كتاب “Pelican History of Psychology” للمؤلف ر. طومسون، والذي نُشر لأول مرة في يناير 1968 عن دار نشر “بليكان”، يعد من الأعمال المهمة في مجال علم النفس. يهدف هذا الكتاب إلى تقديم سرد تاريخي شامل لتطور علم النفس، من بداياته المبكرة وصولاً إلى ما وصل إليه في العصر الحديث. يعتبر الكتاب مرجعاً أساسياً لكل من يرغب في فهم الجذور التاريخية لهذا العلم وتطوراته عبر العصور.
في البداية، يتناول الكتاب تاريخ علم النفس من الزاوية الفلسفية، حيث يسلط الضوء على المفكرين الكلاسيكيين مثل أفلاطون وأرسطو، الذين طرحوا أولى الأفكار المتعلقة بالنفس البشرية وكيفية فهمها. يُبرز الكتاب كيف أن هذه الأفكار الفلسفية القديمة كانت الأساس الذي بُني عليه علم النفس فيما بعد. ومن ثم، ينتقل الكتاب إلى فترة العصور الوسطى والنهضة، حيث كانت الدراسات المتعلقة بالنفس مرتبطة بشكل كبير بالدين والفلسفة الدينية.
بعد ذلك، يستعرض طومسون تطور علم النفس خلال القرون التالية، بدءاً من القرن السابع عشر مع ظهور الفلسفة العقلانية والتجريبية. يشير الكتاب إلى الدور الكبير الذي لعبه ديكارت في وضع أسس الفلسفة العقلانية، وكذلك دور جون لوك وديفيد هيوم في تعزيز الفلسفة التجريبية، والتي أصبحت فيما بعد منبعاً لأفكار جديدة حول النفس البشرية وكيفية دراستها بشكل علمي.
مع بداية القرن التاسع عشر، يوضح الكتاب كيف بدأ علم النفس يتخذ شكل علم مستقل، بعيداً عن الفلسفة والدين. يشير طومسون إلى إسهامات علماء مثل فيلهلم فونت، الذي يُعتبر مؤسس أول مختبر لعلم النفس في لايبزيغ بألمانيا في عام 1879. كان لهذا الحدث دور محوري في تعريف علم النفس كعلم تجريبي يعتمد على الملاحظة والقياس بدلاً من التأمل الفلسفي.
كما يناقش الكتاب إسهامات علماء آخرين مثل ويليام جيمس، الذي يُعتبر من أوائل الذين أسسوا علم النفس في الولايات المتحدة. ساهم جيمس بشكل كبير في تطوير أفكار حول الوعي والإدراك، والتي أصبحت فيما بعد من المواضيع الرئيسية في علم النفس.
من جهة أخرى، يسلط الكتاب الضوء على تأثير النظريات المختلفة التي ظهرت خلال القرن العشرين على علم النفس. يتناول بشكل مفصل تأثير نظرية التحليل النفسي لفرويد، التي أثرت بشكل كبير على كيفية فهم النفس البشرية وعلاج الأمراض النفسية. بالإضافة إلى ذلك، يناقش الكتاب النظريات السلوكية التي ظهرت كرد فعل على التحليل النفسي، والتي ركزت على دراسة السلوك بدلاً من العمليات العقلية الداخلية.
يتطرق الكتاب أيضاً إلى تطور علم النفس في السياق الاجتماعي والثقافي. يناقش كيف تأثرت دراسة النفس البشرية بالتغيرات الاجتماعية والسياسية التي حدثت في القرن العشرين، مثل الحروب العالمية والتغيرات الاجتماعية الكبرى. كما يستعرض الكتاب كيف أن علم النفس أصبح مهتماً بدراسة قضايا مثل العنصرية والتمييز والهوية الثقافية، مما أدى إلى ظهور تخصصات جديدة في علم النفس الاجتماعي والثقافي.
في نهاية الكتاب، يقدم طومسون رؤية مستقبلية لعلم النفس، حيث يناقش التحديات التي يواجهها هذا العلم في العصر الحديث. يشير إلى أهمية مواكبة التطورات التكنولوجية والعلمية، وكيف يمكن لعلم النفس أن يستفيد من هذه التطورات في فهم أعمق للنفس البشرية.
بإجمال، يعتبر كتاب “Pelican History of Psychology” مرجعاً مهماً لأي شخص يرغب في فهم التاريخ العريق لعلم النفس. يقدم الكتاب سرداً شاملاً ومفصلاً لتطور هذا العلم، مع تسليط الضوء على الشخصيات الرئيسية والنظريات المهمة التي ساهمت في تشكيله. من خلال هذا السرد التاريخي، يتيح الكتاب للقراء فرصة فهم كيفية تطور علم النفس عبر العصور، وما هي التحديات التي واجهته وما زالت تواجهه في العصر الحديث.