في الأواخر من القرن التاسع عشر، عاشت منطقة مصر الجديدة في هدوء وسكينة، حيث كانت تتمتع بطبيعة هادئة وشوارع واسعة لا تحتاج إلى توسيع. ولكن في فترة لم تكن بالطويلة، شهد الشارع تحولاً ملحوظاً بفعل عمليات إعادة رصف وتوسيع، حيث انطلقت جيوش من العمال تعمل على كسر الرصيف ونزع طبقة الأسفلت. كان المشهد غامضًا، ولم أكن قادرًا على فهم السبب وراء هذا التدخل الكبير، خاصةً حينما تبين أنهم قاموا بنزع تماماً قضبان مترو مصر الجديدة، الذي كان يمثل جزءاً لا يتجزأ من تاريخ المنطقة.
كان مترو مصر الجديدة يحمل في طياته ذكريات لكل من سكن تلك الأراضي، خاصةً بين الذين تجاوزوا الأربعين. لا يمكن لأحد أن ينكر تأثيره العميق، سواء كانوا قد ركبوه أو حملوا في قلوبهم العديد من الذكريات. وبينما تحتفظ معظم الدول بخطوط المترو القديمة كجزء من تراثها، تمت توسيع الشارع بتضحية خط المترو، وبالرغم من تحسن ملموس في عرض الشارع، فإن هذا القرار أثار حزناً في قلبي.
كان لمترو مصر الجديدة أهمية كبيرة في حياة سكان المنطقة، وبالأخص بعد حادثة اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات في أكتوبر 1981. كانت تلك الفترة ذات أهمية استثنائية، حيث تولى الرئيس الراحل حسني مبارك السلطة. ومن أجل تأمينه، تم تغيير مسار خط المترو ليمر عبر شارعنا، لتحوله إلى شريك في حياتنا منذ ذلك الحين. وعندما بدأت المرحلة الثالثة من مترو الأنفاق، تم تدريجياً إلغاء الخط القديم، ولكن بقيت القضبان قائمة حتى تمت إزالتها قبل بضعة أشهر، مما أثار آمالي في تطويره ولكن دون جدوى.
لكن ما يجذب في قصة المترو هو ليس فقط الحادثة الجارية التي أدت إلى تأسيسه، بل هو الرابط بين تلك الفترة الزمنية وتطوره. كانت منطقة مصر الجديدة، في الأصل، منطقة فرعونية، وقد قام البارون البلجيكي إدوارد أمبان في عام 1905 بشراء أراض واسعة هناك لإقامة مشروع سكني. كان هذا البارون قد أثرى المنطقة بقصره الفريد، الذي بني على الطراز الهندي، وأضفى عليها طابعًا استثنائيًا.
مع مرور الوقت، تطورت مصر الجديدة من منطقة صحراوية إلى حي حديث يضم العديد من المرافق والجامعات، وبات لديها اسمها الفرعوني “هليوبوليس”. وهكذا، أصبحت المنطقة جزءًا من تاريخ مصر ومركزًا حضريًا نابضًا بالحياة.
لكن مع توسعة الشارع وإلغاء خط المترو، أصبح من المؤسف أن نرى نهاية رمز حضري مهم كمترو مصر الجديدة. كان لدينا الأمل في أن يظل هذا الرمز جزءًا من تراثنا الحضري وركيزة للجذب السياحي. ومع ذلك، يبقى لدينا الفضول لاستكشاف تفاصيل أكثر عن بداياته وربما الكشف عن الهدف الحقيقي وراء إقامته في تلك الفترة الزمنية.
المزيد من المعلومات
تستند قصة مترو مصر الجديدة إلى أحداث تاريخية هامة، خاصة في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. عندما قام البارون البلجيكي إدوارد أمبان بشراء الأراضي في منطقة مصر الجديدة في عام 1905، لم يكن يعلم أنه كان بصدد خلق تاريخ مميز لتلك المنطقة. قرر البارون بناء مشروع سكني فريد، وبنى قصرًا على الطراز الهندي ليمنح المنطقة هوية فريدة.
تطورت مصر الجديدة تدريجياً لتصبح حيًا حديثًا يتسم بالنمو والتنوع. في عام 1981، شهدت مصر الجديدة حدثًا تاريخيًا هو اغتيال الرئيس أنور السادات. هذا الحدث الصادم له الأثر الكبير على مستقبل المنطقة، حيث تولى حسني مبارك رئاسة البلاد. ولتأمين حياة الرئيس الجديد، تم تغيير مسار خط المترو ليمر عبر شارع مصر الجديدة، مما جعله شريكًا حيويًا في حياة سكان المنطقة.
في السنوات التالية، شهدت مصر الجديدة تطورات حضرية وتوسعًا في البنية التحتية. تمت توسيع الشوارع وتحسين البنية التحتية، ولكن ذلك جاء على حساب خط المترو القديم، الذي كان له دور كبير في حياة السكان. مع بداية المرحلة الثالثة من مترو الأنفاق، تم إلغاء الخط القديم تدريجياً، وأخذت قضبان المترو تزال من الشوارع.
رغم أن الأمل كان موجودًا في تطوير وتحسين الخط القديم، إلا أن الواقع كان مغايرًا، حيث تم إزالة القضبان وإلغاء المسار بالكامل خلال الفترة الأخيرة. يبقى سكان مصر الجديدة يحملون ذكريات جميلة وحزينة مع مترو مصر الجديدة، ويراقبون بحزن نهاية هذا الرمز الحضري الهام في تاريخهم.