تحجر بطن الحامل: الأسباب، الأنواع، الدلالات الطبية وطرق التعامل

يُعد تحجر البطن عند الحامل من أكثر الأعراض شيوعًا خلال فترة الحمل، وقد يثير هذا العرض الكثير من القلق لدى النساء الحوامل، خاصةً إذا كان مصحوبًا بانقباضات أو ألم أو ضيق مفاجئ في البطن. وعلى الرغم من أن التحجر لا يكون بالضرورة دلالة على مشكلة صحية خطيرة، فإنه يمكن أن يكون أحيانًا إشارة إلى حدوث تغييرات مهمة في الرحم أو مؤشراً على اقتراب موعد الولادة. يتفاوت تحجر البطن في شدته وتواتره حسب مرحلة الحمل، والحالة الصحية للأم، وعدد مرات الحمل السابقة. وفي هذا المقال، سيتم تناول تحجر البطن أثناء الحمل بشكل مفصل، من حيث أسبابه الطبية والفيزيولوجية، أنواعه، أوقات حدوثه، مخاطره المحتملة، والفروق بينه وبين أنواع أخرى من انقباضات الرحم، إضافة إلى الطرق الموصى بها للتعامل معه.

أولاً: ما هو تحجر بطن الحامل؟

تحجر البطن هو الشعور بصلابة أو انقباض في عضلات الرحم، ويُوصف غالبًا بأنه شد أو صلابة غير معتادة في منطقة أسفل البطن، وقد يمتد الشعور أحيانًا إلى الفخذين أو أسفل الظهر. تشعر الحامل في هذه الحالة بأن بطنها أصبح “كالحجر”، ومن هنا جاء مصطلح “تحجر البطن”. يمكن أن يكون هذا التحجر عابرًا يدوم لعدة ثوانٍ إلى دقائق، وقد يتكرر بشكل دوري أو متقطع.

ثانياً: الأسباب الرئيسية لتحجر بطن الحامل

1. انقباضات براكستون هيكس (Braxton Hicks Contractions)

تُعرف هذه الانقباضات أيضًا باسم “الطلق الكاذب”، وهي انقباضات غير منتظمة وغير مؤلمة تحدث عادةً في الثلث الثاني أو الثالث من الحمل. تُعد هذه الانقباضات تمرينًا للرحم استعدادًا للولادة، وهي من الأسباب الشائعة لتحجر البطن. تتميز براكستون هيكس بأنها غير منتظمة، لا تزداد شدتها مع الوقت، ولا يصاحبها نزيف أو فقدان للماء الأمنيوسي.

2. النمو الطبيعي للجنين وتمدد الرحم

مع تقدم الحمل ونمو الجنين، يبدأ الرحم بالتمدد لاستيعاب الحجم الجديد، مما يؤدي إلى شد في أربطة الرحم وانقباضات عضلية خفيفة تؤدي إلى الشعور بالتحجر. يحدث هذا غالبًا في الثلث الثاني من الحمل ويزداد وضوحًا في الثلث الثالث.

3. النشاط البدني المفرط أو الحركة المفاجئة

قيام الحامل بحركات مفاجئة مثل النهوض بسرعة أو ممارسة مجهود بدني زائد قد يؤدي إلى تحفيز عضلات الرحم وتحجر البطن بشكل مؤقت.

4. امتلاء المثانة أو الجهاز الهضمي

امتلاء المثانة أو الأمعاء بالغازات أو البراز يمكن أن يضغط على الرحم ويسبب شعورًا مؤقتًا بالتحجر. هذا التحجر يختفي غالبًا بعد التبول أو التغوط.

5. العدوى البولية أو التهابات الجهاز التناسلي

قد تؤدي بعض الالتهابات، خاصة التهابات المسالك البولية أو المهبل، إلى تهيج الرحم وتحفيز تحجره. وهذه الحالة تحتاج إلى علاج طبي فوري لتفادي المضاعفات.

6. التحفيز الجنسي أو الجماع

يمكن أن يؤدي الجماع إلى تحفيز عضلات الرحم وانقباضها، مما يسبب تحجر البطن خاصة إذا كانت الحامل في الثلث الأخير من الحمل. وغالبًا ما يكون هذا التحجر مؤقتًا وغير ضار.

7. اقتراب موعد الولادة

في الأسابيع الأخيرة من الحمل، قد يحدث تحجر للبطن كجزء من علامات بداية المخاض الحقيقي. وغالبًا ما يترافق هذا التحجر مع طلق منتظم، آلام أسفل الظهر، ونزول الماء أو الدم.

ثالثاً: أنواع تحجر بطن الحامل حسب المرحلة الزمنية

رابعاً: الفرق بين تحجر البطن والانقباضات الحقيقية

من المهم التمييز بين تحجر البطن العارض والانقباضات الحقيقية التي تدل على المخاض. يُوضح الجدول التالي أهم الفروق بين الحالتين:

خامساً: تحجر البطن ومتى يصبح خطيراً؟

على الرغم من أن تحجر البطن غالبًا ما يكون ظاهرة طبيعية، إلا أنه قد يشير أحيانًا إلى مشكلة صحية تستدعي التدخل الطبي العاجل، خصوصًا في الحالات التالية:

• تحجر مستمر لا يزول مع الراحة

• تحجر يصاحبه نزيف مهبلي أو إفرازات غير طبيعية

• تحجر مصحوب بآلام شديدة أسفل الظهر أو البطن

• تحجر يترافق مع انخفاض ملحوظ في حركة الجنين

• ارتفاع في درجة الحرارة أو أعراض عدوى

• نزول السائل الأمنيوسي

في هذه الحالات، يُنصح بزيارة الطبيب فورًا لإجراء الفحوصات اللازمة والتأكد من عدم وجود ولادة مبكرة أو مشاكل في المشيمة.

سادساً: العوامل التي تزيد من احتمالية تحجر البطن

بعض النساء يكنّ أكثر عرضة للتحجر المتكرر في البطن أثناء الحمل، وتشمل العوامل المساعدة:

• الحمل بتوأم أو أكثر

• وجود سوابق ولادة مبكرة

• وجود تاريخ طبي لاضطرابات الرحم أو عنق الرحم

• ممارسة مجهود بدني زائد

• نقص شرب السوائل أو الإصابة بالجفاف

• فقر الدم أو سوء التغذية

سابعاً: كيفية التعامل مع تحجر بطن الحامل

الراحة وتغيير الوضعية

أحد أكثر الطرق فاعلية في تقليل تحجر البطن هو أخذ قسط من الراحة أو الاستلقاء على الجانب الأيسر، حيث يساعد ذلك على تحسين تدفق الدم إلى الرحم وتخفيف الانقباضات.

الترطيب الجيد

يجب على الحامل شرب كميات كافية من الماء يوميًا، لأن الجفاف يعتبر من أهم مسببات انقباضات براكستون هيكس.

تجنب الإجهاد

توصى الحوامل بتجنب رفع الأوزان الثقيلة أو الوقوف لفترات طويلة، خاصة في الثلث الثالث من الحمل.

الحمام الدافئ

أخذ حمام دافئ (ليس ساخنًا جدًا) يمكن أن يساعد في إرخاء عضلات الرحم وتخفيف الشعور بالتحجر.

الامتناع عن الجماع عند الضرورة

في حال ملاحظة تكرار تحجر البطن بعد الجماع، قد يُنصح بتقليله أو التوقف عنه مؤقتًا بناءً على نصيحة الطبيب.

ثامناً: متى يجب مراجعة الطبيب؟

يجب التوجه إلى الطبيب في الحالات التالية:

• تحجر البطن يصاحبه أعراض ولادة مبكرة

• وجود نزيف أو تغير في الإفرازات المهبلية

• تحجر متكرر أكثر من 4 مرات في الساعة قبل الأسبوع 37

• فقدان حركة الجنين أو ضعفها بشكل واضح

يُجري الطبيب عادة فحصًا سريريًا يتضمن قياس الانقباضات، وفحص عنق الرحم بالسونار أو باليد، وتحاليل بول ودم لاستبعاد وجود التهاب أو ولادة مبكرة.

تاسعاً: علاقة تحجر البطن بنوع الجنين أو جنس المولود

لا توجد علاقة علمية مثبتة بين تحجر البطن وجنس الجنين، على الرغم من انتشار بعض المعتقدات الشعبية التي تربط بين كثرة تحجر البطن بالحمل بولد. وتبقى هذه الآراء غير مدعومة بأي دليل طبي موثوق، وتُعد مجرد خرافات تراثية لا أساس لها من الصحة.

عاشراً: نصائح عامة للوقاية من تحجر البطن المزعج

• اتباع نظام غذائي متوازن يحتوي على الحديد والمغنيسيوم

• مراقبة حركة الجنين بانتظام

• تنظيم ساعات النوم والحصول على قدر كافٍ من الراحة

• الابتعاد عن مصادر التوتر النفسي

• المراجعة الدورية للطبيب المتابع للحمل

المراجع:

1. American College of Obstetricians and Gynecologists (ACOG). https://www.acog.org

2. Mayo Clinic. “Braxton Hicks contractions.” https://www.mayoclinic.org