النقص في الحديد لفترة طويلة، فإن مستوى الفيريتين في الدم ينخفض بشكل ملحوظ. يصاحب هذا عادةً أعراض مثل التعب، شحوب الجلد، الدوار وضيق التنفس.

2. تراكم الحديد (السمة الحديدية أو التسمم بالحديد)

في بعض الحالات، يمكن أن يرتفع مستوى الفيريتين في الدم نتيجة تراكم الحديد في الجسم. يعتبر مرض السمة الحديدية أحد الأسباب الرئيسية لهذه الحالة، حيث يحدث تراكم مفرط للحديد في الأنسجة والأعضاء. يشمل هذا المرض مجموعة من الاضطرابات الوراثية التي تؤدي إلى امتصاص مفرط للحديد من الطعام، مما يسبب تراكماً غير طبيعي للحديد في الأنسجة. من الأعراض المحتملة لهذه الحالة: آلام المفاصل، التعب المزمن، فشل الكبد، وأضرار في القلب.

3. الالتهابات الحادة والمزمنة

يعتبر الفيريتين بروتينًا التهابيًا، مما يعني أنه يمكن أن يرتفع في حالات الالتهابات الحادة أو المزمنة. فعند حدوث التهاب، يبدأ الجسم في إنتاج الفيريتين كجزء من الاستجابة المناعية. ولذلك، يمكن أن يكون الفيريتين المرتفع مؤشرًا على وجود التهاب في الجسم، وليس بالضرورة أن يشير إلى زيادة في مخزون الحديد.

4. أمراض الكبد

أمراض الكبد مثل التليف الكبدي أو التهاب الكبد المزمن قد تؤدي إلى زيادة مستويات الفيريتين في الدم. الكبد هو أحد الأعضاء الرئيسية التي تخزن الحديد، وعند تعرضه للتلف، يمكن أن يحدث تسرب للفيريتين إلى مجرى الدم، مما يرفع مستوياته.

5. بعض أنواع السرطان

يمكن أن يسبب السرطان زيادة في مستويات الفيريتين في الدم. في بعض أنواع السرطان، مثل سرطان الكبد أو اللمفوما، يمكن أن يرتفع مستوى الفيريتين كجزء من استجابة الجسم للمرض. كما أن الفيريتين قد يرتفع أيضًا نتيجة لوجود الأورام التي تؤثر على القدرة الطبيعية للجسم على معالجة الحديد.

6. التمارين الرياضية الشاقة

التمارين الرياضية الشاقة قد تؤدي إلى تغييرات مؤقتة في مستوى الفيريتين في الدم. يمكن أن ترفع مستويات الفيريتين مؤقتًا نتيجة للإجهاد الناتج عن التمرين، خاصة في الرياضيين المحترفين.

أهمية تحليل الفيريتين في التشخيص

يعتبر تحليل الفيريتين أداة حيوية في تشخيص العديد من الأمراض والاضطرابات التي تؤثر على مستويات الحديد في الجسم. يعتبر هذا التحليل من الأدوات الأساسية لتشخيص فقر الدم الناجم عن نقص الحديد، وكذلك لتشخيص الحالات التي تشمل زيادة الحديد في الجسم. يتيح تحليل الفيريتين للأطباء تحديد السبب الجذري لمستويات الحديد غير الطبيعية، مما يساعد في اتخاذ القرارات العلاجية المناسبة.

1. تشخيص فقر الدم الناجم عن نقص الحديد

من خلال تحليل الفيريتين، يمكن للأطباء تحديد ما إذا كان نقص الحديد هو السبب وراء الأعراض التي يعاني منها المريض، مثل التعب العام أو ضيق التنفس. إذا كانت مستويات الفيريتين منخفضة، فإن هذا يشير عادةً إلى أن الجسم يعاني من نقص في الحديد، وبالتالي يحتاج المريض إلى مكملات حديد أو تغييرات في النظام الغذائي.

2. تشخيص السمة الحديدية

يساعد تحليل الفيريتين في تشخيص حالات التسمم بالحديد أو السمة الحديدية. عندما يكون مستوى الفيريتين مرتفعًا بشكل غير طبيعي مع مستويات الحديد الطبيعية أو المرتفعة، قد يشير ذلك إلى وجود تراكم للحديد في الجسم.

3. متابعة علاج الأمراض المزمنة

يساعد تحليل الفيريتين في مراقبة تقدم العلاج للمرضى الذين يعانون من حالات مزمنة مثل أمراض الكبد أو السرطان. قد تزداد مستويات الفيريتين في الدم أثناء العلاج، ولذلك يتم رصدها لمتابعة الحالة الصحية للمريض.

4. مراقبة علاج فقر الدم

في بعض الحالات، يطلب الأطباء تحليل الفيريتين لمراقبة فعالية علاج فقر الدم الناجم عن نقص الحديد. إذا كانت مستويات الفيريتين في الدم لا تزداد بعد تناول مكملات الحديد، فقد يكون هذا مؤشرا على أن العلاج غير فعال أو أن هناك مشكلة أخرى تؤثر على امتصاص الحديد في الجسم.

الخاتمة

تحليل الفيريتين هو أداة طبية أساسية لفهم الحالة الصحية المتعلقة بمستويات الحديد في الجسم. يعكس هذا التحليل ليس فقط مخزون الحديد في الجسم، بل يمكن أن يشير أيضًا إلى وجود التهابات، أمراض الكبد أو اضطرابات وراثية قد تؤثر على امتصاص الحديد. وبالنظر إلى أن الفيريتين يلعب دورًا حيويًا في العديد من العمليات البيولوجية، فإن مراقبته يمكن أن يساعد في التشخيص المبكر للكثير من الأمراض، وبالتالي تحسين نتائج العلاج والوقاية.