“العولمة وخطاب الهوية” للدكتور محمد حسين نصر يمثل مسعى فلسفيًا عميقًا يتجاوز النظريات الجاهزة والشعارات السطحية، فهو يستكشف بعمق تأثيرات العولمة على الهوية والثقافة في العالم الغربي، ويناقش بجرأة تحدياتها ومخاطرها المتزايدة. يتناول الكتاب قضية العقل الغربي وتأثيراته السلبية على الهوية والثقافة، محاولاً فهم الظاهرة بعمق وتحليلها بشكل مفصل.
في الفصل الأول، يركز الكتاب على “المحورية الغربية للإنسان الآخر”، حيث يقدم نصر رؤية فلسفية تحليلية للمفاهيم التي طُرحت في السنوات الأخيرة، موضحاً أن هذه المفاهيم ليست جديدة تمامًا بل تعود إلى العمق التاريخي للفكر الغربي، وأن استخدامها الحالي يخدم مصالح الغرب بشكل أساسي دون النظر إلى تأثيراتها السلبية.
أما في الفصل الثاني، ينتقل نصر إلى استكشاف العولمة وأبعادها المتعددة، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية. يوضح كيف أن الغرب، بصفته العالم الرأسمالي، استغل التطورات العلمية والتكنولوجية لصالحه، متجاوزًا بذلك مبادئ الإنسانية وتجاهل أبعاد الإنسان والهوية في سبيل مصالحه الاقتصادية والسياسية.
يتميز الكتاب بأسلوب فلسفي عميق يتجاوز السطحية، حيث يقدم نقدًا موسعًا لتطورات الفكر الغربي ومنهجيته، مبرزًا تهافت الخطاب الغربي وبطلان مناهجه في مواجهة تحديات العولمة الحديثة. وبهذا، يمثل الكتاب إسهامًا قيمًا في فهم التحولات الفكرية والثقافية التي يشهدها العالم المعاصر، ويثير تساؤلات هامة حول مستقبل الهوية والثقافة في ظل تحديات العولمة.