تاريخ منتخب البرتغال لكرة القدم

تاريخ منتخب البرتغال لكرة القدم

يعد منتخب البرتغال لكرة القدم واحدًا من أبرز المنتخبات في تاريخ كرة القدم الأوروبية والعالمية. على الرغم من أن الفريق لم يحقق بعض البطولات الكبرى في بداية مشواره، إلا أنه استطاع أن يصبح أحد القوى المؤثرة في الساحة العالمية خلال العقود الأخيرة. من خلال مسيرة مليئة بالتحديات والإنجازات، شهد منتخب البرتغال تطورًا ملحوظًا حتى أصبح أحد أفضل المنتخبات في تاريخ اللعبة. يتناول هذا المقال التاريخ الطويل والمعقد للمنتخب البرتغالي، ابتداءً من بداياته المتواضعة وصولًا إلى إنجازاته الحديثة.

البداية المبكرة: تأسيس المنتخب

تأسس الاتحاد البرتغالي لكرة القدم في عام 1914، ومع ذلك، لم يكن المنتخب البرتغالي قادرًا على المشاركة في البطولات الدولية بشكل منتظم في أولى سنواته. فقد كانت البداية مليئة بالتحديات، حيث كانت البرتغال تعتمد على مجموعة من اللاعبين المحليين للمشاركة في المباريات الدولية، ولكن النتائج لم تكن متسقة. شارك المنتخب البرتغالي لأول مرة في المباريات الدولية بشكل رسمي في عام 1921 عندما خاضوا مباراة ودية ضد إسبانيا، والتي انتهت بتعادل 3-3.

رغم قلة مشاركاته في البطولات الكبيرة، بدأ منتخب البرتغال في تزويد نفسه بلاعبين موهوبين، وشيئًا فشيئًا بدأ الفريق يثبت قدميه على الساحة الدولية. بحلول منتصف القرن العشرين، بدأ المنتخب في تشكيل أسلوب لعب مميز، لكن سرعان ما لاحظ الجميع أن البرتغال كانت دائمًا تفتقر إلى استقرار حقيقي في الأداء الجماعي.

الحقبة الذهبية: السبعينات والثمانينات

لم يكن ظهور منتخب البرتغال في البطولات الكبرى خلال السبعينات والثمانينات يرضي طموحات الجماهير البرتغالية. رغم أن البرتغال كان لديها بعض اللاعبين الموهوبين مثل إيوان كوينتا و أوزيبيو دا سيلفا فيريرا، لم يتمكن الفريق من تحقيق أي فوز كبير في البطولات العالمية. إلا أن أوزيبيو، أحد أبرز اللاعبين في تاريخ البرتغال، أصبح نجمًا لا ينسى عندما قاد الفريق إلى نصف نهائي كأس العالم 1966 في إنجلترا، حيث تمكن الفريق من تحقيق المركز الثالث، مما يعتبر أحد أفضل إنجازاته في تاريخه.

مع مرور الوقت، بدأت البرتغال في تحسين استراتيجياتها التدريبية وتطوير اللاعبين الشبان، ولكنها لم تتمكن من التأهل إلى النهائيات بشكل ثابت. ومع ذلك، كانت البطولات الأوروبية ككأس أمم أوروبا 1984 و 1988 شاهدة على تطور الفريق من حيث الأداء والتكتيك، رغم أنهم لم يحققوا التتويج.

العودة القوية: التسعينات وبداية الألفية

شهدت التسعينات بداية فترة جديدة للمنتخب البرتغالي، فقد بدأ الفريق في التسلح بلاعبين موهوبين على مستوى عالٍ. من أبرز هؤلاء اللاعبين كان لويس فيغو، الذي يُعتبر واحدًا من أعظم اللاعبين في تاريخ البرتغال. كان فيغو قائدًا للفريق وساهم بشكل كبير في تحسين أداء المنتخب. لقد أظهر المنتخب البرتغالي خلال هذه الفترة تطورًا كبيرًا من حيث التكتيك والانضباط الفني، مما سمح له بالتأهل إلى بطولات كأس العالم وكأس أمم أوروبا.

في كأس العالم 2002 في كوريا واليابان، استطاع المنتخب البرتغالي أن يقدم أداءً رائعًا حيث تأهل إلى ربع النهائي، لكنهم خرجوا بعد خسارة مفاجئة. إلا أن التحسن الواضح في مستوى الفريق كان بداية لفترة ذهبية جديدة في تاريخ البرتغال. في كأس أمم أوروبا 2004، كان المنتخب البرتغالي المرشح الأوفر حظًا للفوز بالبطولة. وقد وصل الفريق إلى النهائي، حيث لعب ضد المنتخب اليوناني في مباراة مثيرة انتهت بخسارة البرتغال 1-0، وهو ما شكل صدمة لجماهيرهم.

الذروة: كأس الأمم الأوروبية 2016

على الرغم من خيبة أمل 2004، إلا أن منتخب البرتغال لم يستسلم، وواصل مسيرته حتى نجح في تحقيق أحد أكبر إنجازاته في تاريخه في عام 2016. في بطولة كأس الأمم الأوروبية 2016 في فرنسا، فاز المنتخب البرتغالي بالبطولة بعد مسيرة رائعة أظهرت صلابة وقوة الفريق. تحت قيادة المدرب فرناندو سانتوس، تمكن الفريق من تجاوز العديد من العقبات الكبرى، بما في ذلك الفوز على منتخب فرنسا في النهائي بهدف وحيد سجله إيدر في الشوط الإضافي. كانت هذه اللحظة تاريخية بكل المقاييس، حيث أصبحت البرتغال بطلًا لأوروبا لأول مرة في تاريخها.

ساهمت مجموعة من اللاعبين الموهوبين في هذا الإنجاز، منهم كريستيانو رونالدو، الذي كان نجم الفريق بلا منازع. على الرغم من إصابته في النهائي، إلا أن دوره القيادي في البطولة كان حاسمًا، حيث لعب دورًا كبيرًا في تحفيز زملائه خلال المباريات السابقة. تلك البطولة كانت بمثابة التتويج للكثير من الجهود التي بذلها المنتخب البرتغالي على مدار سنوات طويلة.

التحديات والمستقبل:

رغم التتويج القاري الكبير في 2016، لم يكن الطريق إلى المجد بالنسبة للمنتخب البرتغالي خاليًا من التحديات. على الرغم من نجومية رونالدو واستمرار البرتغال في إنتاج لاعبين رائعين مثل برناردو سيلفا و دييغو جوتا، فإن المنتخب كان يواجه صعوبات في الحفاظ على الاستقرار في الأداء خلال المباريات الكبرى. لكن المنتخب البرتغالي نجح في التأهل إلى كأس العالم 2018 في روسيا، حيث وصل إلى دور الـ 16، ولكنهم خرجوا على يد منتخب أوروجواي.

تستمر البرتغال في جهودها لتقديم جيل جديد من اللاعبين الموهوبين للمنافسة على البطولات العالمية، ويعكس ذلك التغير في الأسلوب التكتيكي الذي طوره المدرب سانتوس، مع الاعتماد على مهارات اللاعبين الشبان. يبقى كريستيانو رونالدو أحد أعمدة الفريق، ولكن بروز لاعبين مثل روا باتريشيو و جواو فيليكس يثبت أن البرتغال لن تبقى فقط في دائرة التأثير القوي، بل ستسعى لتحقيق المزيد من النجاحات في المستقبل.

الإنجازات الرئيسية للمنتخب البرتغالي:

1. كأس الأمم الأوروبية 2016: أول فوز للمنتخب البرتغالي في بطولة كبرى.

2. دوري الأمم الأوروبية 2019: فوز آخر يضيف إلى سجل البرتغال.

3. المركز الثالث في كأس العالم 1966: إنجاز تاريخي بقيادة أوزيبيو.

4. التأهل المستمر إلى البطولات الكبرى: كأس العالم وكأس الأمم الأوروبية بشكل منتظم.

خاتمة

من بداية متواضعة إلى التألق على الساحة الأوروبية والعالمية، يظل تاريخ منتخب البرتغال لكرة القدم مليئًا بالتحديات والإنجازات التي جعلت منه أحد أقوى الفرق في كرة القدم الدولية. من الجيل الذهبي الذي قاده أوزيبيو إلى جيل كريستيانو رونالدو، سيظل منتخب البرتغال أحد المنتخبات التي تلهم الأجيال الجديدة، ويبدو أن لديه الكثير ليقدمه في المستقبل على المستوى الدولي.