نحن هنا أمام تحفة سينمائية تنسجم مع لوحة حياة مميزة تعبر عن فترة زمنية ذهبية، حيث كانت السينما ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل كانت أداة فعالة لنقل روح العصر وتعزيز القيم الاجتماعية والثقافية. لبنى عبد العزيز تظهر كنموذج للمرأة الفاعلة والمتأثرة بالفن السابع، حيث تعتبره لا مجرد تسلية بل فنًا يحمل رسائل اجتماعية قوية.
في رحلة طفولتها، كانت تهاني الجبالي تعيش في بيئة غنية بتنوع السينما، حيث كانت هناك تسعة دور سينما فاخرة في طنطا، تتيح للشباب والشابات فرصة الغوص في عوالم الخيال والتأثير الاجتماعي. إنها فترة تاريخية استثنائية، حيث كان الذهاب إلى السينما ليس مجرد نشاط ترفيهي، بل كان جزءًا من تكوين الفرد وفهمه للعالم من حوله.
سينما الخمسينات والستينات، في نظر تهاني الجبالي، كانت تعكس التطور الكبير الذي شهده المجتمع المصري بعد ثورة يوليو. كانت الأفلام تختار مواضيع تعكس قيم الحرية والاستقلال، وتساهم في بناء وعي جماعي يشمل الجوانب السياسية والدينية والاجتماعية. كانت السينما جزءًا حيويًا من النقاش الوطني والتفاعل مع التحولات الاجتماعية.
من خلال السينما، تمكن الجيل من توسيع آفاقه وفهم قضاياه وحقوقه بشكل أعمق. كانت السينما تقدم للمشاهدين فرصة لاستعراض القيم الوطنية والتشبث بالهوية الثقافية. لاحظت تهاني الجبالي أن السينما كانت تعتبر أداة لنقل الرسائل الاجتماعية بشكل مباشر وفعّال.
وفي محطة ذكرى أول تذكرة للسينما، يتجلى حنين الطفولة وبساطة اللحظة. كانت التذكرة تكلف تسعة مليم، والباقي تم تسديده بونبوناية. إن هذا اللحظات البسيطة تعكس عمق الارتباط بين الفرد والفن، حيث كانت السينما لا تمثل فقط وسيلة ترفيه، بل تجسد تجربة حياة.
ولا تكتفي تهاني الجبالي بذكر أفلامها المفضلة فحسب، بل تتحدث بفخر عن الدور الكبير الذي لعبته السينما في توجيه الانتباه للقضايا الاجتماعية، وتحديدًا قضايا المرأة والعمل والعائلة. كما تبرز دور السينما في تشكيل وجدان الشباب وفتح نوافذ للحوار الاجتماعي.
في ختام هذه الرحلة في ذاكرة التاريخ السينمائي، نجد أن تهاني الجبالي ليست مجرد شاهدة عابرة على تلك الفترة، بل هي أحد أعمدة هذا العصر الذهبي للسينما المصرية. إن تأثيرها كامرأة مثقفة وفاعلة لا يقتصر على تذكر أفلام ماضٍ، بل يعكس أيضًا تأثير السينما في تشكيل ذاكرة الأجيال وبناء هويتها.
المزيد من المعلومات
تتألق تهاني الجبالي كشاهدة على العصر الذهبي للسينما المصرية، فهي لا تكتفي بذكر الأفلام والتجارب الشخصية فقط، بل تقدم لنا لمحات أوسع عن كيف كانت تلك الفترة تتسم بالحيوية والتنوع الثقافي. إنها ليست مجرد قاصدة للسينما بل هي فاعلة تراقب التطورات وتتفاعل معها بشكل ملحوظ.
عندما تتحدث عن تأثير الأفلام والقضايا الاجتماعية، تظهر تهاني الجبالي كناقدة فنية ذات رؤية واعية. تشير إلى أن السينما كانت لا تقتصر على تقديم قصص تسلية بل كانت تعمل كوسيلة لنقل القضايا المهمة وتشكيل وجدان المجتمع. كما أنها تستعرض الدور الفاعل للمرأة في تلك الأفلام، مشيرة إلى كيفية تمثيلها لقضايا المرأة ودورها في المجتمع.
وفي سياق التغيرات الاجتماعية التي شهدها المجتمع المصري بعد ثورة يوليو، يبرز دور السينما كوسيلة لتعزيز الوعي والمشاركة المجتمعية. كانت الأفلام تعكس الرغبة في التحرر والتقدم، وكانت تسلط الضوء على قضايا الوطن والهوية الوطنية.
تشير تهاني الجبالي أيضًا إلى الدور المهم للسينما في ترسيخ قيم الوحدة الوطنية والانتماء، حيث كانت الأفلام تعكس التلاحم الوطني وتعزز الفخر بالهوية المصرية.
من خلال الحديث عن أفلام محددة مثل “أنا حرة” و”الناصر صلاح الدين” و”عائلة زيزي”، يظهر التنوع الذي كانت تقدمه السينما في تلك الفترة. كانت هناك قدرة فريدة للسينما المصرية على تجاوز الحدود والوصول إلى قلوب وعقول الجمهور بمواضيعها الملهمة.
وفي ذكرها للنجمة لبنى عبد العزيز، تكشف تهاني الجبالي عن التأثير الكبير الذي كانت تمتلكه في عالم الفن. تبرز قدرتها على تقديم شخصيات تتنوع بين القوة والهشاشة، مما يجعلها قدوة للشابات ومصدر إلهام للجيل الصاعد.
باختصار، إن رؤية تهاني الجبالي تكون شاملة للغاية، حيث تقدم لنا فهمًا غنيًا عن كيفية تأثير السينما على حياة الناس وتشكيل ثقافتهم ووعيهم الاجتماعي.