الموعد الذي يبدأ فيه تحري وقت ليلة القدر: هكذا يُحدد
ليلة القدر من أهم الليالي في الشهر الفضيل، وتعد واحدة من أعظم الليالي في تاريخ البشرية، حيث نزل فيها القرآن الكريم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وتعتبر ليلة القدر من الليالي التي ينتظرها المسلمون في كل عام، لما تحمله من فضل عظيم وأجر كبير، ويحث الإسلام على تحري هذه الليلة والقيام بالعبادات فيها طلبًا للمغفرة والرحمة من الله. ولقد أكد القرآن الكريم على عظمة هذه الليلة في قوله تعالى: “إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ. فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ” (الدخان: 3-4)، في إشارة إلى أهمية ليلة القدر ومكانتها الخاصة.
لكن، مع ذلك، لا يتم تحديد ليلة القدر بشكل دقيق إلا من خلال الاجتهاد وتحري علامات معينة، فما هي الطريقة المثلى لمعرفة الوقت الذي تبدأ فيه ليلة القدر؟ وكيف يمكننا تحديد موعد هذه الليلة المباركة؟
تعريف ليلة القدر
قبل التطرق إلى كيفية تحري موعد ليلة القدر، لا بد من الإشارة إلى معاني هذه الليلة وأهميتها. ليلة القدر هي ليلة من ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان” (متفق عليه). ومن هنا يتضح أن هذه الليلة ليست ثابتة في يوم معين من أيام رمضان، بل هي في العشر الأواخر من الشهر الفضيل، وفي الليالي الوترية تحديدًا.
بداية تحري وقت ليلة القدر
لتحري ليلة القدر، يبدأ المسلمون في العشر الأواخر من رمضان بتركيز العبادة والقيام بها بشكل مستمر، فالبحث عن ليلة القدر يتطلب اليقظة والانتباه، مع الإيمان بأن هذه الليلة تحمل أجرًا عظيمًا، وفيها يُقدر القدر لجميع عباد الله من خير وشر. وكلما اقتربنا من نهاية الشهر الكريم، زادت التوجهات لليلة القدر، حيث يُعتقد أن ليلة القدر يمكن أن تكون إحدى الليالي التالية:
-
الليلة 21 من رمضان
-
الليلة 23 من رمضان
-
الليلة 25 من رمضان
-
الليلة 27 من رمضان
-
الليلة 29 من رمضان
ويذكر في بعض الأحاديث الشريفة أن ليلة القدر تقع في الليالي الوترية من العشر الأواخر من رمضان، مما يعزز الظن بأنها تكون في الليالي 21، 23، 25، 27، أو 29 من الشهر. ومع ذلك، لا يوجد اتفاق قاطع بين العلماء حول تحديد ليلة القدر بدقة في يوم معين من الأيام، بل يُستحب تحريها في هذه الليالي، والعمل على الإكثار من العبادة والذكر فيها.
أهمية الليالي الوترية في العشر الأواخر
الليالي الوترية، التي تبدأ من الليلة 21، هي الأكثر شيوعًا في تحديد احتمالية وقوع ليلة القدر، حيث يأتي قول النبي صلى الله عليه وسلم: “تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان” (متفق عليه). ووفقا لهذا الحديث، فإن المسلم مطالب بالاجتهاد في العبادة في هذه الليالي الخمس الأخيرة من الشهر المبارك، آملاً في أن تصادف ليلة القدر.
علامات ليلة القدر
علماء الإسلام يشيرون إلى بعض العلامات التي قد تميز ليلة القدر عن غيرها من الليالي في رمضان. هذه العلامات هي إشارات قد تكون بمثابة دليل على أن هذه الليلة هي ليلة القدر المباركة، ومنها:
-
الهدوء والسكينة: ليلة القدر عادة ما تكون ليلة هادئة ومريحة، حيث يشعر المسلمون بالسكينة والطمأنينة في هذه الليلة، وهو شعور عميق لا يُشعر به في باقي الليالي.
-
الجو المعتدل: في بعض الروايات، يُذكر أن الجو في ليلة القدر يكون معتدلاً، لا حارًا ولا باردًا، مما يزيد من الراحة النفسية والجسدية للعباد.
-
نور غير معتاد: يشير البعض إلى أن هذه الليلة تتسم بنوع من النور أو الضوء الذي لا يكون شائعًا في الليالي الأخرى.
-
النجوم اللامعة: من العلامات التي يذكرها بعض المسلمين، هو رؤية النجوم بطريقة غير عادية، حيث تبدو أكثر سطوعًا ووضوحًا.
-
سهولة العبادة: يشعر المسلم في ليلة القدر بفرح غير عادي أثناء الصلاة والعبادة، فينعم بوجود الله تعالى وكأن هذه الليلة خير من ألف شهر كما ورد في الحديث الشريف: “ليلة القدر خير من ألف شهر” (القدر: 3).
-
الرياح: في بعض البلدان، هناك من يلاحظ هدوء الرياح في ليلة القدر، وكأن الكون كله في حالة من السكون والتوقير لهذه الليلة المباركة.
كيف يتم تحري وقت ليلة القدر في العصر الحديث؟
رغم أن تحري ليلة القدر كان يعتمد سابقًا على الرؤية البصرية والتجربة الفردية والروحانية التي يتمتع بها المسلمون، فإن العصر الحديث قد أتاح للعديد من المسلمين إمكانية التحري بشكل أكثر دقة باستخدام الحسابات الفلكية.
وفي هذا السياق، هناك العديد من التطبيقات والبرامج الفلكية التي توفر للمسلمين معلومات دقيقة عن مواقيت الصلاة والطقوس الدينية الأخرى، بما في ذلك تحري موعد ليلة القدر في بعض الدول والمناطق. هذه التقنيات يمكن أن تكون مفيدة للمساعدة في تحديد بداية ونهاية العشر الأواخر من رمضان، والليالي التي يحتمل أن تكون فيها ليلة القدر.
كيف يحدد علماء الفلك موعد بداية العشر الأواخر من رمضان؟
من خلال الحسابات الفلكية، يمكن تحديد الموعد التقريبي لبداية العشر الأواخر من رمضان، والتي تبدأ من ليلة 21 من رمضان، ويستمر التحري على هذه الأساس حتى نهاية الشهر. ولكن في بعض الأحيان، قد يختلف الموعد حسب رؤية الهلال في بعض الدول، مما يؤدي إلى اختلاف في تحديد بداية رمضان نفسه، وبالتالي قد يتغير تحديد العشر الأواخر.
من خلال استخدام الأساليب الحديثة في تحديد الأوقات، يمكن للمسلمين متابعة التقويم الهجري ومعرفة الوقت الدقيق لبداية كل ليلة من ليالي العشر الأواخر. وهذا يساعدهم على تحري ليلة القدر بشكل أكثر تنظيماً ودقة.
خاتمة
تحري موعد ليلة القدر هو أمر يُحفز المسلمين على الاجتهاد في العبادة خلال العشر الأواخر من شهر رمضان، والقيام بالصلاة والدعاء في تلك الليالي المباركة التي تحمل بين طياتها فضلًا عظيمًا من الله سبحانه وتعالى. وعلى الرغم من أنه لا يمكن تحديد ليلة القدر بدقة في يوم معين، إلا أن الاجتهاد في العبادة خلال هذه الفترة هو أفضل سبيل للاستفادة من هذا الأجر العظيم.
